صحافة دولية

فورين أفيرز: الضربات "الأمريكية الإسرائيلية" لم تمنع الانتشار النووي الإيراني

فورن أفيرز: الضربات العسكرية لن تمنع إيران من امتلاك قنبلة نووية - جيتي
فورن أفيرز: الضربات العسكرية لن تمنع إيران من امتلاك قنبلة نووية - جيتي
رأت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية أن استخدام القوة العسكرية ضد البرنامج النووي الإيراني قد يحقق تأخيرات مؤقتة، لكنه لا يضمن أمنا طويل الأمد، مؤكدة أن الدبلوماسية تبقى السبيل الوحيد والفعال لمنع طهران من امتلاك السلاح النووي.

وفي تقرير تحليلي نُشر أمي الإثنين، قالت المجلة إن "القنابل تستطيع كسب الوقت، لكن وحدها الدبلوماسية قادرة على ضمان أمن دائم"، محذرة من أن العمليات العسكرية التي تستهدف البنية التحتية النووية في إيران، لا تؤدي سوى إلى تقوية عزيمة طهران على استكمال مشروعها النووي، وإعادة بناء منشآتها بطريقة أكثر تطورا وتحصينا.

 نجاح تكتيكي أم فشل استراتيجي؟
توقف التقرير عند العملية العسكرية الأمريكية الأخيرة التي نفذها سلاح الجو فجر 22 حزيران/يونيو الماضي، والتي حملت اسم "مطرقة منتصف الليل"، وشملت قصف أكثر المواقع النووية الإيرانية تحصينا باستخدام قنابل خارقة للتحصينات من طراز GBU-57 تزن 30 ألف رطل، أُلقيت من 7 قاذفات شبح طراز B-2.

ورغم إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حينها أن الضربة "دمرت تماما" المنشآت النووية المستهدفة، فإن المجلة شككت في جدوى العملية من منظور استراتيجي، معتبرة أن أقصى ما حققته هو "شراء الوقت" لإدارة ترامب، التي تعتقد – على نحو خاطئ – أنها أنهت التهديد الإيراني نهائيا.

واعتبر التقرير أن عملية القصف، حتى لو أحدثت ضررا كبيرا، لن توقف التوجه الإيراني نحو التسلح النووي، مشيرا إلى أن التاريخ أثبت أن "تدمير البنية التحتية السطحية لا يمنح أمانًا مستدامًا".

تجارب سابقة عززت تصميم طهران
وسلطت المجلة الضوء على سجل طويل من الهجمات ضد البرنامج النووي الإيراني، والتي لم تُفلح في وقفه. وشملت هذه الهجمات:

هجوم "ستوكسنت" السيبراني عامي 2009 و2010، وهو عملية أمريكية-إسرائيلية مشتركة عطلت نحو ألف جهاز طرد مركزي في منشأة نطنز.

سلسلة اغتيالات طالت علماء نوويين إيرانيين بين 2010 و2012.

تفجيرات وتخريب داخل منشأة نطنز في 2020 و2021، نُسبت إلى "الموساد".

غير أن الرد الإيراني، بحسب التقرير، تمثل في تعزيز قدراته التقنية، إذ قامت طهران بنقل منشآت أساسية إلى أعماق الأرض، وتطوير أجهزة طرد مركزي أكثر كفاءة، وتحقيق تقدم نوعي في إتقان دورة الوقود النووي.

ورأت المجلة أن ما هو أخطر من القدرات الفنية، هو أن هذه الهجمات عززت القناعة داخل القيادة الإيرانية بأن امتلاك رادع نووي هو السبيل الوحيد لمنع الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي من شن هجمات عسكرية جديدة على إيران.

اظهار أخبار متعلقة


تأخير لا يتجاوز 18 شهرا
واستنادا إلى تقييمات استخباراتية أمريكية، قدرت المجلة أن عملية "مطرقة منتصف الليل" لم تؤخر البرنامج النووي الإيراني أكثر من 12 إلى 18 شهرا، بل ربما أقل من ذلك، في ظل قدرة إيران على ترميم أضرارها بسرعة، وإعادة توزيع منشآتها، والاعتماد على مواقع سرية بعيدة عن أعين المفتشين.

وحذرت المجلة من أن "اعتبار هذا التأخير المحدود انتصارا استراتيجيا سيكون خطأً فادحًا"، مشيرة إلى أن الرهان على القوة العسكرية وحدها أثبت فشله، في حين تتطلب معالجة الملف النووي الإيراني حلولاً دبلوماسية طويلة المدى.

النافذة تضيق أمام واشنطن
دعت فورين أفيرز إدارة ترامب إلى استغلال الوقت المحدود المتاح بعد الضربة الأخيرة لإحياء المسار الدبلوماسي، والضغط من أجل اتفاق نووي جديد يُعيد إيران إلى التزاماتها الدولية، ويضمن عودة الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى مراقبة منشآتها.

واقترحت المجلة أن يتضمن المسار التفاوضي منح إيران تخفيفا تدريجيا للعقوبات الاقتصادية، مقابل التزامات صارمة بمنع الانتشار، وتفتيش مفاجئ لمواقعها، وتجميد تطوير تقنيات الطرد المركزي المتقدمة.

وأكدت المجلة أن "الضربات قد تُبطئ، لكنها لا تُوقف، بينما الحوار قد يوقف، وربما يُنهي الطموح النووي من جذوره"، مشيرة إلى أن "الفرصة لا تزال قائمة، لكن الزمن ينفد".

الردع الحقيقي لا يُبنى على القنابل
اختتمت فورين أفيرز تقريرها بالتأكيد على أن تحقيق الأمن الحقيقي يتطلب معالجة جذور الأزمة النووية الإيرانية، لا مجرد التعامل مع أعراضها.

فالقنابل – وفق تعبيرها – "قد تُسكت البرنامج النووي مؤقتا، لكنها في الوقت نفسه تُغذّي دافع الانتقام، وتُقوّي سرديات المقاومة لدى النظام الإيراني، وتُبعده أكثر عن طاولة التفاوض".

وبينما يحتفي صقور واشنطن وتل أبيب بما يرونه "نجاحا باهرا"، تدعو المجلة صناع القرار الأمريكي إلى التفكير استراتيجيا، والتخلي عن أوهام الحل العسكري، والتوجه نحو طريق أصعب لكنه أكثر فاعلية: الدبلوماسية الواقعية.
التعليقات (0)

خبر عاجل