تواجه شركة "بي واي دي" ضغوطًا لاستعادة ثقة المستثمرين بعد خسارة نحو 45 مليار دولار من قيمتها السوقية بفعل موجة بيع، مع تصاعد المخاوف بشأن قدرتها على مواجهة المنافسة وسط حرب أسعار مدمّرة في
الصين.
وانخفضت أسهم الشركة المدرجة في هونغ كونغ بأكثر من 30% عن أعلى مستوى لها قبل أربعة أشهر فقط، متخلفةً عن أداء نظيراتها، في حين ارتفعت تقييمات المحللين للسهم إلى أعلى مستوى منذ 2022، وفق بلومبرغ.
بالتوازي، تراجعت أرباح الشركة الفصلية للمرة الأولى منذ أكثر من ثلاث سنوات خلال ربع يونيو/حزيران، في انعكاس مباشر لضغط التسعير على الهوامش.
هوامش تتآكل واستراتيجية خصومات تحت المجهر
أفادت بلومبرغ بأن صبر المستثمرين بدأ ينفد حيال استراتيجية BYD الهجومية القائمة على الخصومات الكبيرة لزيادة الحصة السوقية، بينما شددت الحكومة الصينية قبضتها على ما تصفه بـ"المنافسة المفرطة" التي تخلق ضغطًا انكماشيًا وتضر بسمعة
الصناعة، وفي المقابل، يكسب المنافسون زخمًا، وبينهم "جيلي وتشجيانغ ليب موتور".
بدوره قال كيفن نت، رئيس قسم الأسهم الآسيوية في "Financiere de L Echiquier"، إن المستثمرين "ما زالوا متفائلين على المدى الطويل"، لكنه أكد وجود "قلق حقيقي" بشأن استراتيجية التسعير العدوانية، متوقعًا "أثرًا سلبيًا قصير الأجل على كل من الإيرادات والهوامش".
تراجع الأرباح وأول خفض جوهري في الأهداف
أعلنت الشركة انخفاضًا بنسبة 30% في أرباح الربع المنتهي في يونيو/حزيران، وهو أول تراجع منذ أكثر من ثلاث سنوات، وأرجعت ذلك إلى حرب الأسعار.
وخفضت BYD هدف التسليمات لعام 2025 إلى 4.6 ملايين سيارة بدلًا من 5.5 ملايين، ما يستلزم لتلبية الهدف المعدّل تسليم نحو 1.7 مليون وحدة في الأشهر الأربعة الأخيرة من العام، وهو تحدٍ صعب بالنظر إلى تشكيلة منتجات فقدت زخمها والبيئة التنظيمية الجديدة.
وتفيد البيانات نفسها بأن تسليمات يوليو/تموز (341,030) انخفضت عن يونيو/حزيران (377,628)، وهو أول تراجع شهري هذا العام، فيما بقيت وتيرة يوليو وأغسطس شبه مستقرة على أساس سنوي.
من زاوية التقديرات، نقلت المواد توقع بلومبرغ لتسليمات عام 2025 عند نحو 4.5 ملايين وحدة بعد الخفض، فيما قالت يونِس لي، كبيرة المحللين في Sanford C. Bernstein، إن الهدف الجديد "منسجم إلى حدّ كبير مع توقعات جانب الشراء وقد يكون عامل تصفية قصير الأجل للسهم"، لكنها حذّرت من صعوبة تحقيقه تحت ضغط المنافسة والهوامش والتنظيم.
دورة منتجات وعين على 2026
يرى مراقبو السوق أنّ إطلاق طرازات جديدة في الربع الأول 2026 سيكون حافزًا رئيسيًا للسهم، إذ أُرجئت بعض الإطلاقات إلى العام المقبل لتعزيز القدرة التنافسية بعد نجاح عروض منافسين أخيرًا.
من جانبه، صرّح شياو فنغ، الرئيس المشارك لأبحاث الصناعة الصينية في CLSA، بأن "لا شركة مصنّعة يمكنها الإبقاء على دورة منتجات قوية إلى الأبد حتى BYD"، بينما تشير التوقعات إلى تحسينات في البطاريات، ومدى أطول للطرز الهجينة القابلة للشحن، وإدراج نظام "عين الطائر" للقيادة الذاتية في الطرز الأرخص.
من جهته، قال غاري تان، مدير صندوق في "Allspring Global Investments"، إن إعادة تموضع BYD "كشركة تكنولوجية رائدة" بدلًا من مجرد مصنّع عالي الكفاءة قد يعيد تشكيل تصوّر المستثمرين ويدفع السهم إلى إعادة تصنيف تقويمي، برغم ضغوط الأرباح قصيرة الأجل.
قيود على التخفيضات وارتداد منافسين
تشير المواد إلى أنّ بكين شدّدت القيود على الخصومات العميقة، ما حدّ من أداةٍ كانت حاسمة لهيمنة BYD، وبذلك تُدفع الشركة إلى موسم مزدحم بطرازات بالسعر الكامل مقابل عروض أرخص وأكثر جاذبية من جيلي وXPeng وXiaomi (طرازا SU7 وYU7)، فأصبحت محاصَرة من جميع الجهات في سوق محلية مزدحمة.
حركة السهم.. هبوط حاد بعد خصومات واسعة
هبط سهم BYD بنحو 8.3% عقب إعلان خصومات حتى 34% على 22 طرازًا كهربائيًا وهجينًا حتى نهاية يونيو/حزيران، Seagull انخفض إلى 55,800 يوان (~7,780 دولارًا) بنسبة 20%، وSeal 07 DM-i خُفّض 53 ألف يوان (34%) إلى 102,800 يوان.
