مقابلات

وزير التعليم الفلسطيني: ما يتعرض له التعليم إبادة كاملة.. ودمار لم يشهده التاريخ

برهم طالب المجتمع الدولي بـ "تحييد التعليم الفلسطيني عن الاستهداف - حساب الوزارة على الفيسبوك
أكد وزير التربية والتعليم العالي الفلسطيني، الدكتور أمجد برهم، أن "ما يتعرض له قطاع التعليم يرقى إلى مستوى الإبادة الكاملة؛ إذ طالت آلة العدوان الإسرائيلي المدارس والجامعات وجميع المرافق التعليمية بلا استثناء، مخلّفة دمارا هائلا لم يشهده تاريخ فلسطين"، مشيرا إلى أن "الأرقام صادمة للغاية، والخسائر فادحة، والطلاب والمعلمون هم الضحايا المباشرون، فيما تحاول الوزارة صون حق التعلم وسط ركام الحرب ومعاناة يومية لا توصف".
 
وأوضح برهم، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "التعليم في فلسطين أصبح في دائرة استهداف إسرائيلي متواصل وعميق وممنهج، الأمر الذي يجعل من العملية التعليمية معركة يومية للحفاظ على حق أساسي هو (حق التعلم)؛ فهناك 30 مدرسة أُزيلت بشكل كامل من السجل التعليمي بطلابها ومبانيها ومعلميها، وهناك 293 مدرسة من أصل 307 مباني مدارس تم استهدافها وهدمها من قِبل الاحتلال الإسرائيلي".

وتابع: "كما جرى تدمير أكثر من 60 مبنى جامعي في 12 جامعة وكلية، فيما هُدم المستشفى الجامعي الوحيد في غزة، واستشهد نحو 220 كادرا تعليميا وأكاديميا جامعيا، منهم أكثر من 100 شخصية علمية عالمية كان لها باع كبير في البحث العلمي والتعليم الجامعي، بالإضافة إلى حرمان 88 ألف طالب جامعي للعام الثالث على التوالي من حقهم في التعليم داخل جامعاتهم بغزة، وهناك أكثر من 23 ألف طالب من طلاب المدارس المتواجدين خارج القطاع، والذين أجبروا على ترك بيوتهم".

وطالب برهم المجتمع الدولي بـ "تحييد التعليم الفلسطيني عن الاستهداف العسكري والسياسي، وتبني خطة دولية شاملة لإنقاذ العملية التعليمية ومنح الطلبة فرصا بديلة للتعلم، والعمل على وقف الاستهداف الممنهج لعناصر المنظومة التعليمية، ورفع الحصار المالي الظالم الذي حال دون توفير أبسط متطلبات التعليم، بما في ذلك رواتب المعلمين، وتوفير مصادر دعم تتناسب مع حجم الكارثة والخسائر التي لحقت بالقطاع التعليمي في فلسطين".

نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
كيف استعدت وزارة التربية والتعليم العالي لبدء العام الدراسي الحالي في ظل التحديات الميدانية والظروف الصعبة التي يواجهها الشعب الفلسطيني؟

الاستعدادات انطلقت منذ أشهر ماضية، وارتكزت بشكل أساسي على توفير المتطلبات الأساسية لبدء العام الدراسي بصورة منتظمة، سواء من حيث جاهزية الأبنية المدرسية أو توفير الكتب والمناهج، إلى جانب استكمال تعيين معلمين جدد ومديري مدارس في مختلف المحافظات.

كما عملنا على اتخاذ ترتيبات خاصة تراعي خصوصية الوضع القائم، حيث تم اعتماد معيار القرب الجغرافي بين مكان سكن المعلم ومكان عمله، وذلك في ضوء الانتشار الكبير للحواجز العسكرية والبوابات التي يقيمها الاحتلال، والتي تشكّل عائقا يوميا أمام وصول الطلبة والمعلمين إلى مدارسهم.

وبالإضافة إلى ذلك، اتخذنا تدابير خاصة بمعلمي القدس لضمان استمرار المسيرة التعليمية هناك دون انقطاع، وأولينا اهتماما كبيرا بقطاع غزة الذي لا يزال يعاني وطأة عدوان غير مسبوق للسنة الدراسية الثانية على التوالي. كذلك حرصنا على رفع جاهزية المعلمين والمديرين الجدد من خلال تنظيم دورات تدريبية وتهيئة مهنية، حتى يتمكنوا من مواجهة تحديات الواقع الميداني والعمل في ظروف بالغة الصعوبة.

