كشفت صحيفة "
يسرائيل هيوم" العبرية، أمس الثلاثاء، أن دولة الاحتلال الإسرائيلي قدّمت إلى رئيس مجلس النواب الأمريكي، مايك
جونسون، "خرائط ووثائق" تتعلق بخطط فرض السيادة الإسرائيلية على
الضفة الغربية المحتلة، في خطوة أثارت ردود فعل
فلسطينية غاضبة، وسط تحذيرات من تقويض فرص السلام وإنهاء مبدأ حل الدولتين.
وبحسب الصحيفة، جاء ذلك خلال لقاء جمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو مع جونسون والوفد المرافق له، الإثنين الماضي، في مستوطنة "شيلو" شمال شرقي مدينة رام الله، وهي إحدى أبرز المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
إبلاغ أمريكي رسمي بخطط الضم
وأوضحت الصحيفة أن هذا اللقاء شهد للمرة الأولى إبلاغ نتنياهو لمسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى، على رأسهم جونسون، بعزم حكومته اتخاذ قرار عسكري وشيك في قطاع غزة، واصفاً إياه بأنه "لا مفر منه".
يأتي هذا التصريح في وقت تتواتر فيه تقارير وتسريبات إعلامية إسرائيلية تتحدث عن نية نتنياهو إعادة احتلال قطاع غزة، الذي كان الاحتلال الإسرائيلي قد سيطر عليه سابقاً لمدة 38 عاماً (منذ 1967 وحتى الانسحاب الأحادي عام 2005)، وهو ما يعتبر تصعيداً خطيراً في سياق الحرب المتواصلة على القطاع منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
خرائط لضم الضفة الغربية
ووفق ما نقلته "يسرائيل هيوم"، فإن الاحتلال عرض على جونسون "وثائق وخرائط" توضّح رؤيتها لضم الضفة الغربية، دون الإفصاح عن فحوى هذه الوثائق أو تفاصيل الخطط المقترحة.
ومن شأن هذه الخطوة، بحسب مراقبين، أن تُنهي فعلياً أي أفق لتطبيق مبدأ حل الدولتين، الذي يُعد أحد أهم مخرجات القرارات الدولية بشأن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وتؤكد عليه الأمم المتحدة كمسار لتحقيق السلام العادل والشامل.
يُشار إلى أن زيارة مايك جونسون إلى مستوطنة "أرئيل" في الضفة الغربية المحتلة تُعد الأولى من نوعها لمسؤول أمريكي بهذا المستوى، إذ يُعد جونسون ثالث أعلى منصب في السلطة الأمريكية بعد الرئيس ونائبه وفق الدستور.
وخلال زيارته، التقى جونسون بمسؤولي مجلس "يشع" الاستيطاني، الذي يشرف على الأنشطة الاستيطانية في الضفة، وكان برفقته رئيس بلدية مستوطنة أرئيل، يائير شتافون.
وأدلى جونسون بتصريحات مثيرة للجدل، إذ قال إن "يهودا والسامرة"، التسمية التوراتية للضفة الغربية، هي ملك للشعب اليهودي، في تحدٍ واضح للقرارات والمواثيق الدولية التي تعتبر الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية غير شرعي وغير قانوني.
الرئاسة الفلسطينية: زيارة جونسون مستفزة
في المقابل، نددت الرئاسة الفلسطينية، أمس الثلاثاء، بزيارة جونسون إلى مستوطنة أرئيل، مؤكدة أن تصريحاته بشأن الضفة الغربية تُعد "انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي".
واعتبرت الرئاسة أن هذه الزيارة تُشكّل سابقة خطيرة في الموقف الأمريكي الرسمي تجاه الاستيطان، وتشجع الاحتلال على مواصلة سياساته الاستعمارية، في ظل غياب المحاسبة الدولية، والتغاضي الأمريكي المتواصل عن جرائم الحرب الإسرائيلية.
وتأتي هذه التطورات في وقت تواصل فيه سلطات الاحتلال تصعيد جرائمها في الضفة الغربية المحتلة، بالتوازي مع حرب الإبادة الجارية في قطاع غزة.
وبحسب بيانات فلسطينية وأخرى صادرة عن الأمم المتحدة، استشهد ما لا يقل عن 1013 فلسطينياً في الضفة الغربية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بينهم عشرات الأطفال، فيما أُصيب أكثر من 7 آلاف شخص، واعتُقل أكثر من 18 ألف و500 فلسطيني، وسط عمليات اقتحام يومية ومداهمات موسعة تنفذها قوات الاحتلال والمستوطنون المسلحون، خصوصاً في مدن جنين ونابلس وطولكرم والقدس الشرقية.
كما تشهد الضفة تسارعاً غير مسبوق في وتيرة الاستيطان والتهجير القسري، لا سيما في المناطق المصنفة "ج"، حيث تعمل حكومة نتنياهو بالتعاون مع المستوطنين على فرض وقائع ديموغرافية وجغرافية جديدة على الأرض، تمهيداً لتنفيذ مشروع الضم الكامل للضفة الغربية.
وتُطالب السلطة الفلسطينية المجتمع الدولي، وفي مقدمته الولايات المتحدة، بـ"تحمل مسؤولياته القانونية والسياسية"، والضغط على الاحتلال لوقف خطوات الضم والاستيطان، ووقف العدوان المتواصل على الشعب الفلسطيني.