سياسة دولية

احتجاجات "لا ملوك".. هل يهدد التحرك الشعبي أجندة إدارة ترامب؟

الموقع أكد أن هذه الاحتجاجات توقظ الجمهور غير المتفاعل سياسيًا - فوكس نيوز
الموقع أكد أن هذه الاحتجاجات توقظ الجمهور غير المتفاعل سياسيًا - فوكس نيوز
تتصاعد الاحتجاجات السلمية في الولايات المتحدة تحت حركة تعرف باسم "لا ملوك"، في تحدٍ مباشر لأجندة الإدارة الحالية التي تسعى لتقييد الحقوق الدستورية والمدنية.

ونشر موقع "ذي إنترسبت" تقريرًا يسلط الضوء على أهمية الاحتجاجات السلمية الواسعة ضد إدارة ترامب، والتي تُعرف باسم "لا ملوك"؛ حيث تشكّل هذه الاحتجاجات تحديًا كبيرًا لأجندة ترامب الاستبدادية، وتسعى إلى حماية الحقوق الدستورية والمدنية التي ينص عليها الدستور الأمريكي.

وقال الموقع في هذا التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إن إدارة ترامب تخشى بشدة الاحتجاجات الجماهيرية السلمية، وقد بدأ قادة الحزب الجمهوري، من رئيس مجلس النواب مايك جونسون إلى النائب عن ولاية مينيسوتا توم إيمر ووزير النقل شون دافي، حملة لتشويه احتجاجات "لا ملوك"، واصفين إياها بأنها "كراهية لأمريكا" و"إرهاب داخلي"، رغم أنها مظاهرات محمية دستورياً تهدف إلى رفض السياسات السلطوية وغير الدستورية للإدارة.

وتهدف هذه الرواية إلى تشويه أكبر يوم احتجاج جماهيري في تاريخ الولايات المتحدة، حيث يُتوقع أن يشارك ملايين الأمريكيين في أكثر من 2500 مظاهرة في جميع الولايات، رفضاً لتقويض الحقوق المدنية والدستورية، وطموحات حركة "ماغا" الفاشية.

اظهار أخبار متعلقة


تأثير صور المعارضة
وأوضح الموقع أن الصور القوية للاحتجاجات السلمية، حتى الصغيرة منها، لاقت صدى واسعًا وفضحت الروايات الزائفة التي تروج لها الإدارة الأمريكية، وأظهرت حجم المعارضة ومصداقية المشاركين، مما يضع قادة الحزب الجمهوري في موقف محرج أمام الرأي العام.

فمن خلال إظهار حجم المعارضة لسلطوية حركة "ماغا" والتعاطف اليومي مع الأمريكيين الذين يتخذون موقفًا صالحًا، تشكل احتجاجات "لا ملوك" مشكلة حقيقية في العلاقات العامة لليمين المتطرف؛ فهي تنسف الروايات الخيالية التي عملت حركة "ماغا" جاهدة على بنائها وتقوض مصداقيتها.

وأضاف الموقع أن هذه الاحتجاجات توقظ الجمهور غير المتفاعل سياسيًا، وتُظهر أن هناك رفضًا واسعًا يصعب تجاهله لأجندة النظام، وتمنح الناس شعورًا بأنهم ليسوا وحدهم في معارضتهم، كما أنها تولد تغطية إخبارية وصورًا قوية تشكل دليلًا دامغًا على أن الأمور ليست على ما يرام.

قوة الإقناع في الاحتجاج

واعتبر الموقع أن الاحتجاجات باعتبارها دليلًا على التحدي الواسع النطاق تتجاوز حدود الجمهور الأمريكي؛ فهي تلقى صدى لدى الجماهير الدولية وصناع القرار الرئيسيين في مؤسسات مثل المحكمة العليا والجيش وغيرها من المؤسسات التي قد تكون قريباً في وضع يسمح لها بتقرير ما إذا كانت ستستمر في الامتثال لمطالب الإدارة.

وأكد الموقع أن الاحتجاجات الجماهيرية لا تؤثر فقط على الرأي العام، بل إنها تلقى صدى في مؤسسات حاسمة مثل المحكمة العليا والجيش، وقد أظهرت الأبحاث الواسعة النطاق التي أجرتها العالمتين السياستين إيريكا تشينوويث وماريا ستيفان حول قوة الاحتجاج السلمي كيف يؤثر الاحتجاج والامتثال المؤسسي على بعضهما البعض؛ حيث توصلتا إلى أنه بمجرد مشاركة 3.5 بالمائة من سكان بلد ما في احتجاج سلمي مستمر، فإن الأنظمة الاستبدادية تجد صعوبة، إن لم يكن استحالة، في تنفيذ أجنداتها.

