قضايا وآراء

دلالات عودة مبعوث ترامب.. وامتنان بوتين لحماس

"عودة بولر ارتبطت بكشف حركة حماس فقدانها الاتصال بالأسير عيدان ألكسندر عقب استهدافه بغارة إسرائيلية"
يبدو أن الوقت الذي منحة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو لإنجاز مهمته في قطاع غزة ينفد، بعد عودة آدم بولر؛ المبعوث الخاص لشؤون الأسرى لمهامه التي أبعد عنها بعيد لقائه قادة حركة حماس في الدوحة، وعلى رأسهم موسى أبو مرزوق في آذار/ مارس الماضي، وذلك بعد أن أشاد بالمرونة التي تبديها حركة حماس في التعامل مع ملف الأسرى، وخصوصا الأسير الأمريكي عيدان ألكسندر.

عودة بولر ارتبطت بكشف حركة حماس فقدانها الاتصال بالأسير عيدان ألكسندر، عقب استهدافه بغارة إسرائيلية يوم الثلاثاء الفائت، ما دفعه للتصريح يوم الأربعاء بأنه متأكد من أن عيدان ألكسندر في مكان آمن، وأن "حماس لن تجرؤ على المساس بشعرة من رأسه"، في محاولة منه لطمأنة عائلة الأسير الأمريكي الذي كان من المتوقع إطلاق سراحة إلى جانب أربع من جثث الأسرى آذار/ مارس الماضي، وهي معلومة ما كان لبولر أن يتحدث واثقا فيها، إلا نتيجة تواصله المباشر مع قيادات حركة حماس.

ليس هذا هو السبب الوحيد لعودة بولر، فالانخراط بملف الأسرى الذي أُبعد عنه عقب إطرائه على قادة حركة حماس بالقول؛ "إنهم رجال طيبون"، جاء بناء على رغبة كامنة لدى الرئيس الأمريكي ترامب بخفض التصعيد تمهيدا لزيارته إلى المنطقة مطلع أيار/ مايو المقبل، حيت يُتوقع أن يعقد العديد من الصفقات التجارية مع دول المنطقة، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، تشمل اتفاقا لنقل التكنولوجيا النووية ذات الطبيعة المدنية للمملكة العربية السعودية؛ وعد به وزير التجارة الأمريكي كريس رايت، إلى جانب عدد آخر من الاتفاقات التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، التي يحتاجها دونالد ترامب لمعالجة المديونية المرتفعة لبلاده، والعجوزات المقلقة في الموازنة الفيدرالية والميزان التجاري، التي تعد ثغرة هائلة في جدار دفاعاته في الحرب التجارية التي يشنها على الصين.

ويضاف إلى ذلك، رغبة ترامب في إحداث اختراق حقيقي نحو اتفاق نووي جديد مع الجانب الإيراني، الذي عرض عليه فيه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي استثمار أربعة تريليونات من الدولارات، في حال التوصل لاتفاق نووي مُرض لطهران؛ اتفاق سيتجاوز العلاقة مع إيران نحو روسيا التي يرغب ترامب أن تكون شريكا له في إنجاز الاتفاق النووي، بما يضمن إبعاد طهران وموسكو في وقت واحد عن الصين، أو على الأقل الحد من علاقاتهم العسكرية والاقتصادية.

فالشراكة يمكن أن تمتد نحو إسهام روسي في اتفاق فلسطيني مع الكيان الإسرائيلي لوقف الحرب والعدوان على قطاع غزة، وهو ما ألمح إليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال استقباله يوم الأربعاء الأسير الروسي السابق لدى المقاومة ساشا تروبونوف، بالقول؛ إن إطلاق سراحه كان ممكنا بفضل علاقات روسيا المستقرة والمديدة مع الشعب الفلسطيني وممثليه، ومختلف منظماته، شاكرا حركة حماس التي التقت في منتصف الطريق مع روسيا للقيام بهذا التصرف الإنساني.

تزامُن تصريحات بوتين مع زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد لموسكو، حيث أكد عدم التزام الكيان الإسرائيلي باتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في كانون الثاني/ يناير الماضي، مع عودة المبعوث الأمريكي بولر للواجهة السياسية؛ لا يتوقع أن يكون مصادفة، فالوقت ينفد من نتنياهو الذي يواجه ضغوطا داخلية متدحرجة، تدفع نحو ما يشبه العصيان المدني غير المعلن داخل الكيان؛ يقوده جنود الاحتياط الذين انضم إليهم أكاديميون وأطباء ورجال أعمال، وهو عصيان يفاقمه الفشل المتكرر لاستراتيجيته التي ألقى فيها آخر ما في جعبته من شروط لنزع سلاح المقاومة، وآخر ما فيها من إجرام بالقصف والتجويع.

ختاما.. وقت نتنياهو ينفد على نحو سريع، فأجراس التحذير تلاحقه من موسكو إلى واشنطن، حيث يقبع آدم بولر الذي قرع جرس التحذير الأخير بعودته إلى المشهد التفاوضي؛ حاثا الأطراف على عقد صفقة كبرى يطلق فيها سراح جميع الأسرى دفعة واحدة، مقابل ضمانة شخصية بوقف الحرب، موحيا بإمكانية الاستجابة لدعوة حركة حماس الذهاب إلى صفقة نهائية وليست جزئية، كما جاء على لسان القيادي في الحركة محمود مرداوي يوم الخميس، وهو اتفاق بات ممكنا في حال انضم الروس، وقدموا الضمانات من جهتهم، كما هو الحال مع إيران في الاتفاق النووي.

x.com/hma36