أكثر ما لفت نظر المهتمين بالشأن
اليمني، في كلمة رئيس مجلس القيادة الرئاسي
الدكتور رشاد
العليمي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، مطالبته العالم
"بتشكيل
تحالف دولي فعّال لإعادة الأمن والاستقرار إلى اليمن، واستكمال تحرير
البلاد من قبضة المليشيات والجماعات الإرهابية، وإعادة بناء مؤسسات الدولة
الوطنية".
لقد ارتكب الرئيس خطأ كارثيا بالإعلان عن هذا المطلب، لأنه ببساطة وضع سلطته
أمام امتحان صعب يتعلق بالكياسة السياسية ويراهن بأحقيتها في تمثيل الشعب اليمني. يعتقد
على ما يبدو أن التحالف الذي طالب به سيلقى ارتياحا بسبب رفض الأطراف الدولية
للأنشطة العسكرية للحوثيين المتمثلة في المواجهة مع الكيان الإسرائيلي ومصالحه
والتأثير على الملاحة الدولية، في حين لا يقين بأن هذه الأطراف معنية بالقدر نفسه بالتأثير
الذي يمارسه الحوثيون على مصير الدولة، وهو الذي يهمنا كيمنيين في المقام الأول.
يعتقد على ما يبدو أن التحالف الذي طالب به سيلقى ارتياحا بسبب رفض الأطراف الدولية للأنشطة العسكرية للحوثيين المتمثلة في المواجهة مع الكيان الإسرائيلي ومصالحه والتأثير على الملاحة الدولية، في حين لا يقين بأن هذه الأطراف معنية بالقدر نفسه بالتأثير الذي يمارسه الحوثيون على مصير الدولة
لا يقدح الرجل من رأسه، فهذه الدعوة ربما لاقت اهتماما من السعودية أو قد تكون
أُمليت عليه، علما بأن التحالف العربي الذي تقوده السعودية، لا يقل كفاءة عن أي
تحالف آخر فيما يخص إمكانية إنهاء الأثر السياسي والعسكري والاستراتيجي لجماعة
الحوثي، لو حَسُنت النوايا وكان الهدف بالفعل هو استعادة نفوذ الدولة اليمنية
وتحريرها من المشاريع الانقلابية العديدة التي طفت على سطحها خلال السنوات
الماضية.
فهل ترغب الرياض في إعادة تكييف الحرب المفتوحة على شمال البلاد من قبل
الإسرائيليين والأمريكيين، بما يسمح ببناء تحالف تتموضع السعودية في قلبه، وتتمكن
خلاله من التأثير في المشهد اليمني دون كلف استراتيجية وارتدادات مؤلمة؛ كتلك التي
شهدناها خلال السنوات الماضية عندما انحسر ظهر المملكة، نتيجة غياب التضامن المفترض
من جانب حلفائها الغربيين الموثوقين وعلى رأسهم الولايات المتحدة، وتحول المنابر
الغربية إلى جزء من الإسناد السياسي والمعنوي للحوثيين والحلف الشيعي الداعم لهم
بقيادة إيران.
لا تتوفر فرصة لنشوء تحالف دولي كما تتمنى الحكومة الشرعية غير المنسجمة،
ويتطلع إليه حلفاؤها إن صحت تسميتهم حلفاء. ورغم ما تبدو أنها مواجهة بين
الحوثيين
مع المصالح الغربية في البحر الأحمر، فإن اليمن سيظل يعاني من استمرار تحييد
أولوياته الوطنية، المتمثلة في استعادة نفوذ الدولة والحفاظ على وحدتها وإنهاء
التأثير العسكري والسياسي والاستراتيجي لجماعة الحوثي بناء على هذه الاعتبارات.
الحكومة الشرعية ليست مؤهلة حتى للحصول على ثقة من يفترض أنهم سيدعمون التحالف،
إذ لا يمكن تجاهل هذا التعايش المريح بين الشيء ونقيضه، بين ادعاءات الحرص على وحدة
اليمن والدعم السخي لمشاريع تفكيكه وهدم دولته.
وأستشهد على ذلك بنشاط كارثي آخر رعته الإمارات، وقام به عضو مجلس القيادة
الرئاسي عيدروس الزُّبيدي في نيويورك؛ على هامش مشاركته ضمن وفد الجمهورية اليمنية
في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، حينما عبَّر عن أسفه لأن طوفان
السابع من أكتوبر عطَّلَ مساعيه للانضمام إلى "اتفاقات أبراهام"،
اليمن كقضية دولة مهددة وجوديا، يكاد للأسف يدخل طي النسيان، ليبقى الاهتمام منصبّا على التقليل من المخاطر الواقعة على المصالح الدولية، وهو ما نراه اليوم في الموجات المتلاحقة من الضربات الجوية الأمريكية في الربيع المنصرم، والضربات الإسرائيلية
وهو
مسعى مبني على اعتقاد راسخ لديه بقدرة جماعته السياسية والعسكرية التي تحتل مدينة
عدن وقدرة داعميه الإماراتيين على هدم الدولة اليمنية وفرض الانفصال.
إن اليمن كقضية دولة مهددة وجوديا، يكاد للأسف يدخل طي النسيان، ليبقى
الاهتمام منصبّا على التقليل من المخاطر الواقعة على المصالح الدولية، وهو ما نراه
اليوم في الموجات المتلاحقة من الضربات الجوية الأمريكية في الربيع المنصرم، والضربات
الإسرائيلية التي أعقبتها؛ ولا تزال حتى اليوم تدك القدرات الاقتصادية والعسكرية
لسلطة الأمر الواقع في صنعاء ومعها مصالح الشعب، وأرواحهم ومقدراتهم، وكان أشدها
عنفا ضربات الخميس الماضي التي طالت أحياء سكنية ومقراتٍ عسكرية وأمنية وسجونا
تابعة للاستخبارات، في أنحاء متفرقة من العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة
الانقلابيين الحوثيين.
لم يعد العرب والمسلمون والمجتمع الدولي عموما مهتمين بهذه الهجمات ولا
بتداعياتها الكارثية على المدنيين وبما تخلفه من ضحايا، ولم يظهر الانقلابيون
الحوثيون قلقا حيال التنامي المتسارع في قدرات الكيان الإسرائيلي على الوصول إلى
الأهداف، وانتقاء المواقع الحساسة كتلك التي استهدفتها هجمات الخميس الماضي، والتي
شملت سجونا تابعة للاستخبارات، وسط أنباء عن استشهاد عدد من المعتقلين بينهم
موظفين في وكالات دولية وبعثات دبلوماسية وسياسيين وناشطين.
بل صدرتْ تعليقاتٌ من قبل قياداتٍ وناشطينَ محسوبين على جماعة الحوثي، أثارت
الكثير من السخط الشعبي، بعد أن وصفت تلك التعليقات ضحايا قصف السجون بأنهم مجرد
مرتزقة لإسرائيل، في تنصل شديد الأذى لذوي الضحايا من مسؤولية هذه الجماعة عن سقوط
الضحايا، بسبب إصرارها على إبقائهم في أماكن مستهدفة من قبل الطيران الإسرائيلي
المعادي.
x.com/yaseentamimi68