قال الرئيس
الإيراني مسعود
بزشكيان الاثنين إن بلاده لم ترسل أي أسلحة إلى روسيا منذ توليه السلطة في آب/ أغسطس الماضي، كما قال إن طهران لا تكن العداء للولايات المتحدة الأمريكية، في تصريحات بدت فيها حكومته أقرب إلى النأي بنفسها عن سياسات سابقة، ومحاولة فتح قناة تواصل مع واشنطن.
واتهمت الولايات المتحدة وحلفاؤها إيران الأسبوع الماضي بنقل صواريخ باليستية إلى روسيا لاستخدامها في حربها بأوكرانيا، ما أدى إلى فرض عقوبات جديدة على موسكو وطهران، ضمن ضغوط غربية متصاعدة على البلدين.
وردا على سؤال عما إذا كانت إيران نقلت صواريخ إلى روسيا، قال بزشكيان في مؤتمر صحفي بثه التلفزيون: "من المحتمل أن يكون التسليم قد حدث في الماضي... لكن يمكنني أن أؤكد لكم أنه منذ توليت منصبي لم يحدث أي تسليم من هذا القبيل إلى روسيا".
وفي شباط/ فبراير، ذكرت وكالة رويترز أن إيران زودت روسيا بعدد كبير من الصواريخ سطح/ سطح الباليستية القوية، في تعميق للتعاون العسكري بين البلدين الخاضعين لعقوبات أمريكية، وهو ما تنفي طهران استمراره في عهد بزشكيان.
على جانب آخر، قال بزشكيان إن من الممكن لإيران أن تجري محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة إذا أثبتت واشنطن فعليا أنها ليست معادية للجمهورية الإسلامية، في موقف يختلف بنبرته عن تصريحات متشددة صدرت عن مسؤولين إيرانيين سابقين.
وكان بزشكيان يرد على سؤال خلال مؤتمر صحفي في طهران عما إذا كانت طهران منفتحة على محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة لإحياء الاتفاق
النووي لعام 2015.
وقال بزشكيان: "لا نعادي الولايات المتحدة. عليهم أن يوقفوا عداءهم تجاهنا من خلال إظهار حسن نيتهم عمليا"، مضيفا: "نحن إخوة للأمريكيين أيضا".
وبعد توليه منصبه في كانون الثاني/ يناير 2021، حاول الرئيس الأمريكي جو بايدن التفاوض على إحياء الاتفاق النووي الذي قيدت إيران بموجبه برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، لكن المحادثات تعثرت لاحقا.
لكن طهران رفضت التفاوض المباشر مع واشنطن في السنوات الماضية، وعملت في الأساس عبر وسطاء أوروبيين أو عرب، قبل أن يلمح بزشكيان الآن إلى إمكانية تغيير هذا الأسلوب إذا لمست إيران "حسن نية" من الجانب الأمريكي.
وأكد بزشكيان أن إيران ليست بصدد الحصول على السلاح النووي.
واستدرك قائلا: "يجب أن نملك القوة في مقابل القوة لكي نستطيع البقاء. إننا بحاجة إلى قوة دفاعية من أجل الحفاظ على أمن الشعب والبلاد، لم نكن نحن البادئين إطلاقا بأي حرب على مدى الأعوام الـ200 الأخيرة. لن نفقد قوتنا الدفاعية التي تؤهلنا للدفاع عن شعبنا، إلا إذا تم نزع سلاح الجميع".
ويردد المسؤولون الإيرانيون منذ سنوات أن برنامج بلادهم النووي "سلمي"، وأن قوتهم العسكرية الصاروخية والدفاعية هدفها "الردع" في مواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل، في حين تشكك دول غربية في ذلك وتتهم طهران بالاقتراب من مستوى تخصيب يمكن استخدامه عسكريا.
على الصعيد الداخلي، تعهد الرئيس الإيراني بالطلب من شرطة الأخلاق "عدم مضايقة" النساء في ما يتعلق بلباسهن.
وقال بزشكيان إن "شرطة الأخلاق ليست مخولة لمواجهة النساء، وسأحرص على ألا تقوم بمضايقتهن"، مجددا وعودا انتخابية أطلقها سابقا بشأن تخفيف القيود الاجتماعية والحد من حضور الدوريات التي تراقب الحجاب الإلزامي في الشوارع.
وكان بزشكيان تعهد خلال حملته الانتخابية أن يسحب من الشوارع عناصر شرطة الأخلاق التي تتولى الإشراف على الالتزام ببعض القوانين الاجتماعية في إيران، وفي مقدمتها الحجاب الإلزامي لكل النساء، في بلد شهد احتجاجات واسعة عام 2022 على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني بعد توقيفها من قبل هذه الشرطة.
وأكد بزشكيان أن "حتى المدعي العام أعلن أنهم ليست لديهم الصلاحية لمواجهة" النساء في الشارع، في إشارة إلى جدل قانوني داخلي حول دور تلك الدوريات وصلاحياتها.
وكان الرئيس الإيراني انتقد في أيلول/ سبتمبر 2022، حين كان لا يزال نائبا في مجلس الشورى، الشرطة على خلفية وفاة أميني بعد توقيفها، معتبرا أن التعامل العنيف مع قضايا الحجاب والإكراه الاجتماعي يسيء للنظام ويعمق الهوة بين الشباب والسلطات.
وبين محاولته إرسال رسائل طمأنة للخارج بشأن الملف النووي والعلاقة مع واشنطن، وتعهداته في الداخل بتخفيف القيود الاجتماعية وتهدئة الاحتقان، يسعى بزشكيان إلى تقديم نفسه باعتباره وجها مختلفا عن الحكومات السابقة، دون التخلي عن خطوط النظام العامة في ما يتعلق بالاستقلال العسكري ورفض الضغوط الغربية.