حقوق وحريات

السيسي يصدر عفوا عن الناشط السياسي علاء عبد الفتاح وآخرين

إفراج تاريخي عن علاء عبد الفتاح بعد سنوات من الجدل والاعتقال - إكس
أصدر رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، الاثنين، عفواً رئاسياً عن الناشط السياسي البارز علاء عبد الفتاح (43 عاماً)، الذي يُعد أحد أبرز رموز الحراك السياسي في مصر منذ ثورة كانون الثاني/يناير 2011.

من جانبها، أكدت عائلة الفتاح الاثنين حصوله على عفو رئاسي بعد قضائه أكثر من خمس سنوات في السجون المصرية.

وقالت سناء سيف، أخت عبد الفتاح، في منشور على منصة إكس "لقد أصدر الرئيس عفوا عن أخي"، موضحة أن العائلة ستذهب للسجن للاستعلام عن موعد ومكان خروجه.

وأضافت "أكاد لا أصدق أننا سنستعيد حياتنا".



وكان المجلس الأعلى لحقوق الإنسان قدم للرئاسة المصرية طلبا بالعفو عن عبد الفتاح وآخرين بداية الشهر الجاري على خلفية معاناة عائلاتهم ظروفا "إنسانية وصحية تستدعي وجود ذويهم". وطلب المجلس من السيسي استخدام "حق العفو الرئاسي".

وردا على طلب المجلس وجّه السيسي "الجهات المعنية بدراسة الالتماس المقدم من المجلس القومي لحقوق الإنسان بشأن إصدار عفو رئاسي عن عدد من المحكوم عليهم"، بحسب المجلس.

أوقِف عبد الفتاح البالغ 43 عاما في العام 2019 وحُكم عليه بالسجن مدة خمس سنوات لإدانته بنشر "أخبار كاذبة" بعد مشاركته منشورا على فيسبوك حول عنف الشرطة. لكن لم يُطلق سراحه بعدما قضى خمس سنوات في السجن.

وطلبت الحكومة البريطانية من السلطات المصرية مرارا إطلاق سراح عبد الفتاح، كما وصفت الأمم المتحدة استمرار حبسه بالتعسفي وطالبت بالإفراج عنه.

في تموز/يوليو، أمرت محكمة جنايات القاهرة بشطب اسم عبد الفتاح من قائمة الكيانات الإرهابية "استنادا إلى التحريات التي أفادت بعدم استمرارية عبد الفتاح بأي نشاط لصالح جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية".

ورفع القرار قيودا عدة بما في ذلك تجميد الأصول والمنع من السفر.

ويمثل عبد الفتاح حالة متداخلة من النشاط السياسي والرقمي والحقوقي في مصر؛ فقد نشأ في بيئة حقوقية، وانخرط مبكراً في العمل العام مستخدماً المدونات والمنتديات الرقمية، قبل أن يصبح أحد أبرز وجوه ثورة يناير. 

تعرض خلال مسيرته لسلسلة من الاعتقالات والمحاكمات التي أثارت انتقادات دولية، واعتبرت قضيته مؤشراً على وضع حرية التعبير في مصر.

من بيت حقوقي إلى الثورة
ولد علاء عبد الفتاح عام 1981 في عائلة ناشطة سياسيا؛ فوالده، المحامي الحقوقي أحمد سيف الإسلام، الذي كرس حياته للدفاع عن المعتقلين، بينما كانت والدته، الأكاديمية ليلى سويف، من أبرز الأصوات المطالبة بالحقوق المدنية. أما شقيقتاه، منة وسناء، فقد حملتا بدورهما شعلة الدفاع عن الحرية، ودفعن أثماناً شخصية من حريتهن.

وأسس مع زوجته منال حسن وآخرين مدونة "Manalaa"، ومنتديات رقمية بعيدة عن رقابة الإعلام الرسمي. 

كما برز كمبرمج ومطور برمجيات، وكان من أوائل من عربوا أدوات الإنترنت مفتوحة المصدر، بهدف تمكين المجتمع وتزويده بالمعرفة. وقد أنجب من زوجته منال ابنه الوحيد خالد، الذي حمل اسمه تيمناً بخالد سعيد، الشاب الذي أشعل مقتله شرارة ثورة كانون الثاني/يناير.

لم يكن علاء مجرد مشارك في ثورة كانون الثاني/يناير 2011، بل كان أحد وجوهها؛ إذ تولى عبر الإنترنت توثيق ما جرى في ميدان التحرير لحظة بلحظة، موجهاً رسائل للداخل والخارج. 

وبعد سقوط مبارك، كان من أوائل من طالبوا بمحاسبة قتلة المتظاهرين، ورفض أن يفرض على الشعب دستور لا يعبر عن تطلعاته. كما وجه انتقادات حادة للمجلس العسكري الذي تولى السلطة حينها.

سنوات السجن
قضى علاء معظم العقد الأخير خلف القضبان، في قضايا اعتبرتها منظمات حقوقية ذات طابع سياسي. فقد اعتقل لأول مرة بعد الثورة في أحداث ماسبيرو عام 2011، ثم في 2013 بتهمة التظاهر من دون ترخيص. 

وفي 2015 صدر بحقه حكم بالسجن خمس سنوات إضافة إلى خمس سنوات مراقبة صارمة تضمنت إلزامه بالمكوث يومياً في قسم الشرطة لساعات طويلة.

بعد خروجه عام 2019، لم يلبث أن أعيد اعتقاله ضمن حملة أمنية واسعة، ليصدر بحقه في كانون الأول/ديسمبر 2021 حكم جديد بالسجن خمس سنوات بتهمة "نشر أخبار كاذبة". 

وتحدثت تقارير حقوقية عن ظروف قاسية لاعتقاله، بينها الحبس الانفرادي والحرمان من الكتب والزيارات، ما أدى إلى تدهور حالته الصحية.

وفي 2022، أعلن علاء إضراباً عن الطعام احتجاجاً على ظروف احتجازه، الأمر الذي أثار ضجة عالمية وتضامناً واسعاً من منظمات حقوقية وحكومات غربية، خصوصاً مع حمله الجنسية البريطانية. 

طالبت بريطانيا مراراً بتمكين قنصليتها من زيارته، بينما تبنت منظمات مثل "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية" و"لجنة حماية الصحفيين" قضيته، واعتبرتها مؤشراً على حالة الحريات في مصر. كما برز اسمه خلال قمة المناخ "كوب 27" في شرم الشيخ، حيث رُفعت صور له وطالب ناشطون وقادة عالميون بالإفراج عنه.

لم تتوقف عائلة علاء عن الدفاع عنه؛ فقد خاضت والدته ليلى سويف إضراباً عن الطعام بين أيلول/سبتمبر 2024 وتموز/يوليو 2025 احتجاجاً على استمرار حبسه، فيما قادت شقيقتاه سناء ومنى حملات تضامن واسعة داخل مصر وخارجها، إذ نقلتا تفاصيل معاناته إلى الإعلام، وشاركتا في مؤتمرات دولية وحملات ضغط على الحكومات الغربية.