لم تنتظر بطولة كأس
العرب قطر 2025 كثيرا قبل أن تفجر أولى مفاجأتها منذ الدقائق الأولى لانطلاق المنافسات
حيث، أصبح واضحًا أن النسخة الحالية ليست نسخة عابرة، وأن أسماء كروية كبيرة تسقط،
بينما ستظهر أخرى من الظل لتعلن نفسها بقوة، وتصنع لحظات لا تنسى في ذاكرة الجماهير
العربية.
الجولة الأولى التي
انتهت مساء الأربعاء، كشفت عن وجه مختلف للبطولة، وجه لا تحكمه الأسماء ولا التصنيفات،
بل الروح والإصرار والعزيمة، والاجتهاد على أرضية الملعب، حيث لم يكن أحد من جمهور
الكرة العربية يتوقع أن يكون اليوم الأول من بطولة
كأس العرب 2025 على هذا القدر من
الإثارة.
فلسطين وفوز
تاريخي
كانت المفاجأة الأكبر
عندما نجح المنتخب الفلسطيني في إسقاط المنتخب القطري، الدولة المستضيفة، بهدف ثمين
في مباراة الافتتاح وضع البطولة على مسار جديد، وفتح الباب أمام علامات استفهام ضخمة
حول جاهزية أصحاب الأرض.
الفوز الفلسطيني لم
يكن مجرد نتيجة، بل كان صدمة كروية وسياسية وجماهيرية، حيث أمتلأ الملعب عن آخره، والأجواء
بدت مثالية لقطر التي دخلت المباراة بثقة المنتخبات الكبيرة، لكن فلسطين استغلت كل
لحظة، كل مساحة، وكل هجمة مرتدة، لتفرض أسلوبا قتاليا منحها هدفا وحيدا في الدقيقة
الأخيرة من المباراة، لكنه كان كافيًا لصنع تاريخ جديد.
الجماهير الحاضرة في
المدرجات كانت جزءًا من المشهد سواء كانت الفلسطينية أو العربية حتى جماهير القطرية
التي فرحت بفوز منتخب فلسطين، إذ تحول ملعب البيت بعد صافرة النهاية إلى لوحة ضخمة
من الأعلام والهتافات، في لحظة ولدت شعورًا وطنيًا تجاوز حدود الرياضة.
ورغم الاستحواذ الواسع
لقطر ومحاولاتها المتكررة، بدا الفريق عاجزًا عن إيجاد ثغرة، وكأن الحماس والمجهود
الجماعي للفلسطينيين أغلق كل المنافذ، السقوط القطري كان مفاجئًا، لكنه في الوقت ذاته
كان رسالة بأن البطولة لن تحسم بالأسماء، بل بالروح والتماسك.
سوريا تعود للمشهد
العربي بفوز على تونس
في المباراة التي سبقت
صدمة قطر، كان المنتخب السوري يصنع مفاجأة أخرى حين تغلب على تونس بهدف عمر خريبين
من ركلة حرة نفذها بمهارة، وكان الهدف لحظة إشعال للطاقة السورية، ليس فقط داخل الملعب،
بل بين الجماهير التي تابعت المباراة عبر الشاشات أو في المدرجات.
وكان واضحًا أن منتخب
سوريا يخوض البطولة بعقلية جديدة، مزيج من الرغبة في إثبات الذات والتخلص من سنوات
معقدة مرّت على كرة القدم السورية.
اظهار أخبار متعلقة
ولم يكن الفوز على
تونس مجرد انتصار مفاجئ، بل كان مؤشرًا على أن النسور يدخلون البطولة بطاقة جديدة تجعلهم
قادرين على الذهاب بعيدًا، في الملعب، أظهر اللاعبون السوريون انضباطًا عاليًا وقدرة
على التحول السريع من الدفاع للهجوم، مع ضغط متوازن أربك لاعبي تونس الذين فقدوا السيطرة
على وسط الملعب في فترات طويلة.
اللافت أيضا كانت المكالمة
التي أجراها الرئيس السوري أحمد الشرع مع اللاعبين بعد المباراة، حيث أكد لهم أن الفوز
يمثل رسالة أمل للشعب السوري، ما أضفى على الانتصار نبرة سياسية وعاطفية زادت من قيمته
لدى الجماهير.
تعادل مصري بطعم الخسارة
وفي المجموعة الثالثة،
كانت الأنظار تتجه نحو ظهور المنتخب المصري الذي يدخل كل بطولة بعنوان المرشح الدائم"،
لكن الواقع اختلف عن التوقعات، إذ بدأت مصر مشوارها بتعادل مثير أمام الكويت، في مباراة
ضاعت فيها الفرص، وتعرض فيها الفراعنة لاختبار قاسٍ منذ الجولة الأولى.
ورغم الاستحواذ
الكامل للمنتخب المصري فشل في ترجمة الفرصة لأهداف وأضاع عمرو السولية ركلة جزاء كان
من الممكن أن تنهي المباراة مبكرًا، قبل أن يفاجئ الكويتيون المصريين بهدف مباغت من
هجمة مرتدة ناجحة.