ما أبرز الخطط أو البرامج الجديدة التي اعتمدتها الوزارة هذا العام لتطوير المناهج وتحسين جودة التعليم؟

الوزارة أطلقت هذا العام خطة شاملة بعنوان "التعليم من أجل التنمية"، والتي تستهدف الارتقاء بجودة التعليم وربطه باحتياجات المجتمع وسوق العمل، حيث توسعنا في برنامجي تعزيز القراءة وتوظيف العلوم والرياضيات وفق منحى STEM، بهدف تعزيز مهارات التفكير النقدي والإبداعي لدى الطلبة.

إلى جانب ذلك، بدأنا بتنفيذ خطة للنهوض بالتعليم المهني من خلال فتح تخصصات جديدة وزيادة عدد الطلبة الملتحقين بهذا المسار، وقد تم هذا العام اعتماد 40 وحدة مهنية جديدة. كما أننا بصدد البدء في تبني نظام تعليمي ريادي خاص بالمرحلة الأساسية للصفوف من الأول وحتى الرابع، يركز على تنمية مهارات التفكير والابتكار في سن مبكرة.

ومع ذلك، لا بد من الإشارة إلى أن هذه البرامج الطموحة تصطدم بعقبات مالية حقيقية نتيجة الحصار المالي الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على الحكومة الفلسطينية، ما يعرقل العديد من خطوات التطوير ويجعلنا نعتمد بشكل متزايد على الشراكات مع المجتمع المحلي والمؤسسات الداعمة.

هل تم ترميم أو تجهيز بعض المدارس المتضررة من الاعتداءات الإسرائيلية بما يسمح باستقبال الطلبة مع بداية العام الدراسي؟

نعم، تمكّنا رغم الظروف من إنجاز بعض أعمال الصيانة والترميم؛ ففي محافظة طوباس أعدنا تأهيل مدارس في منطقتي الفارعة وطمون، كما قمنا بصيانة أسوار مدارس في جنين وطولكرم، لكن العدوان المتواصل في تلك المناطق يبطئ من تدخلاتنا ويجعل العمل محفوفا بالمخاطر.

أما في قطاع غزة، فالوضع أكثر تعقيدا للغاية، حيث لا يمكن القيام بأي تدخل حقيقي في الوقت الراهن بسبب استمرار العدوان والحصار الخانق.

إضافة إلى ذلك، فإن الأزمة المالية انعكست بشكل واضح على قدرتنا على تنفيذ خطط الترميم والصيانة، ما دفعنا للاعتماد بدرجة كبيرة على المجتمع المحلي في تنفيذ عمليات تأهيل بسيطة تساعد على إبقاء المدارس صالحة للعمل ولو بالحد الأدنى.

ما الإجراءات التي اتخذتها الوزارة لضمان توفير الكتب المدرسية واللوازم التعليمية لجميع الطلبة بشكل منتظم هذا العام؟

رغم الضائقة المالية الخانقة، عملنا على وضع خطة تضمن وصول الكتب واللوازم الأساسية إلى جميع الطلبة؛ فقد قمنا باستبدال الأثاث التالف أو صيانته بما يضمن ترشيد النفقات، كما زودنا رياض الأطفال الحكومية بأدوات وتجهيزات خاصة.

أما فيما يتعلق بالكتب المدرسية، فقد أتممنا عملية الطباعة، غير أن توريدها إلى المدارس تأخر نسبيا نتيجة الأزمات المالية التي نمر بها، وهو ما انعكس على سرعة إنجاز عملية التوزيع. ومع ذلك، نحن مستمرون في عملية التوريد بشكل يومي حتى تكتمل خلال فترة وجيزة.

ما أبرز أشكال الانتهاكات الإسرائيلية التي يتعرض لها قطاع التعليم الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وحتى الآن؟

الواقع أن السؤال الأصح هو: أي شكل من أشكال الاستهداف لم يطل التعليم الفلسطيني بعد؟، المشهد يفوق الحصر والتعداد؛ إذ يشمل هدم مدارس بكاملها، وتخريبا واسعا للبنية التحتية التعليمية، واستهدافا مباشرا للطلبة والمعلمين. كما تعيش مدارس القدس تحت تضييق غير مسبوق، من خلال الإجراءات الإسرائيلية التي تشمل فرض قيود إدارية وأمنية، وإحكام السيطرة عبر الحواجز والبوابات العسكرية، إلى جانب التضييق على المدارس الواقعة في المناطق المهمشة والمصنفة "ج".

