بورتريه

سيدة طوكيو "الحديدية" وعازفة درامز تقود الحزب الحاكم (بورتريه)

انتخابها قبل أيام زعيمة للحزب "الليبرالي الديمقراطي" الحاكم في اليابان يضعها على طريق أن تصبح أول رئيسة وزراء في تاريخ البلاد- عربي21
شخصيتها السياسية المفضلة ومثلها الأعلى هي  رئيسة وزراء بريطانيا الراحلة  مارغريت تاتشر التي عرفت بلقب "السيدة الحديدية"، وهي تريد أن تكون "السيدة الحديدية" في طوكيو.

انتخابها قبل أيام  زعيمة للحزب "الليبرالي الديمقراطي" الحاكم في اليابان، يضعها على طريق أن تصبح أول رئيسة وزراء في تاريخ البلاد المحافظة جدا والتي تقاوم رئاسة امرأة للحكومة.

وزيرة سابقة ومقدمة برامج تلفزيونية، وكانت أيضا عازفة درامز في فرقة موسيقى "الهيفي ميتال"، نوع من موسيقى الروك أند رول، كما كانت مهتمة بالدراجات النارية.

ساناي تاكايشي، المولودة في محافظة نارا عام 1961، كان والدها موظفا في شركة تابعة لشركة تويوتا، ووالدتها ضابطة شرطة في نارا.

تخرجت تاكايتشي من مدرسة أونيبي الثانوية في نارا، وعلى الرغم من تأهلها للتسجيل في جامعتي "كيو" و"واسيدا" في طوكيو، إلا أنها لم تلتحق بالجامعة لأن والديها رفضا تغطية الرسوم الدراسية إذا غادرت المنزل أو اختارت جامعة خاصة لأنها امرأة، وبدلا من ذلك، التحقت بجامعة "كوبي" وبعد التخرج، التحقت بمعهد "ماتسوشيتا ".

لم تكن السياسة جزءا من نشأتها أو محيطها العائلي، وبهدف الاطلاع على الحياة السياسية الأمريكية عن قرب، انتقلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1978 وعملت في مكتب النائبة الديمقراطية باتريشيا شرودر، المعروفة بانتقاداتها الحادة لليابان.

بعد عودتها إلى اليابان عملت محللة تشريعية ذات معرفة بالسياسة الأمريكية، وألفت كتبا مبنية على خبرتها، ثم أصبحت مذيعة في قناة "أساهي" التلفزيونية في عام 1989.

خاضت ساناي تاكايشي أول انتخابات برلمانية في اليابان عام 1992 كمستقلة، لكنها خسرت. لكن بعد انضمامها  إلى الحزب "الليبرالي الديمقراطي" عام 1996 نجحت في دخول البرلمان لتكون واحدة من الأصوات المحافظة داخل الحزب الذي بقيت ممثلة له  في البرلمان لنحو عشر سنوات ما بين عامي 1993 و2003.

تقلدت تاكايشي عدة مناصب حكومية منها، وزيرة الأمن الاقتصادي، ووزيرة الدولة للتجارة والصناعة، ووزيرة الشؤون الداخلية والاتصالات التي تسلمتها لفترة طويلة.

حاولت في عام 2021، خوض سباق قيادة الحزب لكنها خسرت في المرتين ولم تنجح إلا في محاولتها الثالثة، ما يمهد الطريق أمامها لتصبح أول رئيسة وزراء في تاريخ اليابان، بانتظار تصديق البرلمان على تعيينها بعد أيام قليلة، وهي مصادقة مضمونة.

فوزها بزعامة الحزب جاء عقب استقالة رئيس الوزراء شينغيرو إيشيبا إثر فقدان الحزب الحاكم أغلبيته في البرلمان خلال عامي 2024 و2025، ما اضطره إلى الحكم كحزب أقلية.

