ملفات وتقارير

كيف تُمهد انتخابات العراق لصعود حلفاء إيران؟.. "اختلال" التوزان

أثار انسحاب عدد من قوى "الاعتدال الشيعي" عن السباق الانتخابي تساؤلات عدة- جيتي
أثار انسحاب عدد من قوى "الاعتدال الشيعي" عن السباق الانتخابي المقرر في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، تساؤلات عدة عن مدى تأثير غياب هؤلاء على توازن القوى داخل المكوّن، وانعكاس ذلك على القرار السياسي في ظل خلو الساحة للأطراف القريبة من إيران.

ومن أبرز المنسحبين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ورئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، ورئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، وذلك احتجاجا على تغول المال السياسي في العملية الانتخابية، إضافة إلى انتشار السلاح والمليشيات.

وتعليقا على ذلك، رأى المحلل السياسي، نجم القصاب، لـ"عربي21" أنّ "الانسحابات السياسية التي جرت خلال الأيام القليلة الماضية ليس لها تأثير على الانتخابات أو نتائجها، باستثناء الصدر الذي يمتلك جمهور ثابت على المستوى الانتخابي والسياسي".

وأضاف القصاب أنه "إذا التحق بهم مسعود البارزاني بسبب أزمة الرواتب وانعدام الثقة، فإنه صعب جدا إجراء الانتخابات، لأنه في ظل غياب عمودين مهمين في العملية السياسية، وهما الصدر والبارزاني، له تأثيره الكبير على العملي الانتخابية".

ولفت الخبير العراقي إلى أن "الانتخابات ستجري في موعدها إذا لم يحصل حدث طارئ من خارج الحدود، أو اندلاع مظاهرات شعبية في البلاد، فإنه سيكون من الصعوبة بمكان إجراؤها".



وبيّن القصاب أنه "في ظل ارتفاع درجة الحرارة وانقطاع التيار الكهربائي، وكثرة البطالة بين الشباب، فإن هذا الشيء قد يتسبب بخروج التظاهرات، وإذا حصل ذلك فإنه من الصعب إسكاتها إلا بتأجيل الانتخابات وإعلان حكومة طوارئ برئاسة السوداني".

وصرّح رئيس البرلمان العراقي، محمود المشهداني، خلال مقابلة تلفزيونية الأحد، أنه قد نشهد خروج تظاهرات في العراق الشهر المقبل، محذرا من أن أي انهيار أمني في بغداد سينعكس على جميع المحافظات.

ولم يستبعد المشهداني الذهاب إلى إعلان "حكومة طوارئ" إذا حصل اضطراب أمني في العراق، معتبرا أن ابتعاد التيار الصدري عن السياسة بمثابة دق "ناقوس خطر" في البلاد.

وشدد رئيس البرلمان على أن "مسعود البارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في إقليم كردستان، جاد بالانسحاب من العملية السياسية إذا لم تحل أزمة الرواتب مع الحكومة العراقية"، محذرا من "أن انسحاب الكرد من العملية السياسية لا يحمد عقباه".

خطر يهدد العراق
وألمح المشهداني إلى خطر يهدد العراق، ولاسيما قوى الإطار التنسيقي الحاكم، رافضا في الوقت ذاته التعليق عما أثير قبل أيام من سيناريو "اغتيال قادة الإطار" ضمن مخطط إسرائيلي.



وكان إمام وخطيب جمعة النجف صدر الدين القبانجي، قد حذر الجمعة، ممّا وصفه بـ"مخطط إسرائيلي" في العراق، هدفه أولا: تصفية جميع قادة الإطار التنسيقي، والخطوة الثانية: إعلان حكومة الإنقاذ الوطني.

وأضاف: "هذا الكلام ليس خياليا، وإنما هناك مؤشرات، وتجربة إيران أمامنا بما فعلته إسرائيل، والتي أرادت فيها القضاء على الحكم في إيران بتصفية القادة أولا ثم ملء الفراغ السياسي والحكومي بطريقة أخرى".

