تواصل حرب
الاحتلال الإسرائيلي على قطاع
غزة تأثيرها القطاعات الحيوية حول العالم، بما في
ذلك عاصمة صناعة
السينما هوليود، خاصة في ظل حالة الغضب والغليان التي تعيشها الشعوب
في العديد من الدول رافضا لاستمرار حرب الإبادة على القطاع المحاصر.
ونشرت صحيفة
"نيويورك تايمز" مقالا لمحررة موقع "ذي راب" حول حرب غزة وأثرها
على هوليوود، قائلة إن عاصمة الصناعة السينمائية في العالم تواجه حربا مع نفسها بشان
الحرب في غزة
وقالت كاتبة
المقال أنه مع بدء موسم المهرجانات السينمائية الجادة بمهرجاني بمهرجاني البندقية وتورنتو
السينمائيين الدوليين، عادت الانقسامات التي أحدثتها وحاولت كتمها إلى دائرة الضوء.
وقد أدى العنف الوحشي الذي بدأ قبل عامين تقريبا في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 إلى
انقسام مجتمع الفرجة، بشكل لم تشهده إلا قضايا قليلة في العقود الأخيرة، وكانت نتائجه
مؤلمة.
وأضاف أنه على عكس
نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا أو حتى الحرب في أوكرانيا، وهي قضايا كان بإمكان
الصناعة التقدمية إلى حد كبير أن تتحد بشأنها، لا يزال الصراع بين فلسطين وإسرائيل
يمثل عبئا ثقيلا، مع قناعات راسخة وغاضبة في جميع الإتجاهات.
وأشار إلى أن الفيلم
الوثائقي "لا أرض أخرى"، الذي صور القمع في الضفة الغربية، قد حاز على اعترافات
مهرجانات السينما العام الماضي، وفاز في النهاية بجائزة أوسكار، لكنه أثار جدلا واسعا
لدرجة أن الموزعين لم يرغبوا في التعامل معه أو مسه.
وقال واكسمان إن كلا
من مؤيدي فلسطين والمدافعين عن إسرائيل يشعرون بالقمع بسبب آرائهم أو يخشون ان يتعرضوا
له.
وأضاف الكاتبة أنه
منذ البداية تقريبا، كان هناك حديث عن أعمال انتقامية ضد أولئك الذين يعلنون عن آرائهم.
فقد انطلق مهرجان البندقية السينمائي الشهر الماضي باحتجاج شعبي حاشد، إلى جانب دعوات
من مجموعة من صانعي الأفلام والفنانين الدوليين لاتخاذ "موقف واضح لا لبس فيه"
ضد "الإبادة الجماعية المستمرة في غزة والتطهير العرقي في جميع أنحاء فلسطين الذي
تنفذه الحكومة والجيش الإسرائيلي".
وتابعت أن المجموعة
طالبت المهرجان بإلغاء الدعوات الموجهة إلى الممثلين المشاركين في الأفلام التي تعرض
لأول مرة هناك، بمن فيهم نجما فيلم "بين يدي دانتي"، غال غادوت، وهي إسرائيلية،
وجيرارد بتلر، اللذان أدليا بتصريحات داعمة لإسرائيل، ورد منظمو المهرجان، وكذلك مخرج
فيلم "دانتي" جوليان شنابل، بمحاولة إعادة التركيز على الأفلام المعروضة
في المهرجان. وفي الوقت الذي لم تلغ فيه دعوة غادوت ولا بتلر، ولكن لم يحضر أي منهما
المهرجان أيضا.
وأضاف أن فيلم
"الطريق بيننا: الإنقاذ النهائي"، وهو فيلم وثائقي للمخرج الكندي باري أفريتش،
يروي قصة جنرال إسرائيلي متقاعد، نعوم تيبون، يتحرك سريعا من تل أبيب إلى كيبوتس ناحال
عوز لمحاولة إنقاذ أطفاله وأحفاده خلال الهجوم الأول لحماس.
وقالت إنه من المقرر
عرض الفيلم لأول مرة في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي يوم الأربعاء. وكاد ألا يعرض،
مع أنه كان على قائمة أفلام مهرجان تورنتو السينمائي الدولي، إلا أنه سحب، بزعم أن
بعض اللقطات الخاصة بهجوم حماس لم يتم التأكد منها. وبعدما وقعت أكثر من 1,000 شخصية
من صناعة الفرجة، بمن فيهم إيمي شومر وديبرا ميسينغ على عريضة تزعم أن المهرجان يقوم
بإسكات الأصوات اليهودية، أعاد مهرجان تورنتو السينمائي الدولي الفيلم إلى جدوله.
ويمثل مهرجان البندقية
ومهرجان تورنتو السينمائي الدولي، الذي افتتح يوم الخميس الماضي، الانطلاقة غير الرسمية
لموسم الجوائز السنوي. ويحضر النجوم والاستوديوهات والعديد من الشخصيات البارزة في
هوليوود، إلى جانب العديد من وسائل الإعلام العالمية.
وتعلق الكاتبة أن الاضطرابات
العامة المحيطة بالمهرجانين تجسد اللحظة الراهنة في عالم السينما: ففي صناعة يفترض
أنها تناصر حرية التعبير بل وتحتاج إليها من أجل الازدهار، أصبحت غزة قضية لا تطرح
للنقاش.
