كشف المتحدث الإعلامي باسم حركة
الجهاد الإسلامي، محمد الحاج موسى، عن مساعٍ فلسطينية مكثّفة تُبذل على المستويات السياسية والميدانية والإعلامية لمواجهة
القرار الأمريكي الذي أقرّه
مجلس الأمن الدولي بشأن مستقبل قطاع
غزة، مؤكدا أن هذا القرار "لا يُمثّل الشعب الفلسطيني ولا يعكس إرادته، وأن قوى المقاومة تعمل وفق رؤية موحّدة لمنع فرض أي وصاية دولية أو إعادة إنتاج استعمار جديد للقطاع".
وقال الحاج موسى، في تصريحات خاصة لـ "عربي21": "كما واجهنا الاحتلال موحّدين، سنتصدى للقرار الأمريكي موحّدين أيضا، والتنسيق بين الفصائل قائم ودائم"، مشيرا إلى "اتصالات مباشرة ومشاورات جارية مع حركة حماس، وبقية الفصائل، من أجل الاتفاق على آليات مواجهة مشتركة".
وأضاف: "نحن لم نستجب لمطالب الوسطاء بشأن تسليم الأسرى الصهاينة، ونلتزم بكافة بنود المرحلة الأولى رغم كل العراقيل والخروقات التي قام بها الاحتلال، كي يأتي ترامب ويفرض وصاية دولية علينا من أي نوع. تسليم الأسرى تمّ بناءً على ضمانات واضحة قدّمها الوسطاء، وهذه الضمانات تُحمّلهم مسؤولية الوقوف بوجه القرار لا التسليم به"، مُشدّدا على ضرورة أن يمارس الوسطاء ضغطا حقيقيا وفاعلا لإصلاح المسار التفاوضي غير المباشر بأكمله.
اظهار أخبار متعلقة
وردا على سؤال حول ما إذا كانت المقاومة قد تعرّضت لعملية خداع، قال: "الولايات المتحدة تقود العدوان منذ اليوم الأول، وتواصل ألاعيبها لتغطية حرب الإبادة ودعم الاحتلال بلا حدود، لكن الأخطر هو التماهي العربي والإسلامي؛ إذ لم يصدر حتى الآن موقف رافض أو حتى متحفّظ على القرار، وهذا أمر شديد الخطورة".
التواصل مع الوسطاء
وتابع: "الإخوة في حركة حماس، بصفتهم المعنيّين بالملف التفاوضي، في تواصل مستمر مع الوسطاء. نحن اليوم أمام مرحلة جديدة وخطيرة تتطلب وضوحا أكبر، وضغطا مختلفا من قِبل الوسطاء على الإدارة الأمريكية التي لم تلتزم بما تعهّدت به؟، كان يفترض أن نكون في مرحلة تفاوضية، لا في مرحلة فرض وصاية".
وأكد المتحدث الإعلامي باسم حركة الجهاد الإسلامي، أن "الشعب الفلسطيني صمد عقودا ورفض الوصاية والتبعية، ولا يزال ثابتا على مواقفه، رافضا للاحتلال ولأي وصاية".
وأوضح أن "الإرادة الشعبية الفلسطينية هي الضمانة الأساسية في مواجهة أي حلول قسرية أو مسارات سياسية مجحفة"، لافتا إلى أن "القرار الأمريكي يمنح شرعية لسياسات الاحتلال بصيغ جديدة ومضلّلة، ويتعارض مع المواثيق الدولية، بما فيها المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي تكفل حق الشعوب في المقاومة".
شرعنة لإبادة غزة ونسف لمبدأ الدولة الفلسطينية
وانتقد الحاج موسى تصريحات مندوب الجزائر التي قال فيها إن الدول العربية والإسلامية دعمت الصيغة النهائية للقرار الأمريكي، متسائلا: "بأي حق يدعمون قرارا يرفضه الشعب الفلسطيني بكل مكوّناته؟، وبأي حق تُمنح الوصاية لأمريكا التي كانت طرفا أساسيا في الإبادة المستمرة لغزة منذ عامين؟".