وكتب مورغان ستانلي أنّ الإعلان الرسمي "يعكس صعوبة السوق النهائية"، وقدّر Citi Research ارتفاع حركة الزبائن 30–40% في صالات BYD بعد الخصومات، مع توقع انسحاب شركات أخرى إلى التخفيض مثل Changan (خصم 25 ألف يوان على Deepal S07) وLeapmotor (تخفيضات على C16 وC11).
زخم خارجي وتقديرات محدثة للمبيعات الدولية
على الرغم من التحديات المحلية، سجّلت BYD تقدمًا قويًا في الخارج بفضل إطلاق مزيد من الطرز وزيادة الإنتاج المحلي في أسواق مستهدفة، وقدّر غولدمان ساكس المبيعات الخارجية بـ 900 ألف إلى مليون مركبة في 2025، متجاوزة هدف الإدارة الأصلي 800 ألف.
التقييم والتعاملات المشتقة
يعدّ تقييم السهم نقطة جذب، إذ يتداول عند 17 مرة للأرباح المتوقعة مقابل متوسط ثلاث سنوات عند 20 مرة، وفق المواد. كما ارتفع حجم الخيارات إلى نحو 600 ألف عقد قائم قرابة ثلاثة أضعاف يونيو/حزيران بما يعكس نشاطًا استثنائيًا في التحوّط والمضاربة.
نتائج نصفية قوية
أعلنت BYD نهاية أغسطس/آب أنّ صافي أرباح النصف الأول بلغ 15.5 مليار يوان (~2.2 مليار دولار) بزيادة 14% سنويًا، وأن الإيرادات بلغت 371.3 مليار يوان (+23%)، وحقّقت مبيعات إجمالية 2.15 مليون مركبة في النصف الأول (+33%) تشمل الكهربائية بالكامل والهجينة القابلة للشحن، لكنها أقل من نصف الهدف السنوي الطموح.
وسجّلت الشركة قبل نحو شهر، 371.28 مليار يوان إيرادات في النصف الأول (~52.3 مليار دولار، +23.3% سنويًا) و15.51 مليار يوان صافي ربح عائد للمساهمين (+13.79%)، مع زيادة 33.04% في مبيعات سيارات الطاقة الجديدة إلى 2,145,954 وحدة. كما زادت نفقات البحث والتطوير 53.05% إلى 30.88 مليار يوان لدعم الابتكار.
و تجاوزت مبيعات 2024 حاجز 100 مليار دولار متخطية تسلا، إذ بلغت إيرادات BYD نحو 107 مليارات دولار مقابل 97 مليارًا لتسلا، وارتفع صافي الربح 34% إلى 5.5 مليارات دولار، فيما سُلِّم 4.27 ملايين سيارة—رقم يقترب من مبيعات "فورد موتور". وتوقّعت BYD وقتها 5–6 ملايين بيع في 2025.
صدمة مكسيكية محتملة: تعريفات 50% على الواردات
خارجيًا، تواجه BYD وتسلا مخاطر
رسوم جمركية مقترحة في المكسيك بنسبة 50% على واردات السيارات من دول بلا اتفاقات
تجارة حرة، تشمل الصين وكوريا الجنوبية والهند وإندونيسيا وروسيا، بينما تُستثنى الشركات الأمريكية التقليدية (جنرال موتورز، فورد، ستيلانتس) بحكم الإنتاج المحلي.
ونقلت وكالة فرانس برس تفاصيل المشروع المُحال إلى البرلمان المكسيكي، بما يشمل 10–50% على قطع الغيار، مع تأكيد رئيس جمعية التنقل الكهربائي في المكسيك أنّ الخطوة ترفع الرسوم من 15% إلى 50% على السيارات الصينية، واصفًا النسبة بأنها "نقطة تحوّل" ستُغيّر قواعد اللعبة.
موقف الصين جاء رافضًا لأي "ضغط أو إكراه"، وقالت الخارجية الصينية إنها ستحمي مصالحها، معتبرةً الخطوة مسيئة للحقوق والمصالح المشروعة، داعيةً إلى "التفكير مليًا".
أثرٌ مباشر على قنوات الإمداد إلى المكسيك
دخلت BYD المكسيك أواخر 2023 وباعت نحو 40 ألف سيارة في 2024، لكنها أوقفت خطط مصنع محلي وسط ضغوط سياسية ومخاوف من إغضاب واشنطن؛ ومع الرسوم المقترحة، قد يتعرقل التوسع السريع للشركة في سوق أمريكا الشمالية الأسرع نموًا للمركبات الكهربائية.
وبلغ صافي الربح في الربع الثاني، 6.4 مليار يوان (895 مليون دولار) بعد مضاعفة الأرباح في الربع الأول، وجاء أقل من الإجماع (7–9 مليارات يوان) وتقدير سيتي (10.3 مليارات).
ودفعت BYD مليار يوان حافزًا خاصًا للوكلاء خلال الفترة، بينما لم تُحسّن التخفيضات المبيعات بالقدر الكافي وفق سيتي.
باعت الشركة 2.49 مليون سيارة فقط "45% من الهدف"، على أن تُعلن مبيعات أغسطس لاحقًا تحقيق الهدف السنوي السابق "5.5 ملايين" حتى نهاية يوليو، .
استعادت تقارير واقعة 2011 حين سخر إيلون ماسك من BYD في مقابلة، قبل أن تعود الشركة الصينية في 2024 وتبيع أكثر من 4.3 ملايين مركبة بينها 1.76 مليون كهربائية بالكامل مقابل 1.79 مليون لتسلا، كما تتحدث تقارير عن تقنيات قيادة ذاتية وتكامل رأسي في البطاريات وأشباه الموصلات، وعن تحوّل BYD إلى "قوة عالمية".