لقد أصبح التعليم في فلسطين في دائرة استهداف مبرمج، متواصل وعميق وممنهج، الأمر الذي يجعل من العملية التعليمية معركة يومية للحفاظ على حق أساسي هو "حق التعلم"؛ فهناك 30 مدرسة أُزيلت بشكل كامل من السجل التعليمي بطلابها ومبانيها ومعلميها، وهناك 293 مدرسة من أصل 307 مباني مدارس تم استهدافها وهدمها من قِبل الاحتلال الإسرائيلي.

كما جرى تدمير أكثر من 60 مبنى جامعي في 12 جامعة وكلية، فيما هُدم المستشفى الجامعي الوحيد في قطاع غزة، واستشهد نحو 220 كادرا تعليميا وأكاديميا جامعيا، منهم أكثر من 100 شخصية علمية عالمية كان لها باع كبير في البحث العلمي والتعليم الجامعي.

وقد حُرم 88 ألف طالب جامعي للعام الثالث على التوالي من حقهم في التعليم داخل جامعاتهم بقطاع غزة، وهناك أكثر من 23 ألف طالب من طلاب المدارس المتواجدين خارج القطاع، والذين أجبروا على ترك بيوتهم، حُرموا أيضا من حقهم في التعليم، وقد عقدنا سابقا امتحانات الثانوية العامة للعام الثاني على التوالي لطلبة غزة الذين يعيشون خارج القطاع، في 37 دولة من بينها مصر وقطر وروسيا وتشيلي.

إضافة إلى ذلك، هناك 4500 طالب جامعي لم يتمكنوا من الالتحاق بجامعاتهم. هذه هي المعاناة المؤلمة بكل فصولها، وهذه هي آليات العدوان التي استهدفت البشر والحجر والشجر وكل ما هو حي داخل قطاع غزة، ورغم كل تلك التحديات والصعاب الشديدة للغاية نؤكد للجميع أننا ماضون في العملية التعليمية.

كيف تؤثر الاقتحامات والإغلاقات المتكررة للمدارس على انتظام العام الدراسي؟

تأثيرها مباشر وخطير؛ إذ تؤدي إلى تعطيل الدوام بشكل متكرر، وارتفاع نسب غياب الطلبة، وظهور فاقد تعليمي كبير يضعف من جودة العملية التعليمية. هذه الاقتحامات والإغلاقات تعيق وصول الطلبة والمعلمين إلى مدارسهم، وتضع الأسر في حالة قلق دائم. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يضاف إلى هذه العوامل عنصر آخر لا يقل خطورة وهو الحصار المالي واحتجاز أموال المقاصة من قِبل الاحتلال، ما تسبب في تأخير انطلاق العام الدراسي في الضفة الغربية وأثر سلبا على انتظام العملية التعليمية برمتها.

ما حجم الخسائر التي لحقت بالمدارس والمرافق التعليمية نتيجة القصف أو الهدم أو المصادرة؟

في غزة حجم الدمار مهول، ويقدر بالمليارات إذا ما تحدثنا عن الأبنية المدرسية فقط. هناك مشاريع تعليمية متوقفة بالكامل، وخسائر لا يمكن حصرها في أرقام مالية، مثل الفاقد التعليمي، وتعطيل مسيرة نحو 700 ألف طالب في قطاع غزة. إلى جانب ذلك، طالت الاعتداءات الجامعات ورياض الأطفال والمراكز التعليمية، حيث شهدنا دمارا غير مسبوق في تاريخ التعليم الفلسطيني.

هل لديكم إحصاءات دقيقة حول عدد الطلبة والمعلمين الذين استشهدوا أو أصيبوا جراء الاعتداءات الإسرائيلية؟

الأرقام صادمة جدا وتتصاعد يوما بعد يوم؛ فقد استشهد حتى الآن أكثر من 17500 طالب، إضافة إلى ما يزيد على 750 معلما. أما أعداد الجرحى فقد تجاوزت 25 ألفا، من بينهم نحو 5 آلاف أصيبوا بإعاقات دائمة نتيجة الإصابات البليغة. هذه الأرقام مرشحة للزيادة بكل أسف مع استمرار العدوان واتخاذه منحى أكثر عنفا في الأيام الأخيرة.

