سياسة عربية

أرملة "بيليه فلسطين" تجيب محمد صلاح عمن قتل زوجها ولماذا؟

أرملة بيليه فلسطين تكشف مأساة زوجها: الاحتلال قتلت سليمان العبيد أثناء بحثه عن لقمة لأطفاله الجوعى - الأناضول
ردّت دعاء العبيد، أرملة لاعب كرة القدم الفلسطيني الراحل سليمان العبيد، الملقب بـ"بيليه فلسطين"، على استفسار نجم نادي ليفربول المصري محمد صلاح حول ظروف مقتل زوجها، الذي استشهد برصاص الجيش الإسرائيلي أثناء محاولته تأمين الطعام لأطفاله في قطاع غزة المحاصر.

وقالت دعاء، في حديث لوكالة الأناضول، إن زوجها "قتل وهو متوجه لجلب مساعدات من مراكز التوزيع الإسرائيلية-الأمريكية، التي تحولت إلى ما يُعرف بـ'مصائد الموت'". 

وأضافت: "كان من المفترض أن يحظى بحماية توفر له حياة كريمة من اتحاد الكرة الفلسطيني والاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، لكن غياب الحماية دفعه للذهاب إلى مراكز المساعدات لتأمين لقمة العيش لأطفاله".


وكان محمد صلاح قد علّق على منشور الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" عبر منصة "إكس"، قائلاً: "هل يمكنكم أن تخبرونا كيف توفي العبيد؟ وأين؟ ولماذا؟"، بعد أن نشر الاتحاد نعياً للاعب، وصفه فيه بأنه "موهبة منحت الأمل لعدد لا يحصى من الأطفال حتى في أحلك الأوقات".

استشهد العبيد، البالغ 41 عاماً، الأسبوع الماضي، أثناء انتظار المساعدات جنوب قطاع غزة، بعد أن كان أحد أبرز نجوم كرة القدم الفلسطينية، حيث شارك مع المنتخب الوطني في 24 مباراة دولية، وتقلد ألقاب هداف الدوري الممتاز في موسمين، وسجل أكثر من 100 هدف خلال مسيرته الكروية بين أندية غزة والضفة الغربية.

معاناة النزوح والجوع
أوضحت دعاء العبيد أنها نزحت مع زوجها وأطفالها الخمسة منذ بداية حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بعد تدمير منزلهم، متنقلين بين خيام النزوح في جنوب القطاع ووسطه، وسط ظروف معيشية قاسية وغلاء فاحش في الأسعار.

وقالت وهي تمسح دموعها بيد مرتجفة: "الراتب الذي كان يستلمه سليمان لم يكن يكفينا ليوم واحد بسبب الغلاء الكبير وعدم توفر المواد الغذائية". وأضافت: "مرت أيام طويلة دون أن نتذوق الخبز، ووصل سعر كيلو الطحين إلى 120 شيكلاً (32 دولاراً)، ولم يعد أمام سليمان سوى الذهاب إلى مراكز المساعدات لتأمين لقمة العيش لأطفاله".

وتشهد غزة أزمة إنسانية حادة، بفعل القصف المستمر والحصار المفروض منذ آذار/مارس الماضي، الذي أوقف دخول المواد الغذائية والإغاثية والطبية، ما أدى إلى شلل شبه كامل في الحياة الاقتصادية وارتفاع الأسعار وانعدام الأمن الغذائي، وفق تقارير أممية.

وعلى الرغم من تدخل بعض المنظمات الإغاثية، بدأ الاحتلال الإسرائيلي منذ 27 أيار/مايو الماضي تنفيذ خطة توزيع "مساعدات" مزعومة عبر "مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية"، المدعومة أمريكياً وإسرائيلياً، والتي رفضها المجتمع الدولي. 

وأدت هذه الآلية، التي وُصفت بـ"مصائد الموت"، إلى مقتل ألف و859 فلسطينياً وإصابة 13 ألف و594 آخرين منذ بدء تطبيقها، وفق بيانات وزارة الصحة في غزة.

يعتمد فلسطينيو القطاع بشكل كامل على المساعدات، بعد أن حولتهم الإبادة المستمرة منذ 22 شهراً إلى فقراء، بحسب بيانات البنك الدولي، وسط تدهور مستمر في الأوضاع الإنسانية وانعدام الموارد الأساسية.


الأيام الأخيرة قبل الاستشهاد
تروي دعاء كيف كان زوجها يعيش صراعاً يومياً بين صرخات أطفاله الجوعى وعجزه عن توفير لقمة تسد رمقهم. 

وتقول: "الأيام الأخيرة كانت الأصعب، نفد الطحين، وغابت الخضروات والمواد الأساسية، وارتفعت الأسعار إلى مستويات تعجز عنها يد الأسر محدودة الدخل".

وتتابع: "كان سليمان يعود إلى الخيمة محملاً بالحسرة أكثر من الطعام بعد محاولات فاشلة للحصول على ما يسد حاجتهم، ولم يجد بديلاً سوى التوجه إلى نقاط توزيع المساعدات الأمريكية". 

وأضافت: "فجر يوم استشهاده، توضأ وصلّى واستمع للقرآن، وقال لي: الأطفال أمانة في رقبتك". 

وسرعان ما وصلهم خبر إصابته برصاص جيش الاحتلال أثناء ذهابه مع أقاربه للمساعدات، قبل أن تتأكد وفاته وإصابة بعض أقاربه بجروح خطيرة.

حلم ضائع ومواصلة العطاء الكروي
وظل العبيد رغم النزوح والجوع،  يمارس كرة القدم مع أبنائه بين الخيام، ويبحث عن أي فرصة لمواصلة شغفه. 

وكانت أحلامه تعليم أبنائه أصول اللعبة ليصبحوا لاعبين محترفين، لكن الحرب والإبادة لم تمهله لتحقيق ذلك. 

وتقول دعاء: "كان سليمان لا يتوقف عن التواصل مع أصدقائه لترتيب مباريات ودية كلما سنحت الفرصة، حتى في أحلك الظروف".

ونال العبيد لقب "بيليه فلسطين" تقديراً لموهبته الكبيرة، تيمناً بأسطورة كرة القدم البرازيلية، وظل اسمه رمزاً للأمل والتحدي في أحلك الأوقات. وتختتم أرملته حديثها وهي تشد بيديها على قميصه الرياضي: "كل ذكرياته ذهبت في قصف البيت، ولم يتبق لي سوى هذا… آخر ما يربطني به".

ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ويرتكب الاحتلال إبادة جماعية في غزة بدعم أمريكي، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية. 

وقد خلفت هذه الإبادة 61 ألفا و722 شهيدا و154 ألفا و525 مصاباً، معظمهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، فضلاً عن وفاة 235 شخصاً بسبب المجاعة، بينهم 106 أطفال.