حول العالم

بعد أن سُوّيت قراهم بالأرض.. أفغانُ ينامون في العراء خوفًا من هزات ارتدادية بعد الزلزال المدمّر

تسبّب زلزال ولاية كونار في تدمير أكثر من 6780 منزلاً بشكل كامل- إعلام أفغاني
في شرق أفغانستان، يجد النّاجون من الزلزال الذي وُصف بـ"المدمّر " والذي تبعته ست هزات ارتدادية قوية، أنفسهم، بلا مأوى، أو ينامون في العراء متجنّبين دخول المباني، القليلة القائمة، خوفا من هزات ارتدادية.

وبحسب عدد من الصحف المحلية، فإنّ الزلزال قد تسبّب في تدمير أكثر من 6780 منزلاً بشكل كامل، ما أدّى إلى تشريد آلاف العائلات، فيما ارتفع عدد الضحايا إلى 1457 قتيلاً وأكثر من 3394 جريحاً، وفقاً لما أعلنته الحكومة الأفغانية اليوم، 


وتسبّب الزلزال بدمار كامل في بعض القرى، الواقعة على سفوح التلال الخضراء في المنطقة الزراعية النائية، على الحدود مع باكستان، بينما لا يزال العديد من سكّانها تحت الأنقاض، وفي أماكن أخرى، دُمّرت منازل بشكل جزئي، غير أنّ سكانها الذين يعتبرون أنّ كلّ مبنى يشكّل خطرا محتملا، فضّلوا البقاء في العراء في النهار والليل.


إلى ذلك، لا تزال آثار "الليلة المرعبة" ماثلة في ذهن عمران محمد عارف، الذي دمّر الزلزال منزله في قرية دار النور في ولاية ننكرهار. ويؤكد أنّه ينام في الخارج على حصيرة بلاستيكية مع أربعة من أفراد عائلته.
ويضيف لوكالة "فرانس برس" الفرنسية: "وقعت هزة أمس وكانت هناك هزة أخرى هذا الصباح".


"خائفون للغاية"

يتابع المتحدّث نفسه: "ننام في العراء لأنه ليس لدينا مكان نعيش فيه أو نذهب إليه. نطلب المساعدة من الجميع". وفي قرية دار النور، يتم بناء ملاجئ موقتة من أي مواد متوافرة، مثل قطع البلاستيك والقماش. أما الأشخاص الأوفر حظا، فقد تمكّنوا من التوجه إلى جلال آباد عاصمة الولاية.

حتى في هذه المدينة حيث شعر السكان بالزلزال والهزات الارتدادية، دون أن تقع أضرار، تقول فرشتا، وهي طبيبة تبلغ 42 عاما "نحن خائفون للغاية"، وتضيف: "في كل مرة أخطو خطوة، أشعر وكأن الأرض تهتز. لا نبقى في المنزل بل ننام في الحديقة، ولا ننفك عن التفكير بأن زلزالا آخر سيقع".

وفي السياق نفسه، تتكرّر المشاهد في أماكن أخرى من المناطق المتضرّرة التي انقطع بعضها عن العالم بسبب الانهيارات الأرضية، خصوصا في ولاية كونار. فيما يحذّر إعجاز الحق ياد، وهو مسؤول حكومي في في منطقة نورغل، من أنّ الناجين الذين يغادرون منازلهم الواقعة في المرتفعات ويلجأون إلى مناطق منخفضة مثل الحقول أو قرب مجاري الأنهر وعلى جوانب الطرق، يعرّضون أنفسهم لخطر الانهيارات الأرضية في حال وقوع هزات ارتدادية، مشيرا إلى أنّ: "المنطقة خطيرة للغاية، لا يمكن البقاء فيها لوقت طويل أو الذهاب إليها سيرا".


"صعوبة الوصول للضحايا"

وفقا لسلطات طالبان، دمّر الزلزال والهزات الارتدادية حوالى 7 آلاف منزل، ما أدّى إلى تشريد الكثير من الأسر، فيما تقول الأمم المتحدة إنّ: "في حوزتها 14 ألف خيمة جاهزة للتوزيع. ولدى الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر 700 خيمة على الأقل".

ولكنّه أبلغ "فرانس برس" أنّه: "لا يستطيع توزيعها بسبب صعوبة الوصول إلى القرى"، بينما تقول سورات وهي ربة منزل أصيبت في الزلزال مع زوجها وأطفالها "ساعدونا، امنحونا مأوى، لم يبقَ لنا شيء".


هو الأعنف في تاريخ أفغانستان
تضيف سورات في حديثها لـ"فرانس برس" أنّها قد تلقّت العلاج في مستشفى محلي بعدما انتشلها عناصر الإنقاذ من بين أنقاض منزلها، ثمّ طُلب منها العودة إلى دار النور حيث لم يتبق لها شيء، وبينما تنتظر المساعدة، تقول وهي جالسة على سرير تقليدي محاطة بثلاثة أطفال صغار "سنبقى في الوادي".

وأكد برنامج الأغذية العالمي أنّ الزلزال، وهو من الأعنف في تاريخ أفغانستان، كان "آخر ما تحتاجه الأُسر التي لديها أطفال صغار في بلد حيث لا يتوافر لكثيرين ما يكفي من الطعام وتعاني نسبة كبيرة من الأطفال من سوء التغذية".


وتعيد هذه المأساة إلى الأذهان زلزالا عنيفا وقع في العام 2023 في ولاية هرات عند الطرف الغربي لأفغانستان قرب الحدود مع إيران. يومها، تلا الزلزال الأولي الذي بلغت قوته 6,3 درجة، ثماني هزات ارتدادية قوية على الأقل، ودمّرت في كلّ مرة قرى بأكملها.