صحافة إسرائيلية

قلق إسرائيلي من الاتفاق الأمني المرتقب مع سوريا وخشية من النتائج

ذكر ضابط إسرائيلي أن "أي اتفاق أمني بحت قد يقوض القدرة الإسرائيلية"- الأناضول
مع تواصل المحادثات الجارية بين سوريا والاحتلال الإسرائيلي لإنجاز اتفاق أمني، تتزايد التحذيرات الاسرائيلية من هذا الاتفاق، بزعم أنه سيكون خطأً فادحًا، ولن يخدم سوى السوريين، وسينتهي به الأمر إلى الانقلاب على تل أبيب.

وذكر الضابط البارز عاميت ياغور، وهو مسئول سابق في شعبتي التخطيط والاستخبارات بجيش الاحتلال، أن الأيام الأخيرة شهدت تزايداً في التقارير حول اتفاق أمني وثيق مع سوريا. وأوضح أن خلفية هذه الأنباء تعود إلى ضغوط أمريكية مكثفة على الجانبين، من أجل تحقيق إنجاز يتمثل في اتفاق أمني وتقليص الاحتكاك العسكري بينهما، مع اقتراب موعد انعقاد اجتماع الأمم المتحدة الوشيك.

وأضاف ياغور أن هذا الضغط الأمريكي مفهوم تماماً، لأن واشنطن معنية ببدء إغلاق ساحات القتال النشطة، والشروع في ترسيخ النظام الإقليمي الجديد، على هيئة اتفاق سوري إسرائيلي كان يُنظر إليه لسنوات طويلة على أنه أمر غير قابل للتنفيذ.

وأوضح في مقال نشرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، وترجمه موقع "عربي21"، أن "المصلحة السورية العليا تتمثل في إضفاء الشرعية على حكم النظام الجديد، بما يتيح له الانطلاق في مهمة إعادة بناء الدولة، وهو ما يتطلب رفع العقوبات المفروضة، إضافة إلى استثمارات ضخمة من المجتمع الدولي".

وأضاف أن العقبة الأساسية أمام ذلك تبقى في تل أبيب، التي لا تكتفي بمهاجمة سوريا، بل تقوض "من منظورها" الاستقرار والسلام اللذين يحتاج إليهما السوريون بشدة، مشيراً إلى أن ما يزيد الموقف تعقيداً هو الانحياز الأمريكي شبه الكامل لصالح إسرائيل.


وأكد الضابط السابق أن "الاندفاع الإسرائيلي نحو اتفاق جزئي ومحدود، يقتصر على الجانب الأمني مع سوريا، يبدو غير مفهوم"، موضحا أن سوريا لم تعد كيانا واحدا، ومعتبرا أن هذا الأمر أصبح من الماضي منذ اتفاقيات سايكس بيكو، في حين أن مصلحة الاحتلال اليوم تكمن في أن تُبنى سوريا ضمن إطار فيدرالي، مع إنشاء منطقة عازلة واحدة على الأقل تخص الدروز بين حدود الجانبين.

ولفت إلى أن أي اتفاق يبرم حالياً مع دمشق سيعني عملياً إضفاء الشرعية على الدولة الموحدة، رغم أن النظام الجديد يُحسب بوضوح على تركيا، التي وقعت في الآونة الأخيرة اتفاقيات دفاع مشترك، تقدّم بموجبها المشورة والدعم للجيش السوري الجديد، سواء عبر الأنظمة أو الأسلحة.

ونوه ياغور أن "من البديهي الإشارة إلى أن تركيا تعد حليفا لقطر، التي تتبنى فكرا إسلاميا مستوحى من جماعة الإخوان المسلمين، كما أنها تعتبر الدولة الثانية التي تستضيف حركة حماس في الخارج بعد قطر".


وأوضح أن من الضروري إدراك أن الاتفاقية المكتوبة تُحدد القوانين والممارسات المقبولة بين الدول، وتفرض قيودا على استخدام القوة العسكرية، وتحول العلاقة إلى مسارات تعاون مدني يهدف إلى خلق الفرص.

لكنه أشار في المقابل إلى أن الاحتلال يتمتع حاليا بحرية كاملة في العمل العسكري، بينما تُظهر سوريا قدراً كبيراً من المرونة و"المشي على قشر البيض"، من أجل تحقيق مصلحتها العليا المتمثلة في إعادة إعمار الدولة مدنياً، وإعادة بناء قواتها عسكرياً.

ولفت إلى أن "توقيع اتفاقية عسكرية أمنية بحتة يُحوّل التوقيع الرسمي إلى فرض قيود رسمية بضمانات أمريكية على الاحتلال، بينما اختفى جانب الفرص، وما يجنيه منها، لاسيما التطبيع الذي لم يعد موجودًا، وقد مر الاسرائيليون بمواقف مماثلة في الماضي، حيث ضغطت الولايات المتحدة عليهم للموافقة على لفتات جوهرية، أضرت بهم بشدة في النهاية، أبرزها الموافقة على مطلب وزيرة الخارجية، كوندوليزا رايس، بإجراء انتخابات حرة في السلطة الفلسطينية 2006، التي فازت بها حماس، ثم استولت على غزة".


وأردف قائلا: "من المهم والصحيح أن يتضمن النظام الإقليمي الجديد سوريا في مرحلة ما بعد الحرب، لأنها تشكّل جسراً برياً حيوياً لمنظومة العلاقات السياسية والعسكرية والاقتصادية الممتدة من شرق آسيا إلى إيران والعراق ودول البحر المتوسط، بما فيها إسرائيل".

وتابع أن الضرورة تفرض التوصل إلى اتفاق يحدد علاقة دبلوماسية رسمية بين دمشق وتل أبيب، غير أن التساؤل يبقى – كما قال – حول الكيفية التي يمكن من خلالها لأي اتفاق من هذا النوع أن يحيّد أو يقلل من الهيمنة التركية في سوريا، ومتى يمكن أن يتم تطبيع العلاقات، إذا حصل ذلك فعلاً.

وبحسب الصحيفة، أن هذه السطور تكشف عن قناعة إسرائيلية مفادها أن أي اتفاق يقتصر على الجانب الأمني مع سوريا، دون أن يتضمن بُعداً سياسياً، قد يضر بقدرة الاحتلال وبمستوى الردع الذي حققه من دون مقابل. ولذلك، ومع اقتراب موعد اجتماع الأمم المتحدة ورغم الضغوط الأمريكية، يطالب الاحتلال بضرورة إعادة النظر في جدوى ومخاطر هذا النوع من الاتفاقيات الأمنية، وإعادة حساب المسار قبل المضي فيه، وإلا فإن النتائج قد تكون سلبية على الصعيد الإسرائيلي.

وختمت صحيفة "معاريف" بالقول إن هذا النقاش يعكس قلقاً متزايداً داخل المؤسسة الأمنية من أن أي خطوة متسرعة قد تتحول إلى عبء استراتيجي، بدلاً من أن تشكل مكسباً سياسياً أو أمنياً طويل الأمد.