مقالات مختارة

استقلال فلسطين أقرب مما نتصور!

الأناضول
لم يبق في العالم سوى 8 دول تؤيد الولايات المتحدة الأمريكية في دعمها للكيان الصهيوني، ومن بينها جزر في المحيط الهادي تربطها اتفاقيات دفاعية وأمنية، أو بها قواعد عسكرية فضلا عن كونها تعتمد على المساعدات الأمريكية المالية والاقتصادية بشكل شبه كامل..

مثل ميكرونيزيا (115ألف نسمة) وبالاو (18ألف نسمة) وتونغا (100ألف نسمة) وناورو (13ألف نسمة) وبابوا (10.3 مليون نسمة) جميعها في المحيط الهادي شمال أستراليا، إذا أضفنا لهذه الجزر كلا من المجر والبارغواي والأرجنتين، تصبح الكتلة الموالي  للولايات المتحدة الرافضة لاستقلال فلسطين غير ذات وزن يذكر مقارنة ببقية العالم سواء من الجانب الديمغرافي أو الاقتصادي أو العسكري.

هذا يدل أن قرار منع إقامة دولة فلسطينية هو أمريكي رسمي بالأساس ذلك أن مواقف الرأي العام (داخل هذه المجموعة بما في ذلك الولايات المتحدة وجزء من الكيان) هي رافضة في معظمها لتوجهات حكوماتها بشأن الموقف من فلسطين! بما يعني أن تعطيل الشرعية الدولية إنما هو بسبب موقف بعض مراكز القوى والمصالح الكبرى الأمريكية وغيرها المتحالفة عالميا بهدف إبقاء سيطرتها على العالم من خلال استخدام القوة العسكرية الكبيرة للولايات المتحدة أو التلويح بها، ليس إلا!

بالمقابل، يزداد يوميا عدد الدول المؤيدة لقيام الدولة الفلسطينية وآخرها مجموعة العشر التي أعلنت عنها فرنسا (فرنسا، بريطانيا، أستراليا، كندا، بلجيكا، لوكسمبورغ، البرتغال، مالطا، أندورا، سان مارينو) والتي تنوي جميعها إعلان موقفها رسميا بعد يوم الاثنين 22 سبتمبر الجاري في مؤتمر يُنظَّم لهذا الغرض بنيويورك على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي بات الكيان الصهيوني منبوذا فيها. إذا أضفنا إليها الدول الغربية التي أعلنت اعترافها بفلسطين السنة الماضية (أرمينيا، سلوفينيا، أيرلندا، النرويج، إسبانيا، البهاماس، ترينيداد وتوباغو، جامايكا، باربادوس).

هذا يعني أن معركة “طوفان الأقصى” تكون قد حققت الهدف الأول منها: إعادة إحياء القضية الفلسطينية وتجديد طرح حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واستعادة أرضه المغتصبة منذ سنة 1948، برغم الخسائر البشرية غير المسبوقة التي نتجت عن هذه المعركة من شهداء ومصابين، وبرغم التدمير الكامل للبنية التحتية في كامل قطاع غزة وجزء كبير من أحياء الفلسطينيين في الضفة الغربية.. وحتى وإن كان العالم اليوم يتجه نحو ما يعرف بحل الدولتين (بدل الاستقلال) التي تعني اعترافا جديدا بتقسيم فلسطين وبصيغة مختلفة عن التقسيم السابق، فإن هذه تعد بداية إيجابية طال انتظارها سيُعارضها الاحتلال الصهيوني بكافة الوسائل ويمنع تجسيدها في الواقع.

وهنا يكمن دور الدول الداعمة لهذا الاتجاه خاصة الغربية والعربية غير المطبّعة مع الكيان التي تتبنى المشروع العربي للسلام، التي عليها أن تمنع إفراغ “حل الدولتين” -التسمية الأولية لاستقلال فلسطين- من محتواه من قبل الاحتلال الصهيوني، وفي نفس الوقت تعمل على فرض الصيغة الأكثر ملاءمة للفلسطينيين وبخاصة فيما يتعلق بالعاصمة القدس وبعودة اللاجئين، الغايتان اللتان يرفض الاحتلال مناقشتهما مطلقا وتدعمه في ذلك الولايات المتحدة.

بمعنى آخر إن معركة “طوفان الأقصى”، أنتجت واقعا دوليا جديدا، ينبغي عدم تجاهله والتحرك بفاعلية ضمنه، فلطالما انتظر الفلسطينيون هذه اللحظة التاريخية التي تضع حدّا لمعاناتهم التي دامت عقودا من الزمن، وقد حانت هذه اللحظة، الدول الأربع الكبار (دائمة العضوية في مجلس الأمن) والغالبية الساحقة من البشرية اليوم في الصف الفلسطيني، لم يبق سوى المتطرفون الصهاينة ومن والاهم في بعض الدول من اليمين المتطرف الحاكم “مؤقتا” الذين مازالوا يؤيدون التهجير القسري والتطهير العرقي للفلسطينيين، وهؤلاء في تراجع مستمر عددًا وعدّة بجميع المقاييس، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي باتت أجيالها الصاعدة، وفق كافة الدراسات، ترفض هذا التوجه الظالم ضد حقوق شعب مشروعة، وستفرض هذه الأجيال إن آجلا أو عاجلا على حُكّامها الاعتراف يوما بحق جميع الشعوب في تقرير مصيرها وعلى رأسها الشعب الفلسطيني، فلا نيأس، فإنّ استقلال فلسطين أقرب مما نتصور!

الشروق الجزائرية