إلى أي مدى يعرقل الحصار الإسرائيلي في غزة وصول الكتب والمواد التعليمية الأساسية؟

إلى حد شامل وكبير، إذ لا يمكن إدخال حتى دفتر واحد عبر المعابر المغلقة. كنا نخطط لإدخال القرطاسية والأجهزة اللوحية والمواد التعليمية والكتب، لكن الإغلاق التام حال دون ذلك. هذا الوضع دفعنا لاعتماد خيار التعليم الإلكتروني والمدارس الافتراضية كبديل مؤقت، بما في ذلك امتحان الثانوية العامة المزمع عقده هذا الأسبوع بنظام إلكتروني.

ما انعكاسات هذه الانتهاكات على الصحة النفسية للطلاب، خاصة الأطفال الصغار؟

الانعكاسات عميقة وخطيرة، فقد باتت ظواهر الخوف والقلق والتوتر النفسي والشرود الذهني جزءا من الحياة اليومية للطلبة. الأطفال على وجه الخصوص يعيشون آثارا نفسية مضاعفة نتيجة النزوح والحرمان من بيئة تعليمية آمنة، ولا يمكن إغفال أثر الجوع والحصار على التركيز والتحصيل الدراسي؛ إذ ينعكس مباشرة على نفسية الطالب وقدرته على التعلم.

كيف ستعمل الوزارة على تعزيز الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب والمعلمين مع بداية العام الدراسي، خصوصا في المناطق الأكثر تضررا؟

ندرك تماما أن الدعم النفسي والاجتماعي لا يقل أهمية عن الجوانب الأكاديمية، لذلك أولينا هذا الملف اهتماما خاصا؛ فقد قمنا بتنفيذ برامج تدريبية للمعلمين والمعلمات لتمكينهم من التعامل مع الأوضاع الضاغطة التي يعيشها الطلبة. كما نظمنا أنشطة متنوعة في عدد من المدارس لتعزيز روح الصمود والتفريغ النفسي، إضافة إلى تنفيذ تدريب متخصص لمربيات 12 روضة للأطفال النازحين في مدينتي جنين وطولكرم.

كما قمنا بتفعيل الأنشطة الرياضية والترفيهية باعتبارها وسيلة فعّالة لتخفيف الضغط النفسي عن الطلبة، ونواصل عبر وحدات الإرشاد التربوي تنفيذ أنشطة متواصلة في المدارس. نحن نؤمن أن التعافي النفسي جزء لا يتجزأ من العملية التعليمية، وأن أي استثمار في التعليم يجب أن يوازيه استثمار في الصحة النفسية والرفاه الاجتماعي للطلبة والمعلمين على حد سواء.

كيف يؤثر استمرار القصف والاعتقالات الإسرائيلية على دافعية الطلبة لمواصلة التعليم؟

هذه العوامل مجتمعة، من نزوح وتشريد وقصف وجوع اعتقالات، تضعف الدافعية للتعلم بشكل كبير، وتعيد ترتيب الأولويات لدى الطلبة وأسرهم، حيث تصبح النجاة والبقاء أهم من أي شيء آخر. نلاحظ تذبذبا في مستوى حضور الطلبة ومشاركتهم، خصوصا في المدارس الافتراضية، تبعا لشدة الوضع الميداني وما يرافقه من ضغوط.

ما الخطط التي وضعتها الوزارة لضمان استمرار التعليم في ظل الحرب والحصار؟

خططنا تقوم على مستويين: قصير المدى وبعيد المدى. فعلى المدى القريب، نعمل على استمرار التعليم عبر المدارس الافتراضية والمراكز التعليمية المؤقتة، وتوفير بدائل حتى لو كانت خياما للمدارس المُدمّرة، وهناك أكثر من 3000 معلم ومعلمة من الضفة الغربية يدرّسون لطلبة غزة في المدارس الافتراضية التي أطلقناها. أما على المدى البعيد، فهناك خطة لإعادة بناء المدارس بشكل كامل وتعويض الفاقد التعليمي. وفي كلا المستويين، نولي أهمية خاصة للتدخلات النفسية الموازية للعملية التعليمية.

ما فرص تفعيل التعليم الإلكتروني أو البدائل المؤقتة في المناطق المتضررة؟

الفرص متوسطة؛ إذ يعيقها غياب الكهرباء والإنترنت بشكل منتظم، لكننا مع ذلك نبقي هذا الخيار حاضرا، ويعتبر تدخل المدارس الافتراضية الأبرز حاليا، رغم التحديات الكبيرة.

