كتاب عربي 21

الجيوش العربية المُعطلة

"العمليات الإسرائيلية الحالية في عدد من الدول العربية في فلسطين واليمن ولبنان وسوريا وأخيرا قطر، لا تتم بمجهود خالص للجيش الإسرائيلي"- جيتي
حسب موقع جلوبال فاير باور (القوة النارية العالمية)، فإن عدد أفراد 18 جيشا عربيا يمثلون 14 ضعف عدد جنود الجيش الإسرائيلي، وعدد أفراد قوات الاحتياطي لدى 13 جيشا عربيا تمثل أكثر من ثلاثة أضعاف أفراد الاحتياطي الإسرائيلي، كما يتخطى عدد الطائرات الهجومية لدى 16 جيشا عربيا خمسة أضعاف عدد الطائرات الهجومية لدى الجيش الإسرائيلي، كما أن عدد الدبابات لدى 19 جيشا عربيا يمثل تسعة أضعاف عدد الدبابات لدى الجيش الإسرائيلي.

بل إن دولة عربية واحدة تتفوق من خلال أرقام جلوبال فاير باور على ما لدى إسرائيل من قوى حربية، فعدد أفراد الجيش المصري وحده يمثل 2.6 مرة عدد أفراد الجيش الإسرائيلي، وعدد أفراد الاحتياطي في الجيش المصري يفوق عدد جنود الاحتياطي في الجيش الإسرائيلي، وعدد الطائرات الهجومية لدى الجيش السعودي يفوق عدد الطائرات الهجومية لدى إسرائيل بنحو 43 طائرة، ورغم ذلك تقف كل تلك الجيوش العربية متفرجة على الإبادة الجماعية داخل غزة طوال العامين الماضيين، وقد اشتدت وتيرتها بالأيام الأخيرة.

عوامل سياسية بتلك المشتريات الضخمة للسلاح، ترتبط بالسعي إلى إرضاء الدول التي تستورد منها السلاح، حتى تكون في صف الإبقاء على حكامها في مناصبهم

وكان تدخل الجيش الأردني عسكريا لمنع وصول الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية إلى إسرائيل، وكذلك قامت مصر بالتصدي لصواريخ الحوثيين المتجهة إلى إسرائيل، وليت الموقف العربي اقتصر على عدم المساندة للمقاومة ولو ببعض الذخيرة، بل إنه يتجه بقوة إلى محاولة تسليم المقاومة لسلاحها سواء في غزة أو جنوب لبنان، رغم أن أبجديات الأمن القومي للدول العربية، خاصة بعد الإعلان عن خريطة الشرق الأوسط الجديد وضرب قطر، تجعل مساندة المقاومة أداة فاعلة لتعطيل المخطط الصهيوني الذي يسعى للتوسع على حساب أراضي سبع بلدان عربية.

170 ألف فرد بالجيش الإسرائيلي

وفي مؤشر تصنيف القوة العسكرية لعام 2025 حسب جلوبال فاير باور، والذي يسميه البعض مؤشر أقوى الجيوش في دول العالم، احتلت تركيا المركز التاسع دوليا وباكستان المركز الثاني عشر وإندونيسيا الثالث عشر وإسرائيل الخامس عشر وإيران السادس عشر، بينما جاءت أول دولة عربية وهي مصر في المركز التاسع عشر، وهكذا كان نصيب الدول العربية من الجيوش العشرين الأوائل في العالم مركزا واحدا، زاد ضمن الثلاثين الأوائل إلى ثلاثة دول بإضافة السعودية رقم 24 والجزائر رقم 26، وضمن الجيوش الخمسين الأوائل في العالم كانت هناك أربع دول عربية فقط بإضافة العراق صاحب المركز 43.

