سلّط باحثون وأكاديميون من
المغرب وفلسطين، الضوء
على استراتيجيات العمل والتحرير في ضوء الرؤية الإسلامية، مؤكدين أن ما يحدث اليوم
في
فلسطين وخاصة في غزة، ليس مجرد صراع عسكري، بل مواجهة حضارية ومعرفية شاملة،
تكشف اختلالات النظام العالمي وزيف السرديات المفروضة على الشعوب.
جاء ذلك في
ندوة فكرية عقدت أمس الأحد
بالعاصمة المغربية الرباط ضمن برنامج "تكوين الأطر في القضية الفلسطينية ـ
فوج
طوفان الأقصى"، الذي تنظمه أكاديمية باب المغاربة والمبادرة المغربية
للدعم والنصرة، وذلك في إطار المجال المعرفي التصوري للبرنامج التكويني، الذي
تستضيفه حركة التوحيد والإصلاح.
محسن صالح: مشروع التحرير إسلامي بامتياز
ويشترط النهضة الحضارية
في مداخلة افتتاحية من فلسطين عبر الاتصال
المرئي، اعتبر الدكتور محسن صالح، رئيس مركز الزيتونة للدراسات، أن تحرير فلسطين
ليس شعارًا عاطفيًا، بل مشروع واقعي إسلامي وإنساني، مرتبط بمنظومة الاستخلاف،
وبالحرية المسؤولة، مؤكدا أن "التحرر من الاحتلال يجب أن يقترن بتحرر الإنسان
من التبعية للدنيا، وربطه بالله"، مشيدًا بما ترسمه غزة اليوم من ملامح لهذا
النموذج.
وأضاف أن مقاومة الاحتلال ليست عملاً محليًا
أو قطاعيًا، بل مسؤولية جماعية للأمة كلها، تتطلب قيادة مؤمنة وسلوكًا حضاريًا،
وتحويل مشروع التحرير إلى فرض عين يشمل كل من ينصر المستضعفين، داعيًا إلى استنهاض
شامل في كل المجالات لتأهيل الأمة لمرحلة النصر.
الشوباني: الطوفان معركة ذات روح إسلامية
وأثر عالمي
ومن جانبه، شدد الدكتور الحبيب الشوباني،
الوزير السابق والأكاديمي المغربي، في مداخلته المعنونة بـ"الحل الحضاري
الإسلامي للمسألة اليهودية"، على أن عملية "طوفان الأقصى" ليست
مجرد عملية مقاومة، بل "حرب تحرير إسلامية الروح، عالمية الآثار"، كشفت
زيف النظام العالمي الحالي وضربته في عمقه.
وأكد أن أول شروط التحرير هي استرجاع
السردية الصحيحة، لأن "الهزيمة في فلسطين كانت معرفية قبل أن تكون
عسكرية"، داعيًا إلى تحصين الوعي من التضليل الإعلامي والتاريخي الذي يروّج
لرواية الاحتلال، والعمل على تحرير العقل المسلم من التحيز المفروض عليه.
بونعمان: النموذج الغربي الحداثي فشل..
والطوفان كشف زيفه
أما الدكتور سلمان بونعمان، أستاذ العلوم
السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، فقد نبّه إلى ضرورة امتلاك
"نموذج منهجي تفسيري" لفهم القضية الفلسطينية بجميع أبعادها المعقدة،
محذرًا من الوقوع في الرؤية الاختزالية أو الشعبوية العاطفية.
وانتقد بونعمان ما سماه "الحياد
القيمي" المفروض في الوسط الأكاديمي، معتبرًا أنه أصبح غطاءً لتطبيع معرفي
يخدم الصهيونية من حيث لا يدري البعض، مؤكدًا أن الظاهرة الصهيونية ليست مجرد
مشروع استيطاني، بل هي إفراز حضاري للحداثة الغربية الإثنية.
واعتبر أن "الطوفان" ليس فقط
مقاومة مسلحة، بل ظاهرة تحررية قيمية متعددة الأبعاد، عرّت هشاشة النموذج الغربي،
وأطلقت دينامية جديدة داخل الأمة، تمهّد لتحول حضاري قادم، يربط الفعل المقاوم
بالنهضة الفكرية والسياسية.