فمن جانب هناك مجتمع
يهودي راسخ ولكنه شديد الحذر، يشكك، ليس من دون أدلة، في أن القصص التي تقدم وجهة نظر
إسرائيل بتعاطف غير مرحب بها وأن التهديد المتزايد لمعاداة السامية يتم تجاهله من قبل
الزملاء التقدميين.
وتابعت أنه على الجانب
الآخر، هناك مجموعة من الفنانين والمديرين التنفيذيين الواعين سياسيا، بمن فيهم جيل
أصغر من اليهود، يشعرون بالرعب بما حدث في غزة، لكنهم يخشون أن يؤثر دعمهم العلني للفلسطينيين
على مسيرتهم المهنية.
وقد ألقت سوزان ساراندون
كلمةً في تجمعٍ مناصرٍ للفلسطينيين، وتوقفت وكالة المواهب الخاصة بها عن التعامل معها.
كما وطردت ميليسا باريرا من دورها في سلسلة أفلام "الصرخة" بعد أن نشرت تعليقات
على منصات التواصل الإجتماعي انتقدت فيها الرد العسكري الإسرائيلي على هجمات
7 تشرين الأول/أكتوبر.
وأشار إلى أن نجمة
فيلم "سنو وايت"، ريتشل زيغلر، نشرت عبارة "وتذكروا دائما، حرروا فلسطين"
خلال الترويج المبكر للفيلم في آب/أغسطس 2024، وواصلت الدفاع عن آرائها بشأن فلسطين
على السجادة الحمراء مع إطلاق الفيلم في وقت سابق من هذا العام.
وتابعت أنه من المؤكد
أن المسؤولين التنفيذيين في ديزني يعتقدون أن هذا لم يساعد فيلم "سنو وايت"،
الذي حقق إيرادات هزيلة بلغت 206 مليون دولار عالميا. وكانت زيغلر في الأونة الأخيرة
تؤدي على خشبة المسرح في لندن بمسرحية "إيفيتا"، ولكنك إذا سألت صناع القرار
في هوليوود، فهي غير صالحة للإستئجار في مجال السينما لأن حرب غزة ليست قضية يرغب أي
شخص في هذا المجال أن يناقشها أحد نجومه لها.
وقالت إنه لم يكن الدفاع
عن إسرائيل بلا عواقب أيضا. فقد فقدت ميام بياليك، وهي مؤيدة صريحة لإسرائيل، وظيفتها
كمقدمة لبرنامج "جيوبردي" في كانون الأول/ ديسمبر 2023، وهمس البعض أن ذلك
كان بسبب نشاطها. وفي مقابلة مع غادوت التي شاركت زيغلر بطولة فيلم "سنو وايت"،
اجريت معها هذا الصيف
على التلفزيون الإسرائيلي، وكانت فيها صريحة وقالت بصوت عال (ولكن بالعبرية) ما تجنبته
سابقا: "ما يحدث في مختلف الصناعات، وفي هوليوود أيضا، هو وجود ضغوط كبيرة على
المشاهير لإثارة قضايا ضد إسرائيل". ومثل زيغلر، يبدو أن مسيرة غادوت المهنية
قد تباطأت.
وتعلق واكسمان قائلة:
"أعرف حيتان استوديوهات ومنتجين وممثلين ووكلاء يعتقدون أنهم تعرضوا للخيانة من
قبل الحركة التقدمية التي دعموها لعقود بسبب اتهاماتها بالإبادة الجماعية وعدم إدانة
معاداة السامية".
وأضافت أن آري إنجل،
مدير موسيقى وقائد مجموعة "المجتمع الإبداعي من أجل السلام"، التي رعت العريضة
لإعادة عرض فيلم "الطريق بيننا" في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي وقال:
"أي شخص يتحدث نيابة عن إسرائيل يجبر على الصمت".
وأضاف: "بعد
7 تشرين الأول/ أكتوبر، تلقينا رسالة ووقع عليها الجميع، من أنطوان فوكوا وجيري ساينفيلد
وكريس باين". الآن، كما يقول، أصبح من الأصعب بكثير إقناع الناس بالتوقيع على
رسائل مماثلة، "هناك أثر لحملة إسكات" كما قال.
وتقول واكسمان، لا
أحد يريد إثارة الجدل الآن. لكن هوليوود لطالما عالجت السياسة من خلال سرد قصص إنسانية.
وقد أشار إنجل إلى أن مهرجان تورنتو السينمائي الدولي يتضمن أربعة أفلام تحكي قصصا
فلسطينية، ولهذا السبب فهو سعيد لأن مجموعته فازت في معركة عرض فيلم "الطريق بيننا"
أيضا.
واختتمت قائلة إن أحد
هذه الأفلام الأربعة، وهو فيلم "صوت هند رجب" للمخرجة كوثر بن هنية،
الذي حاز على المركز الثاني في جائزة لجنة التحكيم الكبرى في مهرجان البندقية. وكلاهما
يفعل ما تفعله الأفلام: تقديم الجمهور إلى تجارب وإنسانية الآخرين لا أنفسهم. ولا ينبغي
لهوليوود أن تخشى فعل ذلك.