وفي الدقائق الأخيرة،
وبعد طرد حارس الكويت، حصلت مصر على ركلة جزاء ثانية نجح اللاعب محمد مجدي "أفشة"
في تحويلها إلى هدف التعادل، مانعًا الخسارة، حيث جعل الجماهير المصرية تستشعر القلق
منذ البداية.
وفي الوقت ذاته، خرج
المنتخب الكويتي برأس مرفوعة، مسجلاً واحدة من أفضل مبارياته في السنوات الأخيرة، بعدما
صمد أمام ضغط كبير وأجبر مصر على الاكتفاء بنقطة.
السعودية تحسم المواجهة
أمام عمان.. والجماهير العمانية تثور
لم تكن مباراة السعودية
وعمان مجرد مواجهة عادية في دور المجموعات، بل كانت اختبارًا لقدرات المنتخب السعودي
الذي يعيش واحدة من أفضل فتراته بعد التأهل إلى كأس العالم 2026، ورغم تحقيق السعودية
الفوز 2-1، فإن الصورة الأكبر كانت مرتبطة بردود الفعل العمانية الغاضبة بعد المباراة.
وخرجت الجماهير العمانية
في حالة غضب ملموس، معتبرة أن المنتخب العماني يمر بأزمة ممتدة، وأن الهزيمة أمام السعودية
لم تكن إلا امتدادًا لأداء غير مقنع في الفترة الأخيرة.
اظهار أخبار متعلقة
في المقابل، أثبت المنتخب
السعودي أنه جاهز للمنافسة على اللقب، مقدّمًا عرضًا قويًا في الشوط الثاني تحديدًا،
بفضل انسجام واضح بين خطوطه وقدرته على التحكم في إيقاع المباريات.
الأردن يخطف انتصارًا
ثمينًا من الإمارات
ومن المباريات التي
جذبت الأنظار أيضًا، فوز الأردن الصعب على الإمارات بنتيجة 2-1، المباراة شهدت حالة
طرد مبكر أثرت بشكل كبير على مجريات اللعب، لكن المنتخب الإماراتي نجح رغم النقص العددي
في العودة للنتيجة وتسجيل هدف التعادل، قبل أن يخطف النشامى هدف الفوز في الوقت القاتل.
هذا الانتصار وضع الأردن
في موقف قوي داخل المجموعة، متصدرا ترتيب مجموعته التي تضم مصر والكويت أيضا وأعاد
التأكيد على قدرة المنتخب الأردني على التعامل مع المباريات الكبيرة بذكاء وحسم.
حامل اللقب يتعثر أمام
السودان
أما حامل اللقب، المنتخب
الجزائري، فانطلق بجولة أولى لم تكن على مستوى التوقعات، إذ تعادل مع السودان دون أهداف
في مباراة شهدت طرد اللاعب آدم وناس قبل نهاية الشوط الأول.
ورغم النقص العددي،
صمد الجزائريون في الدفاع لكنهم فشلوا في تشكيل خطورة هجومية كافية، حيث ألقي التعادل
أمام السودان بظلال من الشك حول قدرة المنتخب على الحفاظ على لقبه، بينما منح السودانيين
دفعة معنوية كبيرة، بعدما أثبتوا أنهم قادرون على الوقوف أمام أكبر منتخبات القارة.
المغرب يفتتح البطولة
بثلاثية مريحة أمام جزر القمر
وفي وسط كل هذا الجنون،
كان المنتخب المغربي هو الفريق الوحيد الذي دخل البطولة بطريقة متوقعة، بعدما حقق فوزًا
مريحًا 3-1 على جزر القمر في مباراة أظهر فيها اللاعبون المغاربة انسجامًا فنيًا واضحًا
وتنظيمًا جعل المدرجات المغربية تشعر بالاطمئنان منذ بداية المشوار. بدا المنتخب في
أفضل حالاته الفنية، خصوصًا في التحولات وسرعة الانتشار، وهو ما جعله مرشحًا قويًا
منذ الدقيقة الأولى.
ماذا ينتظر البطولة
في الجولات المقبلة؟
الجولة الثانية التي
تنطلق اليوم ستكون بمثابة اختبار حقيقي لكل المنتخبات، قطر ستكون أمام مواجهة مصيرية
ضد تونس، وأي تعثر لأي من الفريقين قد نهاية مبكرة له، وسوريا ستواجه فلسطين في مباراة
تعد إحدى أبرز مواجهات الدور الأول من حيث الحماس والبعد الجماهيري، أما المنتخب
المصري ستلعب مباراة لا بديل فيها عن الفوز أمام الإمارات كما أن خسارة الأمارات
تعني خروجه من البطولة ما يعطي للمباراة أهمية كبيرة، بينما يدخل المنتخب الجزائري
مباراة عصيبة أمام العراق من أجل استعادة التوازن.
وفي المقابل، تبدو
السعودية والأردن والمغرب في وضع مريح نسبيًا، وقد يتمكن أحدها من ضمان التأهل قبل
الجولة الثالثة، بهذه المعطيات، ترفع البطولة مستوى الإثارة مبكرًا، وتمنح الجمهور
العربي نسخة تبدو حتى الآن الأقرب لأن تكون الأكثر تشويقًا منذ سنوات.