تُعرف ساناي تاكايشي بأنها محافظة متشددة، وكثيرا ما صرت بأن "هدفي هو أن أصبح السيدة الحديدية"، وهي تنتمي إلى الجناح اليميني داخل الحزب، ويأمل الحزب "الليبرالي الديمقراطي" من خلال انتخابها في استعادة دعم القاعدة المحافظة، التي انجذبت أخيرا إلى حزب اليمين المتطرف "سانسيتو" الذي حقق قفزة كبيرا، رافعا شعاره "اليابان أولا".

تعد تاكايشي من المقربين من رئيس الوزراء الراحل شينزو آبي، وتعهدت بإحياء رؤيته الاقتصادية "آبينوميكس"، القائمة على الإنفاق العام الكبير وأسعار الفائدة المنخفضة. كما دعت إلى تخفيف القيود الدستورية المفروضة على قوات الدفاع الذاتي اليابانية، التي تمنعها من امتلاك قدرات هجومي.

تتبنى تاكايشي سياسات داعمة للطاقة النووية، وإبقاء الطاقة النووية في صميم استراتيجية الطاقة في البلاد، مع تقليل التركيز على مصادر الطاقة المتجددة المتاحة بسهولة مثل الطاقة الشمسية.
سياسيا، تبني موقفا متشددا تجاه الصين، كما تؤيد مراجعة الدستور السلمي لليابان، ولا سيما المادة التاسعة التي تتخلى عن حق البلاد في شن الحروب، مع ميل واضح تجاه تايوان، الأمر الذي قد يثير استياء بكين.

وفي الحقيقة لم تخف تاكايتشي نزعتها القومية الصريحة فزياراتها الدورية لـ"ضريح ياسوكوني"، الذي تعتبره الصين وكوريا الجنوبية رمزا للنزعة العسكرية اليابانية، تثير دائما حساسية في المحيط الآسيوي.
وتتبنى تاكايشي موقفا من الأجانب يطابق موقف اليمين المتطرف في أوروبا من المهاجرين، وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أنها خلال حملتها القيادية "استغلت موجة من المشاعر المعادية للهجرة" وأنها تعتمد على "خطاب معاد للهجرة".

وستكون أولى مهام تاكايتشي تأمين دعم حزب معارض واحد على الأقل لتشكيل أغلبية عاملة، لكن أحزاب المعارضة تواجه معضلة، في أن الانضمام إلى ائتلاف مع الحزب "الليبرالي الديمقراطي" قد يمنحها نفوذا أكبر، لكنه في المقابل قد ينفر الناخبين الساخطين من الحزب الحاكم.

وإذا نجحت تاكايتشي في إبرام اتفاق مع المعارضة، فإن حكومتها ستواجه جملة تحديات من بينها أزمة تكاليف المعيشة، وإدارة العلاقات الأمنية والتجارية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي تحفظت عليها  تاكايتشي، وقالت في برنامج تلفزيوني إن إعادة التفاوض حول الاتفاق "ليست مستبعدة"، في إشارة إلى تعهد اليابان باستثمار 550 مليار دولار في أمريكا.

ورغم مواقفها الصريحة من الصين وكوريا لكنها تدرك في الوقت نفسه ضرورة الحفاظ على علاقات جيدة مع هذه الدول، وكذلك مع الولايات المتحدة، لأن جميعها تشكل وجهات رئيسية لصادرات اليابان.

فضلا عن معالجة المخاوف الداخلية إزاء تزايد أعداد الأجانب المقيمين أو الزائرين لليابان.
تواجه، هذه السيدة الطامحة القادمة من مدينة نارا حيث سلسلة من الجبال المقدسة ومواقع روحانية وآثارا من الحقبة اليابانية الأولى، تحدي قيادة حزب لا يزال يكافح لاستعادة ثقة الناخبين بعد فضائح متتالية، في ظل تصاعد اليمين المتطرف.

وإذا فشلت، فستتحول إلى سطر أخر منسي ومجرد تاريخ تسامحت فيه اليابان مع تسلم سيدة رئاسة الحكومة والحزب الحاكم.