اختلال التوازن
وفي السياق ذاته، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية، عصام الفيلي، إن "عدم مشاركة هؤلاء في الانتخابات سيأكل من جرف قوى الاعتدال الشيعي، إضافة إلى هذه الجهات تسعى إلى أن يكون لها دور، بالتالي فإن غيابهم سيحدث خللا في التوازن".

وأوضح الفيلي لـ"عربي21" أن "المشكلة لا تتعلق فقط بفوز القوى التي ستشارك في الانتخابات من عدمه، وإنما الأمر يعتمد على طبيعة التحالفات في مرحلة ما بعد العملية الانتخابية"، لافتا إلى أن "بحث الصدر عن قائمة  تتلاءم مع مشروعه سيقلق خصومه".

وفي بيان نقله عنه مساعده "صالح محمد العراقي" الأحد، قال الصدر: "مَن مِن الكتل المرشحة للانتخابات برأيكم يمكن أن يكون برنامجها: الاستقلال بلا تبعية، وحصر السلاح بيد الدولة، وتقوية الجيش والشرطة، وحلّ المليشيات، ودمج الحشـد الشعبي في القوات الأمنية أو تنظيمه، والتمسّك بحبّ الوطن، وكشف الفاسـدين والسعي للإصلاح؟".

وتساءل الصدر الذي أكد أنه لن يشارك في الانتخابات البرلمانية بسبب انتشار المليشيات السلاح والفساد: "ما هي الضمانات التي يمكن أن تؤخذ منها مقابل إعطائها أصوات الشرفاء؟".

ولفت الفيلي إلى أنه "برزت قوى أخرى مؤثرة في المشهد السياسي، تتمثل برئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، والتحقت معه الكثير من الجهات وأن مشروعه يكاد يكون الأبعد عن الفصائل المسلحة".



الأمر الآخر، بحسب الفيلي، فإن "المحيط الإقليمي يقف بالضد من وصول الفصائل المسلحة القريبة من إيران إلى سدة الحكم في البلاد، وذلك في ظل التحدي الإيراني – الإسرائيلي، إضافة التحدي الإيراني- الأميركي الذي يجري في المنطقة".

وبخصوص احتمالية اندلاع مظاهرات تحول دون إجراء الانتخابات، رأى الفيلي أن "المؤثر الأول في موضوع اندلاعها، هو الصدر بفعل قواعده الجماهيرية، وأن جميع المظاهرات ومنها تشرين (احتجاجات شعبية اندلعت 2019) هي انتفاضات مطلبية".

وتابع: "لكن طبيعة القمع الذي واجه المتظاهرين في احتجاجات تشرين 2019، من أسلحة الأحزاب المتنفذة بدأ يبرز عندما انسحب التيار الصدري من المظاهرات".

وأردف الفيلي، قائلا: "بمعنى أن التظاهرات في العراق بحاجة إلى حماية من قوى فاعلة، لأن القوى الأخرى المتمترسة خلف السلطة وتمتلك أذرع مسلحة ومليشيات تتمنى أن تحصل مظاهرات حتى تستعرض قوتها".

خلص إلى أن "فرضية التظاهر قائمة، لكن هي بحاجة إلى شرارة لإشعالها، رغم أن السوداني نجح في الوصول إلى معالجات للعديد من المطالب، سواء عن طريق فتح التعيينات، وتوفير بعض الخدمات، وهنا سعى إلى امتصاص غضب الجماهير".

وأكد الفيلي أنه "إذا اندلعت المظاهرات ضد الطبقة السياسية الحاكمة ولم يتم اتخاذ خطوات لمعالجة ملفات فساد كبيرة، فإن الاحتجاجات ستستمر، وهذا مرتبط أيضا بطبيعة التعاطي الأمريكي مع العراق، بمعنى إذا فُرضت أي عقوبات اقتصادية، فإن هذا سيحفز الشارع العراقي أكثر".

ونوه إلى أن "مستوى الاحتقان في بغداد يختلف عن باقي مدن العراق سواء في إقليم كردستان أو غيرها، بمعنى إذا قطعت الرواتب لشهر واحد في العاصمة، فإنه ليس هناك جهة تستطيع إيقاف الجماهير، وهذا بالتالي ما سيحدد إجراء الانتخابات من عدمه".