كتاب عربي 21

المبعوثة الأممية.. إحاطة بعيدة عن التوقعات والتطلعات

الخارطة ضمن محاورها الرئيسية الثلاث (المفوضية، الإطار الدستوري والقانوني، الحكومة) ربما لا تشكل قلقا بالنسبة لجبهة الغرب الليبي ممثلة في حكومة الوحدة ومن يناصرها.. الأناضول
استهلت المبعوثة الأممية، هانا تيتيه، إحاطتها أمام مجلس الأمن بالحديث عن الانتخابات البلدية، واستخلصت المبعوثة الأممية أن إجراء الانتخابات في 26 بلدية، كلها في الغرب الليبي، مؤشرا على رغبة الليبيين في الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، وأن الليبيين يتوقون لانتخاب من يمثلهم، إلا إنها بدت غير واثقة ولا واضحة في استخلاص نتيجة مشابهة من منع إجراء الانتخابات في 26 بلدية تقع في مناطق نفوذ "القيادة العامة"، في شرق وجنوب البلاد، واكتفت بعبارات الأسف وحث السلطات في الشرق للسماح بإجراء الانتخابات، وجنوحها للتعميم عند تفسير أسباب المنع بأنه نتيجة للانقسام، دون توجيه إدانة أو استنكار هذا الفعل الذي يبرهن على أن هناك طرف لا يريد للمسيرة الديمقراطية، بأي شكل أو في أي مستوى، أن تجد لها طريقا في ليبيا.

جوهر الإحاطة وموضوعها الرئيسي الذي ترقبه الليبيون وتطلعوا أن يكون عند مستوى آمالهم، هو خارطة الطريق، والتي ذكرت المبعوث الأممية أنها استندت لتصميمها على ثلاث أسس هي: مخرجات اللجنة الاستشارية، وملاحظات من التقتهم من مكونات المجتمع، والاستطلاع الذي أجرته البعثة، حيث أن الاتجاه كان لصالح خيار الانتخابات البرلمانية والرئاسية المتزامنة، والذي حسب استطلاع البعثة حاز على أعلى نسبة (42%).

وعليه فإن البعثة تبنت خارطة يقوم مسارها العام على عدد من الخطوات أساسية ضمن إطار زمني يتراح ما بين سنة إلى سنة ونصف يفضي إلى الانتخابات، أهم هذه الخطوات:

ـ إعادة تأهيل المفوضية عبر إعادة هيكلة مجلس إدارتها.
ـ تعديل الإطار الدستوري والقانوني لحل الخلاف حولهما.
ـ تشكيل حكومة موحدة.

الرأي العام الليبي، وفق استطلاعات موثوقة، لا يتوقع أن يحدث تطور في المسار السياسي يفضي إلى تغيير حقيقي في الأجسام الراهنة، في ظل حاكمية مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على المسار السياسي وتحكمهما في العملية السياسية، والتطلعات كانت باتجاه أن تعتمد البعثة خيار "المجلس التأسيسي" والذي هو ضمن الخيارات التي تقدمت بها اللجنة الاستشارية، وهذا لم يقع..
وتدرك المبعوثة أن هذه النقاط لا تتضمن جديدا مهما، وأن العوائق والعراقيل التي أفشلت ما سبقها من خوارط وخطط ما تزال قائمة، لذا فقد أشارت إلى مسألتين إضافيتين تتعلقان بالعوائق والعراقيل، هما: تنفيذ إجراءات حاسمة لتسهيل إجراء الانتخابات، ودمج ضمانات ضمن خارطة الطريق وبدائل في حال عرقلة المسار الانتخابي في أي مرحلة من مراحل الخارطة، لكن لم توضح المبعوثة طبيعة هذه الإجراءات وكيف يمكن أن ترتقي إلى مستوى الإجراءات الحاسمة والضمانات التي تزيل العراقيل "المعلومة" من أمام المسار الديمقراطي!!

الخارطة ضمن محاورها الرئيسية الثلاث (المفوضية، الإطار الدستوري والقانوني، الحكومة) ربما لا تشكل قلقا بالنسبة لجبهة الغرب الليبي ممثلة في حكومة الوحدة ومن يناصرها، ذلك أن التغيير الحكومي مشروط بتعديل قوانين الانتخابات، والأخيرة مسألة لا يمكن القطع بإنجازها خلال شهرين خاصة بعد عودة محمد تكالة إلى رئاسة المجلس الأعلى للدولة. وهي (أي الخارطة) مخيبة للأمال بالنسبة لجبهة الشرق ممثلة في البرلمان والقيادة العامة، ذلك أن الخارطة في نظرهم تطيل عمر حكومة الوحدة بل تضمن لها البقاء إلى أجل غير معلوم في ظل رجحان عدم الاتفاق على إعادة تشكيل المفوضية والتعديل في قوانين الانتخابات.

الرأي العام الليبي، وفق استطلاعات موثوقة، لا يتوقع أن يحدث تطور في المسار السياسي يفضي إلى تغيير حقيقي في الأجسام الراهنة، في ظل حاكمية مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على المسار السياسي وتحكمهما في العملية السياسية، والتطلعات كانت باتجاه أن تعتمد البعثة خيار "المجلس التأسيسي" والذي هو ضمن الخيارات التي تقدمت بها اللجنة الاستشارية، وهذا لم يقع، بل لم تتضمن خارطة المبعوثة الأممية إشارة إلى أنه يمكن أن يكون خيار المجلس التأسيسي البديل عن الأجسام التقليدية في إدارة العلمية السياسية في حال تعثر السير بالخارطة.

والخلاصة فيما يتعلق بخارطة البعثة أنها لم تأت بجديد يعول عليه في إحراز تقدم في العملية السياسية التي تشهد جمودا بل ربما تعاني مواتا، وأن نجاحها سيعتمد على ضغط قوي لا تملكه البعثة، وستتجه الإنظار إلى واشنطن في انتظار موقف يفعل فعله في الحالة الليبية.