ملفات وتقارير

هل تنهار تفاهمات واشنطن مع الحوثيين بعد عودة الهجمات في البحر الأحمر؟

الولايات المتحدة أكدت أن اتفاقها مع الحوثي مستمر بصرف النظر عن هجماته تجاه "إسرائيل"- جيتي
أثارت عودة الهجمات التي شنتها جماعة "أنصار الله" الحوثية على السفن في البحر الأحمر منذ مطلع يوليو/ تموز الحالي، بعد توقفها لنحو شهرين بموجب تفاهمات مع الولايات المتحدة برعاية عمانية، أسئلة  بشأن مصير هذه التفاهمات لاسيما بعد استهداف سفينتين تجاريتين وغرقهما في عرض البحر.

وقد أوقف الحوثيون هجماتهم بعد التوصل إلى تفاهمات مع واشنطن مطلع مايو/ أيار الماضي، في مقابل وقف الحملة العسكرية التي تشنها الولايات المتحدة ضد الحوثيين منذ منتصف مارس/آذار ردًا على هجمات الجماعة على ممرات الشحن في البحر الأحمر و"إسرائيل".

وخلال الأسبوع الماضي، استهدف الحوثيون سفينتين تجاريتين "ماجيك سيز" و" إتيرنيتي سي" بالبحر الأحمر، ما أدى إلى غرقهما و مقتل أربعة من أصل 25 شخصا كانوا على متن السفينة الثانية.


انهاء مفاوضات غزة
وفي السياق، قال الكاتب والباحث في مركز واشنطن للدراسات اليمنية ومسؤول المناصرة في مركز واشنطن لحقوق الإنسان، سيف المثنى، إنه عقب الإعلان عن الاتفاق بين واشنطن والحوثي بوساطة عمانية، توعد الرئيس ترامب توعد الحوثيين باستئناف العمليات العسكرية ضدهم في حال لم يكفوا عن سلوكياتهم في المياه الدولية.

وتابع المثنى في حديث خاص لـ"عربي21" : "هناك مؤشرات على انهيار التفاهمات بين الطرفين، تبرزها حديث مسؤولين وإدانتهم لأفعال الحوثي"، على حد قوله.

وأوضح الكاتب والباحث في مركز واشنطن للدراسات اليمنية أن واشنطن تنتظر إنهاء المفاوضات حول غزة، والتفرغ للحوثيين، خاصة بعد طلب إسرائيل من الولايات المتحدة استئناف هجماتها ضد الجماعة التي تشكل تهديداً خطيرا لأمن الملاحة البحرية والتجارة الدولية، كما تُعرّض بيئة هذا الممر المائي الحيوي لأضرار بالغة.

وأشار إلى أن هذه الهجمات تشكل اختباراً للصبر الأمريكي ، فما يحدث في البحر الأحمر لا يضر إسرائيل فحسب، بل  يصل ضرره  مباشرة إلى مصالحها الاقتصادية والعسكرية في الممرات الاستراتيجية.

ملامح لتحرك ضد الحوثيين
من جانبه، قال الصحفي اليمني، محمد الصعر إن عودة هجمات الحوثي في البحر الأحمر تأتي لتخفيف الضغوط على إيران.

وأكد الصعر في حديثه لـ"عربي21" على أن الأمور قد تتجه نحو إطلاق "عملية برية ضد الحوثيين بدعم دولي"، بالتعاون مع القوات المحلية اليمنية المناهضة للحوثيين.

وقال إن هناك ملامح لهذا التحرك تبرز من خلال "سعي السعودية تعزيز دفاعاتها الجوية وكذلك تفعيل قواتها في الحدود اليمنية واستحداث معسكرات في المهرة و كذلك مأرب.

استراتيجية واشنطن
من جهته، قال المحلل السياسي اليمني، مطهر الصفاري إن مصير التفاهمات مع الولايات المتحدة مرتبط بعدة عوامل لم تعد محصورة فقط على التضامن مع قطاع غزة ضد استمرار الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي، وإنما بالتضامن مع إيران ولبنان أيضا، وبالتالي "فاستمرار التفاهمات من ناحية العوامل الرئيسية ترتكز على إمكانية التوصل إلى هدنة في قطاع غزة وطبيعة المفاوضات الإيرانية الأمريكية أو  مستوى ومدى استمرارية تصعيد جماعة الحوثي في استهداف السفن".

وأضاف الصفاري في حديث خاص لـ"عربي21"أن تفسير الإدارة الأمريكية للتصعيد الحوثي قد ينظر إليه من زاويتين الأولى "أنه لم يخرق التفاهمات السابقة باعتبارها تتعلق بالمصالح الأمريكية" والثانية "أنها قد تصل إلى قناعة بصعوبة احتواء جماعة الحوثي" وتعاود استهدافها سواء منفردة أو ضمن تحالف دولي وقد تركز حكومة نتنياهو على التصعيد ضد جماعة الحوثي وحتى في حال أقرت الهدنة.

ووفق الصفاري فإن أي تحرك حكومي يعتمد على موقف دول التحالف تحديدا السعودية والإمارات من الكيفية المناسبة في التعامل مع جماعة الحوثي والتي قد تستمر بإنكار أي رغبة بالتصعيد إلى أن ترى تغيرات على الأرض.

وقال إن إيران من جهتها ستكثف دعمها ورهانها على جماعة الحوثي واستثمارها خاصة بعد الضربات التي تعرضت لها إيران والجرأة والقدرة التي أظهرتها هجمات الجماعة.

والخميس الماضي، أعرب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، عن بالغ قلقه إزاء التصعيد الأخير من قبل "أنصار الله" الحوثيين، في البحر الأحمر، بما في ذلك الهجوم الذي أدى إلى غرق السفينة التجارية "إيترنيتي سي" في 8 يوليو/ تموز الجاري، والذي أسفر عن وقوع وفيات وإصابات، ولا يزال عدد من الأشخاص في عداد المفقودين.


كما عبر المبعوث الأممي إلى اليمن أيضا، عن قلقه إزاء الهجوم السابق وما تلاه من غرق السفينة التجارية "ماجيك سيز" في 6 يوليو، وقال إن هذه الحوادث تعكس تزايد المخاطر التي تهدد أرواح المدنيين، والملاحة الدولية، والاستقرار الإقليمي.

والأربعاء، كشفت وكالة الأمن البحري البريطانية "يو كاي أم تي أو"، عن إنقاذ خمسة من أفراد طاقم سفينة الشحن "إتيرنيتي سي"، التي تعرضت لهجوم مسلح في البحر الأحمر قبالة سواحل اليمن.

وأدى هجوم الحوثيين على السفينة اليونانية (إترنيتي سي) الأربعاء، إلى مقتل أربعة من أصل 25 شخصا كانوا على متنها، وفق وكالة رويترز.

ومساء الاثنين الماضي، أعلنت جماعة الحوثي غرق السفينة التجارية "ماجيك سيز" Magic Seas بالبحر الأحمر، على خلفية استهدافها الأحد، بسبب انتهاكها "حظر الدخول إلى موانئ فلسطين المحتلة".

وقال المتحدث العسكري لقوات الجماعة يحيي سريع، في بيان: "غرقت السفينة "ماجيك سيز" كاملةً في أعماق البحر بعدما استهدفتها قواتنا ردا على انتهاكات الشركة المالكة لها المتكرّرة لقرار حظر الدخول إلى موانئ فلسطين المحتلّة.