صحافة إسرائيلية

إحباط إسرائيلي: جبهتا لبنان وغزة عادتا مجددا ككتلة واحدة

ذكر الكاتب أن المخاوف الاسرائيلية من ربط لبنان وغزة تعود لأن فكرة المقاومة لا تزال العمود الفقري للوعي الإقليمي- جيتي
ذكر الكاتب أن المخاوف الاسرائيلية من ربط لبنان وغزة تعود لأن فكرة المقاومة لا تزال العمود الفقري للوعي الإقليمي- جيتي
تزداد الدعوات الاسرائيلية في الأيام الأخيرة لاستئناف العدوان على لبنان، بزعم أنّ عدم "نزع" سلاح حزب الله سيمنحه فرصة لإعادة ترتيب أوراقه، ويقضي بشكل شبه كامل على فرصة تنفيذ خطوة مماثلة ضد حماس في قطاع غزة.

وقال المُعلّق السياسي لشؤون الشرق الأوسط، المستشرق حاييم غولوفنيتسيتس، إنّ "أكثر قضيتين مُلحّتين للأمن القومي الإسرائيلي هما نزع سلاح لبنان وغزة، ورغم النجاح الظاهري في تفكيك "محور المقاومة" الإيراني، والمحاولات الإسرائيلية لفصل الساحتين، فإنّ الصلة بينهما لم تكن قطّ أقرب من أيّ وقت مضى، مع العلم أن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، وتشكيل حكومة سلام-عون، جاء عقب توجيه ضربة قاسية تلقّاها الحزب، واعتبرت بمثابة بوابة لإعادة إعمار لبنان من جهة، ونزع سلاحه من جهة أخرى".

وأضاف غولوفنيتسيتس، في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وترجمته "عربي21" أن "الولايات المتحدة، من خلال توم باراك ومورغان أورتاغوس، بجانب ممثل السعودية، يزيد بن فرحان، يلعبون جميعاً دورًا محوريًا في تشكيل واقع ما بعد الحرب في لبنان، ويُزعم أن بن فرحان يتمتع بنفوذ واسع على رئيس الوزراء نواف سلام، الذي أصبح المتحدث غير الرسمي باسم الرياض في الشؤون الحكومية والاقتصادية داخل لبنان".

اظهار أخبار متعلقة


وأشار إلى أن "الأزمة الاقتصادية العميقة في لبنان، والأضرار الهائلة الناجمة عن الهجوم الاسرائيلي المقدّرة بـ14 مليار دولار، عززت الشعور السائد في الغرب والدول العربية بأن نزع سلاح حزب الله شرطٌ لإعادة إعمار البلاد، ورغم تزايد الدعوات الدولية لانسحاب إسرائيلي من جميع الأراضي اللبنانية، لكن من الناحية العملية نشأ وضعٌ جديد تمثل بانسحاب إسرائيلي جزئي فقط، تاركةً خمس نقاط مراقبة استراتيجية تحت سيطرتها بدعم أمريكي".

وأوضح أن "نموذجا فريدا نشأ بالمحافظة على الهدوء النسبي على حاله، بينما يواصل الاحتلال نشاطه العملياتي المُركّز يوميًا تقريبًا في الأراضي اللبنانية، ومن وجهة نظره فهي سيطرة محدودة، لكنها ضرورية للحفاظ على الردع؛ أما من وجهة نظر حزب الله، فيُعدّ هذا انتهاكًا مستمرًا لسيادة لبنان، رغم اتهام إسرائيل له بارتكاب أكثر من 5000 انتهاك للاتفاق منذ توقيعه".

وأكد أنه "في الأشهر الأولى التي تلت اتفاق وقف إطلاق النار، ساد لبنان شعورٌ بالاستقرار الحذر، لكن ابتداءً من نيسان/ أبريل 2025، تغيرت الصورة، فبدأ حزب الله، الذي ضعف في البداية، يستعيد قوته ونفوذه، وبدعمٍ إيراني، أعاد هيكلة القيادة والأسلحة، واستعاد الثقة للعمل علانية، وفي الوقت نفسه، حاولت الحكومة اللبنانية تقديم خطوات رمزية مثل نزع السلاح جزئيًا في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، لكن من الناحية العملية لم يحدث أي تغيير حقيقي، واتضح أن الهدوء النسبي كان مؤقتًا فقط".

وأشار إلى أن "الوضع في لبنان يتمثل بحكومة ضعيفة مدعومة ماليًا من الخارج، وجيش ذو قدرات محدودة، وحزب الله يتعزز عسكريًا وسياسيًا، ورغم قرار الحكومة تكليف الجيش بمهمة نزع السلاح، يرفض قائده رودولف هيكل الدخول بمواجهة مع الحزب، بسبب ضعف الجيش، وتركيبته الشيعية، وتتزايد التوترات بين عون وسلام، وعلاقاتهما في أدنى مستوياتها، فيما عرض عون على إسرائيل مفاوضات غير مباشرة مقابل وقف الهجمات لشهرين، وكثفت واشنطن لهجتها، حتى بعد تحويل 200 مليون دولار من المساعدات للجيش اللبناني".

اظهار أخبار متعلقة


وأوضح أن "حزب الله وحماس يتمتعان بتنسيق سياسي وعسكري وثيق لسنوات، تحت رعاية إيران، وبعد عامين من القتال، جدّدا آلية التنسيق بينهما، حيث تتابع حماس عن كثب ما يحدث في لبنان، وتخشى أن تحاول إسرائيل تطبيق "النموذج اللبناني" في غزة، من خلال نزع تدريجي أو جزئي للأسلحة، وفي الوقت نفسه، تستلهم تجربة الحزب، وترفض أي نزع حقيقي للسلاح، وتقدم "حلولاً خيالية" مثل تسليم الأسلحة للقوات العربية فقط، وفي ظل ظروف غير واقعية، مثل إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس".

وختم بالقول إن "المخاوف الاسرائيلية من ربط لبنان وغزة تعود لأن فكرة "المقاومة" لا تزال العمود الفقري للوعي الإقليمي، لدى حزب الله وحماس، ويُعتبر الحق في حمل السلاح أساسًا وجوديًا، وحجر الزاوية في نضالهما، ويحظى بدعم شعبي واسع".

تتزايد القناعات الإسرائيلية بأن عدم نزع سلاح حزب الله، سواءً من خلال المفاوضات أو نتيجةً للصراع الداخلي، سيقضي نهائيًا على فرصة نزع سلاح حماس دبلوماسيًا، مما يعني تحول الساحتين، لبنان وغزة، اللتان فُصلتا بشكل مصطنع، كتلة مقاومة واحدة مجددًا، وهذا بحدّ ذاته فشلٌ للمسعى الإسرائيلي بفصلهما.
التعليقات (0)