تدل العمليات النوعية الأخيرة للمقاومة الفلسطينية في مدينة
غزة والضفة الغربية أن معركة “طوفان الأقصى” باتت تتحول تدريجيا إلى ثورة فلسطينية شاملة لكل فلسطين المحتلة، وإذا ما استمر
الاحتلال في عدوانه وجرائمه فستنتقل قريبا إلى القسم المحتل من فلسطين سنة 1948…
وهكذا بدل أن يقترب الاحتلال من القضاء على
المقاومة من خلال استخدام جميع وسائل التدمير والتجويع والإبادة التي يملك، نجده يقترب من تعميم الثورة في جميع المناطق، وبَدل أن يُسرِّع عملية التطبيع مع دول الجوار كما كان يتوقع، يجد نفسه يدفع باتجاه انتقال بعض الدول المُطبِّعة إلى التفكير في مراجعة اتفاقياتها مع الكيان، وبَدل أن يُقنِع العالم بأن المقاومة حركة إرهابية، يدفع بجميع دول العالم نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية تِباعا.
– فعلى صعيد الداخل الفلسطيني في الوقت الذي يزيد العدو الصهيوني من حصاره وتدميره لِغزة ويتفاخر النتن ياهو بتدمير أبراجها ومساكنها سعيا لتهجير سكانها، تنتفض القدس عليه بقوة، وتكون النتيجة عملية “راموت” التي تقضي على 11 مستوطنا إضافة إلى عدة إصابات. وبالتزامن داخل غزة تتحرك قوة فلسطينية خاصة ضد الكتيبة 50 من لواء “نحال” لتقضي على 4 جنود وهم داخل دباباتهم وتُدمِّر الدبابة بالكامل، ويعترف بذلك جيش الاحتلال، فضلا عن عمليات أخرى لصد العدو في أكثر من موقع.
-وعلى الصعيد العربي بدل أن يحافظ الكيان على علاقته مع جيرانه زاد من توترها في المدة الأخيرة، فالجانب المصري زاد من تأكيده أن أي تهجير قسري للفلسطينيين عبر معبر رفح نحو الأراضي المصرية يُعَد تهديدا للأمن القومي المصري وانتهاكا لاتفاقيات السلام يعطي الحق لمصر للانسحاب منها.
كما أنه بات يستقبل ممثلي حركة حماس والجهاد الإسلامي في نطاق ملف المفاوضات رغم التهديدات الإسرائيلية لاغتيالهم حيثما وجدوا، وبيّنت بعض التصريحات لمسؤولين مصريين أن هناك توترا حاليا في العلاقة المصرية – الإسرائيلية كقول محافظ شمال سيناء المصرية اللواء خالد مجاور “أن الرد المصري سيكون مفاجئا للعالم كله إذا فكر أي شخص بالاقتراب من الحدود المصرية”، فضلا عن بعض التصريحات العربية الأخرى التي أصبحت تُعلن صراحة أن دولها لم تعد تقبل باستمرار الحرب وترفض ضم
الضفة الغربية، وتُخَيِّر الكيان بين بقاء الاتفاقيات الابراهيمية أو ضم الضفة. ويُعد هذا تطورا لافتا في المواقف لم يسبق أن عرفناه… ناهيك عن استمرار الهجمات اليمنية على الداخل الإسرائيلي بالصواريخ والمسيَّرات، وبقاء الجبهة السورية مشتعلة واستمرار العدوان على لبنان الذي يضفي مزيدا من الشرعية على سلاح حزب الله.
-أما على الصعيد الدولي، فيكفي ارتقاع عدد الدول التي أعلنت في المدة الأخيرة اعترافها بالدولة الفلسطينية (أرمينيا، سلوفينيا، أيرلندا، النرويج، إسبانيا، الباهاماس، ترينيداد وتوباغو، جامايكا، باربادوس) أو تلك التي عبّرت رسميا عن نيتها في الاعتراف بها هذا الشهر أو في المستقبل القريب (فرنسا، بلجيكا، مالطا، سان مارينو، أستراليا، كندا، نيوزيلندا، آيسلندا، البرتغال، أندورا، فنلند)، فضلا عن الأثر الكبير الذي باتت تتركه قافلة الصمود المتجهة نحو غزة على الشعوب الغربية، ليتأكد لنا أن معركة طوفان الأقصى لم تكتف بالتأثير على الأحداث في المنطقة، بل امتدت إلى جميع بقاع العالم، وهو ما يجعلنا بالفعل نؤكد أنها تحولت من معركة إلى ثورة يعترف بها كل العالم، وما المحاولات الصهيونية الأخيرة إلا كمحاولات كل محتل عندما يكون في أيامه الأخيرة، يريد الانتقام من البشر والشجر والحجر وآخرها البنايات التي تُذكِّره بأن هنا يعيش الشعب الفلسطيني في غزة، وهذا مسكن لمقاوم فلسطيني في القدس أو الضفة، وتلك جميعها ديار شعب ثار من أجل حريته واستقلاله…
الشروق الجزائرية