وفي مؤشر عدد أفراد الجيوش في العالم حسب جلوبال فاير باور، والذي تصدرته الصين تليها الهند والولايات المتحدة وكوريا الشمالية وروسيا، جاءت باكستان في المركز السابع دوليا بعدد 654 ألف فرد، وإيران في المركز الثامن بعدد 610 آلاف فرد، ومصر في المركز الحادي عشر بعدد 440 ألف فرد، وإندونيسيا في المركز الثالث عشر بعدد 400 ألف فرد، وتركيا في المركز السادس عشر بعدد 355 ألف عسكري، والجزائر في المركز الثامن عشر بعدد 325 ألف، وفي المركز العشرين السعودية بعدد 257 ألف عسكري، بينما جاءت إسرائيل في المركز الثالث والثلاثين دوليا بعدد 170 ألف عسكري.

وهو ما يشير إلى أن العمليات الإسرائيلية الحالية في عدد من الدول العربية في فلسطين واليمن ولبنان وسوريا وأخيرا قطر، لا تتم بمجهود خالص للجيش الإسرائيلي، وإنما بدعم تسليحي ومخابراتي من عدد من الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وايطاليا.

وفي مؤشر عدد قوات الاحتياطي في جيوش الدول، جاءت مصر في المركز الخامس عشر دوليا بعدد 480 ألف فرد، تليها إسرائيل في المركز السادس عشر بعدد 465 ألف شخص، في ظل اعتمادها الرئيس على قوات الاحتياطي، والتي تم الاعتماد عليها في الحرب الحالية على غزة والضفة الغربية، وطال بقاؤها في الخدمة بأكثر كثيرا من الفترات المقررة. وهكذا نجد عدد قوات الاحتياطي الإسرائيلي يزيد عن عدد الاحتياطي في تركيا والبالغ 379 ألف فرد، وفي إيران البالغ 350 ألف شخص، وكذلك باقي الجيوش العربية ومنها المغرب بواقع 150 ألف فرد والجزائر 135 ألف فرد.

الطائرات الهجومية بالسعودية تفوق إسرائيل

وفي مؤشر عدد الطائرات الهجومية في جيوش العالم، جاءت باكستان في المركز السادس عالميا بعدد 328 طائرة، بعد الولايات المتحدة والصين وروسيا والهند وكوريا الشمالية، واحتلت السعودية المركز التاسع دوليا بنصيب 283 طائرة هجومية، وإسرائيل العاشر دوليا بعدد 240 طائرة، بينما جاءت مصر في المركز الحادي عشر بعدد 238 طائرة، وتركيا في المركز في المركز الرابع عشر بعدد 201 طائرة، وإيران في المركز الخامس عشر بعدد 178 طائرة، وبلغ عدد الطائرات الهجومية في كل من الجزائر وقطر 102 طائرة، والمغرب 83 والأردن 44 طائرة هجومية.

وفي مؤشر عدد الدبابات بجيوش الدول احتلت مصر المركز السادس دوليا بنصيب 3620 دبابة، وباكستان في المركز السابع وتركيا الثامن وإيران العاشر، والجزائر في المركز الحادي عشر بعدد 1485 دبابة، والأردن في المركز الثاني عشر دوليا بعدد 1458 دبابة، وإسرائيل في المركز الخامس عشر بعدد 1300 دبابة، وهو ما يشير إلى تفوق ثلاث دول عربية على إسرائيل بعدد الدبابات بجيوشها.

وحسب بيانات معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام، بلغ الإنفاق السنوي على التسليح عام 2024 لعدد 13 دولة عربية 136 مليار دولار، تصدرتها السعودية بنحو 80.3 مليار دولار، والجزائر 21.8 مليار دولار، والكويت 7.8 مليار دولار، والعراق 6.2 مليار دولار، وسلطنة عمان 6 مليارات دولار، وتحفظ المعهد على رقم مصر البالغ 2.4 مليار دولار بأنه غير مؤكد، خاصة مع بلوغ الإنفاق العسكري الإسرائيلي 46.5 مليار دولار، وهو رقم غير مسبوق تاريخيا وجاء نتيجة طول فترة الحرب على غزة وغيرها من الدول العربية، حيث زاد بنحو 19 مليار دولار عن الإنفاق العسكري فيها عام 2023 بنسبة 69 في المائة، متأثرا بالدعم المالي من كل من الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وغيرها من الدول الغربية، ورغم ذلك الرقم الإسرائيلي الكبير إلا أنه ما زال أقل كثيرا من الإنفاق السعودي البالغ 80 مليار دولار، إلا أن الإنفاق العسكري الإسرائيلي قد زاد عن الإنفاق العسكري في كبار الدول الإسلامية، والذي بلغ في العام الماضي 25 مليار دولار بتركيا و11 مليار دولار بإندونيسيا، و10.2 مليار في باكستان وحوالي 8 مليارات دولار في إيران و4.3 مليار دولار في ماليزيا.