اظهار أخبار متعلقة
وأشار إلى أن هذا القرار "يفتح الباب لاستعمار جديد على الشعب الفلسطيني، ويمنح إسرائيل ما لم تحلم بالحصول عليه"، مؤكدا أن بنوده المتعلقة بمستقبل غزة والضفة "غامضة ومبهمة، وتعتمد على موافقات إسرائيلية تعرف السلطة الفلسطينية قبل غيرها أنها لن تأتي".
وأضاف المتحدث الإعلامي باسم حركة الجهاد الإسلامي: "القرار الأمريكي ينسف مشروع الدولة الفلسطينية بالكامل، ويثبت الانقسام بين غزة والضفة، بل ويعمّقه، والادعاء بأنه يفتح الطريق لدولة فلسطينية هو تضليل صريح".
"قوة احتلال"
وشدّد الحاج موسى على أن "فصائل المقاومة ستتعامل مع أي قوة دولية مسلّحة تُكلّف بنزع سلاحها كقوة احتلال، بصرف النظر عن الدول المشاركة فيها".
وبيّن أن "المقاومة لا تمانع وجود قوة مراقبة لوقف إطلاق النار، لكن أي قوة تتدخل في الشؤون الداخلية وتفرض وقائع جديدة على الأرض وترفع يد الشعب الفلسطيني عن حقه في المقاومة وتعمل على خنقه ستكون قوة احتلالية نتعامل معها كما تعاملنا مع الاحتلال طوال العقود الماضية".
وأكد أن "الواقع صعب ومرير، ولكن صعوبة الواقع لا تبرر التنازل"، مشيرا إلى أن "الشعب الفلسطيني لم يستسلم يوما رغم اختلال موازين القوى، وأن المطلوب اليوم هو توافق وطني شامل لمواجهة القرار الأمريكي".
وعن تأثير القرار الأمريكي على المرحلة الثانية من المفاوضات، قال: "القرار الأمريكي كان بمثابة انقلاب على المفاوضات من أساسها. لم يُطرح للنقاش مع الوسطاء ولا مع الفصائل؛ فواشنطن تجاوزت الجميع وفرضت مسارا أحاديا يتماهى مع أهداف الاحتلال الإجرامية الإحلالية".
اظهار أخبار متعلقة
وذكر الحاج موسى أن "التواصل مع الوسطاء والدول العربية والإسلامية مستمر منذ ما قبل صدور القرار الأمريكي، وأن المقاومة ستستخدم كل الوسائل الممكنة لمواجهته؛ لأنه يُشكّل تهديدا مباشرا لمستقبل الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة".
وانتقد الحاج موسى ترحيب السلطة الفلسطينية بالقرار الأمريكي، قائلا: "السلطة تتصرف كمَن سمع بحكم إعدام صادر بحقه ثم ذهب لتنفيذه بنفسه. هذا القرار يقوّض كل الوجود الفلسطيني ويلغي ما يسمى بالسلطة ذاتها.. فماذا سيبقى منها إذا فرضت الوصاية الخارجية - امتدادا للاحتلال - على غزة وضم الاحتلال الضفة؟".
وزاد: "على السلطة الفلسطينية أن تعود إلى رشدها، وأن تدرك حجم المخاطر، وأن تقف إلى جانب شعبها ومقاومته. لن نخرج سويا من هذه الأزمة غير المسبوقة إلا بوحدتنا، وليس من المقبول أن تنفرد السلطة باتخاذ القرارات، ولا أن تتماهى مع القرار الأمريكي"، مضيفا: "المطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى أن نتوحد، وننبذ الخلافات، ونجتمع على رؤية موحدة للمواجهة".
ومساء الاثنين، اعتمد مجلس الأمن الدولي بالأغلبية المشروع الأمريكي بشأن إنهاء الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، حيث صوت 13 عضوا بالمجلس لصالحه، بينما امتنعت روسيا والصين عن التصويت.
ورحب القرار الأممي، الذي يحمل رقم 2803، بخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المكونة من 20 بندا لإنهاء النزاع في غزة والصادرة في 29 أيلول/ سبتمبر الماضي.
وطرحت واشنطن مشروع القرار من أجل نشر قوة متعددة الجنسيات بغزة، في ظل اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة "حماس" يسري منذ 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.