نشرت صحيفة "أيدنلك" التركية
مقالا للكاتب دوكان أكدنيز، تناولت فيه مخطط إسرائيل لتقسيم
سوريا بهدف تحقيق طموحاتها التوسعية في المنطقة، وهو ما قد يؤدي إلى مواجهة عسكرية مع
تركيا.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21" إن إسرائيل التي عملت منذ اللحظة الأولى لسقوط نظام بشار الأسد على تقويض القدرات الاستراتيجية للجيش السوري، انتقلت إلى المرحلة التالية من مخططها الرامي إلى إبقاء سوريا في حالة من عدم الاستقرار، وفرض نفوذها في المنطقة، من خلال استغلال التنوع الديني والعرقي.
وأكد الكاتب، أن التركيبة العرقية والدينية المتنوعة في سوريا كانت من أبرز العناصر التي أثّرت على بنية الدولة السورية، وقد أسهمت الانقسامات الطائفية التي لطالما دعمها الغرب في تعميق الانقسامات وإثارة التوترات في البلاد.
وأشار إلى أن تصاعد نفوذ المكوّن الكردي في شمال البلاد، حيث برزت وحدات حماية الشعب كقوة رئيسية تحظى بدعم مباشر من الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية، في محاولة لفرض واقع انفصالي من خلال إقامة كيان شبه مستقل.
وبحسب الكاتب فإن هذا المشروع يشكل خطرا حقيقيا على وحدة الأراضي السورية، ويهمّش حقوق المكوّنات الأخرى، ويخدم -في انسجام مع الأجندة الأمريكية- أهداف إسرائيل الاستراتيجية، عبر التمهيد لإقامة ما يُعرف بـ"الدولة الإرهابية" على حدود البلاد الشمالية.
اظهار أخبار متعلقة
التصعيد الأخير
وأضاف أن الأهداف الحقيقية الكامنة خلف التصعيد الإسرائيلي الأخير في سوريا، لا تقتصر على مواجهة النفوذ الإيراني، بل تتعداها إلى مساعٍ لإعادة تشكيل توازن القوى الإقليمي بما يتماشى مع طموحاتها التوسعية.
وأشار إلى أن تل أبيب تسعى إلى استغلال المكوّن الدرزي في الجنوب السوري كأداة استراتيجية ضمن ما يسمى بـ"مشروع الممر الدرزي–الإسرائيلي"، الذي يهدف إلى إنشاء منطقة عازلة آمنة حول الجولان، وتعزيز السيطرة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية في المنطقة.
ومن المشاريع التي تطمح إليها تل أبيب، "قناة بن غوريون" التي تهدف إلى الربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط كبديل لقناة السويس، مما يعزز هيمنة إسرائيل على خطوط التجارة والطاقة في شرق المتوسط بحسب أكدنيز.
كما أوضح أن هناك علاقة بين التحركات الحالية ومشروع "إسرائيل الكبرى"، حيث تسعى تل أبيب - وفقًا للرواية الدينية والتاريخية الصهيونية - إلى السيطرة على مناطق استراتيجية في جنوب سوريا بذريعة استعادة "أرض الميعاد".
تبعات القرار الكردي
واعتبر الكاتب، أن إعلان حزب العمال الكردستاني التخلي عن العمل المسلح في العراق، انعكس على التوازنات الأمنية في كل من العراق وسوريا، وترك أثرًا مباشرا على الحسابات الإسرائيلية، خاصة فيما يخص علاقتها بالتنظيمات الكردية المسلحة التي شكّلت عنصرا أساسيا في مشروع "الكيان الإرهابي" المدعوم من الغرب في شمال سوريا.
ووفق أكدنيز، فإن تراجع دور حزب العمال الكردستاني دفع إسرائيل إلى إعادة صياغة استراتيجيتها في سوريا، لضمان استمرار نفوذها من خلال قوى محلية بديلة أو عبر تدخلات عسكرية مباشرة تحت ذريعة "الحفاظ على الأمن القومي".
ويعتقد الكاتب أن إسرائيل ستواصل في ظل هذه التحولات تدخلها العسكري في سوريا كجزء من جهودها لتحقيق أهداف تتجاوز مجرد الردع، نحو إعادة تشكيل الخريطة الجيوسياسية للمنطقة بما يخدم مصالحها بعيدة المدى.
اظهار أخبار متعلقة
احتمالات الصدام مع تركيا
يتابع الكاتب أن إسرائيل تسعى إلى إنشاء محور جغرافي يمتد من جنوب سوريا إلى شمالها، بهدف توسيع نفوذها الإقليمي وفتح المجال أمام تنفيذ خطط تتعدى حدود الأراضي السورية وصولًا إلى الحدود التركية.
ويؤكد أن السيطرة الإسرائيلية على هذا الحزام الجغرافي تعتمد على أدوات عسكرية ودبلوماسية واجتماعية، وتهدف إلى إضعاف الدولة السورية وتشكيل نظام موالٍ على غرار سيناريوهات سابقة.
ولفت إلى أن هذه الاستراتيجية لا تمثّل تهديدًا لسوريا فحسب، بل تطال الأمن القومي التركي بشكل مباشر، خاصة أن ما يسمى بـ"الحدود الموعودة" يشمل 22 ولاية تركية.
ويخلص الكاتب إلى أن احتمالات الصدام العسكري بين أنقرة وتل أبيب أصبحت أقرب من أي وقت مضى في ظل الوضع الراهن، لكن استمرار إسرائيل في هذا المسار قد يؤدي بها إلى هزيمة كبيرة، إذ إن تركيا -بما تملكه من قدرات عسكرية ودبلوماسية- لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي تهديد وجودي مباشر.