ما مستوى التعاون القائم بين وزارة التربية والتعليم ووزارات أخرى لمواجهة هذه الأزمة؟

هناك تنسيق متواصل مع الوزارات المختلفة، مثل وزارة الصحة لمعالجة الآثار الصحية، ووزارة الاتصالات لتأمين الخدمات التقنية، ووزارة الحكم المحلي لتوفير البنى التحتية المؤقتة، ووزارة شؤون القدس التي تواجه التحديات الخاصة في المدينة. كما أن وزارة المالية والوزارات الأخرى شريكة معنا في محاولة مواجهة هذه الأزمة المركبة.

كيف تتعامل الوزارة مع المنظمات الدولية كاليونسكو واليونيسف للضغط من أجل حماية الحق في التعليم؟

نتواصل مع هذه المؤسسات بشكل مستمر، ونطالبها بأن تكون أكثر فاعلية ووضوحا في مواقفها، وأن تنتقل من الإدانة إلى الضغط السياسي والعملي على الاحتلال، لحماية حق الطلبة الفلسطينيين في التعليم الآمن والمستقر.

هل هناك استجابة دولية كافية لنداءات الوزارة بخصوص حماية المدارس والطلبة؟

للأسف لا، فحتى اللحظة الاستجابة أقل بكثير من حجم المأساة. المطلوب تدخل دولي أكثر عمقا وتأثيرا، يضمن تحييد المؤسسات التعليمية وحماية الطلبة والمعلمين من الاستهداف المباشر.

ما خطط وزارة التعليم في مرحلة ما بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي؟

الحكومة الفلسطينية تضع ملف التعليم في صدارة أولوياتها، وندرك تماما حجم التحدي والمسؤولية الملقاة على عاتقنا في مرحلة ما بعد العدوان الإسرائيلي. ولذلك فقد أعددنا خططا شاملة وجاهزة للتنفيذ فور توقف العدوان، تنطلق من قناعة راسخة بأن التعليم هو الركيزة الأساسية لإعادة بناء الإنسان والمجتمع الفلسطيني.

هذه الخطط تنقسم إلى أكثر من مسار متكامل، أولها العمل على استعادة التعليم الوجاهي في المدارس والجامعات التي دمرها الاحتلال، من خلال توفير بدائل مؤقتة في المرحلة الأولى، ثم الشروع في إعادة إعمار المؤسسات التعليمية بشكل كامل وفق رؤية حديثة تلبي احتياجات الطلبة والمعلمين. وهناك فرق عمل متخصصة تعمل منذ الآن على إعداد التصورات والخطط التنفيذية، لضمان انطلاقة سريعة وفاعلة بمجرد أن تتاح الظروف.

كما تتضمن الخطط برامج لتعويض الفاقد التعليمي الكبير الذي تكبدته أجيال من الطلبة، سواء عبر برامج مكثفة أو من خلال التعليم المدمج الذي يجمع بين التعليم الوجاهي والإلكتروني. ولا يغيب عن بالنا الجانب النفسي، إذ سنعطي أولوية قصوى للتدخلات التربوية والنفسية، لمساندة الطلبة والمعلمين على تجاوز آثار الصدمات والضغوط التي عاشوها طوال فترة العدوان.

إننا نؤكد بثقة أن الحياة ستعود إلى قطاع غزة، وأن العملية التعليمية ستنهض من جديد، وسنكون على العهد أوفياء لحق أبنائنا وبناتنا في التعليم، مؤمنين بأن الأمن والأمان سيشكلان القاعدة الصلبة التي ينطلق منها مستقبل التعليم في فلسطين.

ما مطالبكم العاجلة من المجتمع الدولي والأمم المتحدة فيما يتعلق بالانتهاكات الإسرائيلية؟

مطالبنا واضحة: أولا، تحييد التعليم الفلسطيني عن الاستهداف العسكري والسياسي. ثانيا، تبني خطة دولية شاملة لإنقاذ العملية التعليمية ومنح الطلبة فرصا بديلة للتعلم. ثالثا، وقف الاستهداف الممنهج لعناصر المنظومة التعليمية. رابعا، رفع الحصار المالي الظالم الذي حال دون توفير أبسط متطلبات التعليم، بما في ذلك رواتب المعلمين. وأخيرا، نطالب بتوفير مصادر دعم تتناسب مع حجم الكارثة والخسائر التي لحقت بالقطاع التعليمي في فلسطين.