قررت شركة "بي أيه إي سيستمز" ( BAE Systems)، أكبر
مصنّع أسلحة في
بريطانيا، سحب الدعم عن أسطول من الطائرات الذي كان يُقدّم
مساعدات
غذائية حيوية إلى بعض من أفقر دول العالم، بما في ذلك جنوب السودان، الصومال،
وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
وجاء القرار، وفق تقرير لصحيفة
"الغارديان" اليوم، في الوقت الذي أعلنت فيه الشركة عن أرباح قياسية
تجاوزت 3 مليارات جنيه إسترليني هذا العام، مستفيدة من زيادة الإنفاق الدفاعي
المرتبط بصراعات دولية مثل أزمة إسرائيل وغزة والحرب الروسية في أوكرانيا. وتبرّر BAE الخطوة
بتركيزها على مشاريع جديدة مرتبطة بزيادة الإنفاق العسكري لدول الناتو بنسبة 5٪.
توقف رحلات الإغاثة وارتفاع المخاطر
الإنسانية
وبقرارها الأخير، ألغت الشركة شهادة صلاحية
الطائرة المتقدمة Advanced Turbo-Prop (ATP) التي كانت
تستخدمها شركات شحن مثل EnComm
Aviation الكينية لنقل المساعدات، ما أدى إلى
وقف تشغيل أسطولها
بالكامل. وتقدّر الطائرات التي كانت تعمل بين مارس 2023 وحتى الشهر الماضي أنها
نقلت 18,677 طنًا من المساعدات إلى الصومال، جنوب السودان، تنزانيا، DRC، جمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد.
وأكد جاكتون أوبولا، مدير EnComm Aviation، أن قرار BAE أدى إلى قطع
خطوط حياة الناس الأكثر ضعفًا في شرق أفريقيا، مضيفًا: "الآن يواجه
سكان المنطقة وضعًا إنسانيًا متصاعد الخطر بينما تركز BAE على مصالحها التجارية فقط".
وقد ألغيت عقود هامة، بما في ذلك اتفاقية مع
برنامج الأغذية العالمي (WFP) لتوزيع الغذاء
على 12 وجهة في الصومال، حيث يواجه حوالي 5 ملايين شخص مستويات أزمة حادة في الجوع.
ووفق "الغارديان" فقد كانت طائرة ATP مثالية للمهام
الإنسانية، بفضل قدرتها على الهبوط في الممرات القصيرة والنائية وحملها حمولات تصل
إلى 8.2 طن لكل رحلة. ويشير برنامج الأغذية العالمي إلى أن طنًا واحدًا من المواد
الغذائية (حبوب، بقوليات وزيوت) يغطي الاحتياجات اليومية لنحو 1,660 شخصًا.
ومنذ إعلان الشركة عن سحب الدعم، أغلقت EnComm عملياتها في
كينيا، وتطالب الآن BAE بتعويضات
بقيمة 187 مليون جنيه إسترليني بسبب "الإساءة في التمثيل والإفصاح"،
معتبرة القرار بأنه أثر بشكل مباشر على حياة الملايين من المدنيين المحاصرين
بالجوع والنزاع.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 4.6
ملايين شخص في الصومال يواجهون مستويات أزمة حادة في الجوع، مع 1.8 مليون طفل دون
الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد. وفي جنوب السودان، يواجه 7.7 ملايين شخص
انعدام أمني غذائي حاد، بينهم 2.3 مليون طفل يعانون من سوء التغذية. أما في DRC، فيعاني
27.7 مليون شخص من الجوع الحاد، لا سيما في المقاطعات الشرقية (North Kivu، South Kivu، Ituri وTanganyika) نتيجة
النزاعات، النزوح، تغير المناخ وارتفاع أسعار الغذاء.
وكانت طائرات EnComm مخصصة لتقديم مساعدات غذائية إلى 11 وجهة في DRC، بما فيها
مدينة جوما التي استولى عليها متمردو M23 المدعومون من
رواندا في بداية العام.
ونقلت "الغارديان عن خبراء تأكيدهم أن
خطوة BAE تمثل ضربة
قوية لمجهودات الإغاثة الإنسانية في المنطقة، وتزيد من المخاطر على ملايين
المدنيين الذين يعتمدون على هذه المساعدات للبقاء على قيد الحياة. وتشير التحليلات
إلى أن أرباح الشركة قد ترتفع أكثر هذا العام، مع استمرار التوترات الإقليمية
وزيادة الإنفاق العسكري العالمي، في الوقت الذي تتراجع فيه أولوياتها تجاه
المساعدات الإنسانية.
وأكدت BAE أنها لن تعلق على أي إجراءات قضائية محتملة،
في حين أبلغت وكالة سلامة
الطيران الأوروبية أن قرار سحب شهادة صلاحية طائرة ATP دائم ولا رجعة فيه، مما يترك المدنيين في
مناطق النزاع شرق أفريقيا في وضع بالغ الصعوبة.
اظهار أخبار متعلقة