رغم فشل كنيست
الاحتلال في عزل النائب أيمن عودة بزعم تأييده لغزة، لكن الخطوة بحد ذاتها تكشف عن تحول هذا المحفل من برلمان يحوي عدة أطياف، إلى مساحة مريحة لليمين الفاشي، وهو علامة شؤم على مستقبل النظام السياسي لدولة الاحتلال.
البروفيسور مردخاي كريمنيتسر، خبير القانون الجنائي والدستوري، وأستاذ الحقوق بالجامعة العبرية، ذكر أن "القادة الإسرائيليين الشعبويين السلطويين الممثلين في الائتلاف الحالي يزعمون أنهم الممثلون الحقيقيون الوحيدون للجمهور الإسرائيلي، لكنهم لا يستطيعون تحمل خسارة الانتخابات، لأن هذا الفشل يدحض ذريعتهم، ويحوّلهم إلى إناء فارغ، ولعل أكثر التحركات المتطرفة من قبلهم تتمثل في محاولات المساس بالتمثيل السياسي للنواب العرب في الكنيست من خلال إجراءات عزل النائبين عوفر كاسيف وأيمن عودة".
وأضاف في مقال نشرته القناة 12، وترجمته "عربي21" أنه "في كلتا الحالتين، لم يكن هناك أي أساس قانوني للفصل، بل كان الأمر بمثابة مضايقة بحتة، وفي هذه الأثناء، انضمت لجنة الأخلاقيات في الكنيست أيضًا إلى حملة الاضطهاد، بقرار آخر ضد عضو الكنيست كاسيف، الذي لم يحظ بالاهتمام الكافي، وقررت أنه انتهك قواعد الأخلاقيات في الكنيست في سلسلة طويلة من التصريحات، وأمرت بإبعاده عن قاعتها ولجانها لمدة شهرين، إضافة لحجب راتبه لمدة أسبوعين".
وأوضح أن "هذا الإجراء يأتي متابعة للإجراءات السابقة التي اتخذتها لجنة الأخلاقيات ضد كاسيف، والسبب الرئيسي للقرار أنه اتهم جيش الاحتلال والدولة بارتكاب جرائم ضد القانون الدولي وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في
غزة، وهو ما زعمت اللجنة أنه يشكل انتهاكا لقواعد الأخلاق، مع أن كبار رجال الدولة والاستراتيجيين مثل بوغي يعالون؛ إيهود باراك؛ إيهود أولمرت؛ يائير غولان وآخرين، وأفضل خبراء القانون الدولي يذكرونها أكثر من أعضاء الكنيست".
وأكد أن "الكنيست بهذه الطريقة ينفصل عن الواقع، ويبدو كمركبة فضائية فقدت طريقها، لأنها لا ترى ما يرتكبه الجيش من جرائم تجويع سكان غزة، وقتل المدنيين على نطاق غير متناسب أثناء ضرب الأهداف العسكرية، وتدمير البنية التحتية المدنية والمنازل دون داعٍ عسكري، والمعاملة القاسية واللاإنسانية للمعتقلين والسجناء، والاحتجاز القسري، بل الطرد من أماكن إقامتهم، للمدنيين في ظروف تجبرهم على مغادرة القطاع".
وأشار أن "إسكات الكنيست لتعبيرات الاحتجاج والمعارضة من جانب أعضائها يُعدّ عملاً قاسياً وغير إنساني، لأن فرض الأكاذيب على الباحثين عن الحقيقة من اختصاص الأنظمة الشمولية، ومثل هذا الإجراء ينتهك مفهوم الأخلاق، ويلقي بظلال ثقيلة على الكنيست، التي تأثرت بتصريحات القيادة السياسية الزاعمة بأنه لا يوجد أبرياء في غزة، مما يعني أننا أمام سمة أخرى من سمات الأنظمة الاستبدادية المفتقرة لأي قيمة أو أهمية للحقيقة، خاصة عندما تتعارض مع احتياجاتها الشخصية والسياسية".
وأشار أن "رسالة الكنيست من هذه الإجراءات مفادها ضرورة خلق رؤية عالمية تزعم أن هذه الجرائم لم تقع في غزة، لذلك يجب الامتناع عن التحقيق فيها، بزعم بقاء صورة الواقع غير ملوثة، وهذا يعني أنه خطوة غير أخلاقية، وغبية أيضًا، لأنها تجعل من مشاركة فلسطينيي48 في السياسة الإسرائيلية الداخلية تتعرض لتحديات مستمرة، عقب نجاح شرطة بن غفير في إزالة أصواتهم من المجال العام بشكل شبه كامل، وإسكات أي معارضة للحكومة، مما يجعلنا أمام كنيست فقط اليهود الذين يدعمون الحكومة".
وتوقع الكاتب أنه "مع اقتراب الانتخابات، ستتكثف الجهود لإقصاء فلسطينيي الداخل المحتل عنها، وتتزايد عمليات نزع الشرعية عن مشاركتهم، مع أن أجزاء كبيرة من المعارضة متواطئة في هذه التحركات، مما يعني أنه لا يوجد حدّ للحماقة الإسرائيلية".