نصيب كبير للعرب بواردات السلاح
مع كبر عدد وعتاد الجيوش العربية يتضح الدور الأمريكي والأوروبي لتعطيل دور تلك الجيوش في الدفاع عن الأمن القومي لبلادها، حيث تشترط تلك الدول شروطا خاصة عند استخدام السلاح، ولديها القدرة على تعطيل استخدامها

وأشار الكتاب السنوي لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام إلى كبر واردات الدول العربية من السلاح، حسب بيانات الفترة من عام 2020 وحتى 2024، والتي حازت فيها أوكرانيا على نسبة 8.8 في المائة من واردات السلاح بالعالم، تليها الهند بمساحتها الجغرافية الشاسعة والتوترات على حدودها الطويلة بنسبة 8.3 في المائة، بينما جاءت قطر في المركز الثالث دوليا بنسبة 6.8 في المائة، وهو أمر لا يتسق مع عدد سكانها ومساحتها الجغرافية أو علاقات الجوار بها التي تحسنت بعد إلغاء الحصار الخليجي عليها.

وجاءت السعودية في المركز الرابع دوليا بنصيب 6.8 في المائة من مجمل واردات السلاح بتلك السنوات الخمس، وباكستان في المركز الخامس بنسبة 4.6 في المائة تليها اليابان وأستراليا، لتجيء مصر في المركز الثامن دوليا بواردات السلاح بنسبة 3.3 في المائة، كما جاءت الكويت في المركز العاشر بنسبة 2,9 في المائة من مجمل واردات السلاح الدولية، وهو ما يشير إلى وجود عوامل سياسية بتلك المشتريات الضخمة للسلاح، ترتبط بالسعي إلى إرضاء الدول التي تستورد منها السلاح، حتى تكون في صف الإبقاء على حكامها في مناصبهم.

وهكذا تشير بيانات معهد ستوكهولم لأبحاث السلام إلى كبر نصيب الفرد من الإنفاق العسكري في الدول العربية، والذي بلغ في عام 2023 نحو 2387 دولارا في السعودية، و1596 دولارا في الكويت، و1159 دولارا في سلطنة عمان، و872 دولارا في البحرين، و469 دولارا في الجزائر، بينما كان نصيب الفرد في إسرائيل 4989 دولارا.

كما تشير مؤشرات الإنفاق العسكري في الدول العربية كنسبة من الناتج الإجمالي المحلى بها، لبلوغ النسبة حوالي 8 في المائة بالجزائر، و7.3 في المائة بالسعودية، و5.6 في المائة بسلطنة عمان، و4.8 في المائة بالكويت، بينما كانت النسبة بإسرائيل للإنفاق العسكري 8.8 في المائة من ناتجها الإجمالي.

ومع كبر عدد وعتاد الجيوش العربية يتضح الدور الأمريكي والأوروبي لتعطيل دور تلك الجيوش في الدفاع عن الأمن القومي لبلادها، حيث تشترط تلك الدول شروطا خاصة عند استخدام السلاح، ولديها القدرة على تعطيل استخدامها، إلى جانب الضغوط التي تمنعها من إطلاق رصاصة واحدة تجاه الطائرات الإسرائيلية التي تجوب عدة دول عربية، إلى جانب شغل تلك الجيوش بمهام لا تتصل بدورها العسكري، بالدخول الموسع في الأنشطة الاقتصادية ومنافسة القطاع الخاص المحلى والرغبة في الثراء من جانب بعض القادة.

x.com/mamdouh_alwaly