سياسة عربية

الأمم المتحدة: حكام جنوب السودان ينهبون ثروات البلاد وسط مجاعة تطحن الملايين

أكد التقرير أن الفساد المستشري "أضعف قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان وأجج العنف العرقي والسياسي.. جيتي
اتهمت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنوب سلطات جنوب السودان بممارسة "نهب منهجي" لثروات البلاد في وقت يعيش فيه ثلثا السكان أزمة جوع غير مسبوقة، مؤكدة أن مليارات الدولارات من العائدات النفطية صُرفت على صفقات مشبوهة لصالح شركات مرتبطة بنواب ومسؤولين نافذين، بينما تُركت القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم والأمن الغذائي لتواجه الانهيار.

وقالت اللجنة، في تقرير جديد صدر الثلاثاء من نيروبي، إن الحكومة دفعت نحو 1.7 مليار دولار لشركات مرتبطة بنائب الرئيس بنجامين بول ميل بين عامي 2021 و2024 مقابل مشاريع طرق لم تُنجز على الإطلاق، مشيرة إلى أن ما يعرف ببرنامج "النفط مقابل الطرق" استنزف ما يقرب من 60% من المدفوعات الحكومية في تلك الفترة، في وقت لم تنجز فيه الشركات سوى أقل من نصف مليار دولار من الأعمال الفعلية.

وأشار التقرير، المكوّن من 101 صفحة، إلى أن "النخبة الحاكمة رسّخت ثقافة النهب الممنهج لتحقيق مكاسب خاصة على حساب الشعب"، لافتا إلى أن الوحدة الطبية الخاصة بالرئيس تلقت مخصصات مالية تفوق إجمالي الإنفاق على القطاع الصحي في عموم البلاد.

وردّ وزير العدل جوزيف قنق على التقرير برسالة مكتوبة قال فيها إن الأرقام الواردة "لا تعكس بيانات الحكومة"، وأرجع الأزمة الاقتصادية إلى "الحروب والصراع المسلح وتراجع صادرات النفط وتغير المناخ"، لكنه لم يعلّق على تفاصيل إنفاق المليارات في المشاريع الوهمية.

وتأتي هذه الاتهامات في وقت تتصاعد فيه الصراعات الداخلية منذ استقلال جنوب السودان عام 2011، حيث خلّفت الحرب الأهلية (2013-2018) نحو 400 ألف قتيل، فيما يواجه اليوم أكثر من 8 ملايين مواطن مستويات خطيرة من الجوع، وفق تقديرات الأمم المتحدة.

وأكد التقرير أن الفساد المستشري "أضعف قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان وأجج العنف العرقي والسياسي"، مشددا على أن عائدات النفط، التي تجاوزت 23 مليار دولار منذ الاستقلال، لم تُترجم إلى تحسين مستوى المعيشة أو بناء مؤسسات الدولة، بل ذهبت إلى جيوب قلة من المتنفذين.

وفي الوقت الذي تراجعت فيه المساعدات الدولية، دعت اللجنة حكومة جوبا إلى توجيه الإيرادات النفطية نحو تلبية احتياجات المواطنين، محذّرة من أن استمرار استنزاف الموارد على هذا النحو سيقود البلاد إلى "كارثة إنسانية أعظم".