أثار قرار وزارة
الأوقاف والشؤون الإسلامية
في
المغرب بإعفاء محمد بنعلي، رئيس المجلس العلمي المحلي لفكيك، جدلًا واسعًا
تجاوز أروقة المجالس العلمية، ليصل إلى العلن عبر سجال علني بين شخصيتين بارزتين
في الساحة الدينية والسياسية: العلّامة أحمد الريسوني، الرئيس السابق للاتحاد
العالمي لعلماء المسلمين، ورئيس الحكومة الأسبق عبد الإله بنكيران.
وفي تعليق شديد اللهجة، وصف الريسوني القرار
بـ"الاستبدادي"، وذهب أبعد من ذلك حين اعتبر أن وزارة الأوقاف باتت
"رمزًا للتخلف السحيق"، وقال: "لو قيل لي: أنشئْ هيئة مختصة في
تشويه الإسلام، لما وجدت أنسب من وزارة الأوقاف"، منتقدًا ما اعتبره غيابًا
تامًا لأي تعليل أو إجراء قانوني في قرار الإعفاء.
في المقابل، حرص بنكيران على الرد، معتبرًا
أن من حق الريسوني التعبير عن رفضه لمسطرة الإعفاء، لكنه عبّر عن "عدم
قبوله" لما وصفه بـ"المبالغة غير المنصفة" في نعت الوزارة
بـ"تشويه الإسلام"، قائلاً: "لا أرى من العدل ولا من الإنصاف ولا
من اللائق تحميل الوزارة هذا الوصف".
الوزارة من جهتها اعتبرت في بيانها أن
القرار اتُّخذ وفقًا لتقارير متسلسلة من المجلس العلمي الجهوي والمجلس العلمي
الأعلى، مؤكدة أن الإعفاء من "التكليفات غير النظامية" لا يستوجب
بالضرورة تعليلًا علنيًا، وأن القرار لا يستند إلى خلفيات تأديبية أو سياسية.
وقد اختار محمد بنعلي، الرئيس المعفى من رئاسة المجلس العلمي المحلي لفكيك، أن يعبّر عن موقفه من قرار الإعفاء عبر تدوينة مطوّلة حملت عنوان "ملحق الإعفاء: بشرى أضاءت ليَ الطريق"، رأى فيها أن قرار إنهاء مهامه "فتح من الله" وبداية مرحلة جديدة من العمل العلمي خارج الأطر الرسمية. واستحضر بنعلي أجواءً روحانية سبقت تلقيه قرار الإعفاء، مشيرًا إلى أنه تقبله بـ"ارتياح داخلي"، بل اعتبره نقلة نوعية نحو فضاء أكثر حرية واستقلالًا فكريًا.
كما أكد رفضه القاطع لأي عودة محتملة إلى المنصب، مهما كانت الإغراءات، مضيفًا أنه ينوي تخصيص ما تبقى من عمره للتأريخ لبلدته وخدمة قضايا أمته بعيدًا عن "المؤسسة الرسمية والرؤية الرسمية والمواقف الرسمية".
وبينما لم يعلّق مباشرة على خلفيات القرار، فإنه ألمح إلى تفاعلات محتملة مع تدوينته السابقة بشأن غزة، دون أن يجزم بعلاقة مباشرة بين الموقفين، مكتفيًا بالتعبير عن امتنانه الكبير لتضامن وتفاعل القرّاء معه.
الجدل المتصاعد حول هذا الملف يعكس التوتر
الكامن بين السلطة الدينية الرسمية ورجال الفكر والدعوة المستقلين، في وقت لا تزال
فيه قضية حرية التعبير الديني والمؤسسي تطرح تساؤلات ملحّة داخل المشهد المغربي.