وتعد الاحتجاجات الجماهيرية أيضًا أحد أقوى أدوات الإقناع المتاحة حتى بالنسبة لبعض المترددين، فإدارة ترامب لا تزال تعاني من عدم شعبية شديدة، ومن المحتمل أن تدفع احتجاجات "لا ملوك" هذه الشعبية إلى مستويات جديدة من الانحدار.

وأضاف الموقع أن التاريخ الأمريكي يثبت أن الاحتجاجات الجماهيرية كانت حاسمة في تحقيق تقدم ديمقراطي، مثل الحقوق المدنية وحق التصويت للنساء، وقد لخص عالم الاجتماع تشارلز تيلي الصفات الرئيسية التي تجعل الاحتجاجات الجماهيرية مقنعة وشعبية ودائمة؛ وهي المصداقية، والوحدة، والعدد، والالتزام، والتنوع، وكلها حاضرة في احتجاجات "لا ملوك".

اظهار أخبار متعلقة


وقد كانت آخر مرة ظهرت فيها هذه المجموعة الكاملة من الصفات في الولايات المتحدة خلال احتجاجات جورج فلويد السلمية، والتي غيرت بقوة الحوار الوطني حول العنصرية المنهجية. ففي صيف سنة 2020، اعتبر ما يقرب من 1 من كل 5 أمريكيين العلاقات العرقية أهم مشكلة تواجه البلاد، واعترفت الغالبية بأن العنصرية المنهجية مشكلة مجتمعية، وقد كان هذا الارتفاع في الوعي العام والحاجة الأخلاقية الملحة لإنهاء العنصرية المنهجية مقنعًا ودائمًا لدرجة أنه دفع الناخبين الديمقراطيين للتسجيل وساعد في دفع جو بايدن للفوز في انتخابات عام 2020.

وزفق الموقع؛ يساعد هذا الإطار في فهم التهديد الذي يراه نظام "ماغا" في احتجاجات "لا ملوك": أن ملايين  الأمريكيين العاديين من جميع مناحي الحياة يقفون معًا للمرة الثانية من أجل القيم الأمريكية الأساسية والحقوق الدستورية والمدنية ويشكلون تهديدًا وجوديًا للطموحات الاستبدادية. إنها نقطة تحول قد تؤدي إلى تسارع تراجع الدعم الذي يلقاه مشروع "ماغا" السياسي، وتنمي الحركة المؤيدة للديمقراطية التي تعارضه، وتزرع بذور الشك داخل صفوف الإدارة.

الفاشيون يردّون الهجوم

وأشار الموقع إلى أن الأنظمة السلطوية حول العالم بدأت تدرك خطورة الحركات الاحتجاجية السلمية؛ حيث تشير أبحاث الباحثة إيريكا تشينوويث إلى أن هذه الحركات لم تعد تحقق النجاح نفسه الذي كانت تحققه في العقود الماضية، وذلك بسبب تنسيق الأنظمة فيما بينها وابتكار استراتيجيات جديدة للحد من تأثيرها، مثل التحكم في تدفق المعلومات والسعي إلى تجريم الاحتجاج بشكل مباشر. وهذا يحدث في الولايات المتحدة أيضًا، إذ تدرك إدارة ترامب تماماً قدرة الاحتجاجات الجماهيرية السلمية على تشكيل الرأي العام، ولهذا تتحرك بسرعة لتفكيك البنية التحتية للمعارضة والتنظيم المدني.

وأفاد الموقع بأن  الشخصية الرئيسية وراء هذه الجهود في حركة "ماغا" هو ستيفن ميلر، نائب رئيس موظفي البيت الأبيض، الذي عبّر بوضوح عن نيته القضاء على المعارضة السياسية من خلال فرض رواية تعتبر أي معارضة لأجندته تهديداً يجب قمعه باستخدام كامل سلطات الدولة. وقد استغل ميلر الفرصة مؤخرًا لإنشاء تصنيف جديد لـ"الإرهاب الداخلي" لتبرير التحقيقات وتفكيك وتمويل منظمات المجتمع المدني المعارضة.

تمضي الإدارة أيضًا في خططها لاستخدام مصلحة الضرائب كسلاح عن طريق إطلاق تحقيقات جنائية ضد المنظمات الخيرية والمدنية ذات التوجهات اليسارية. كما قدم السيناتور الموالي لترامب، تيد كروز، مشروع قانون يسهل توجيه تهم بموجب قانون "ريكو" إلى المنظمات التي تموّل أو تدعم التعبئة العامة، وقد استشهد هذا الأسبوع باحتجاجات "لا ملوك" كأحد أسباب تمرير هذا القانون.

اظهار أخبار متعلقة


ولم تُخف الإدارة نواياها بشأن الجهات التي تنوي استهدافها أولاً، إذ صرّح ترامب بنفسه أنه يريد ملاحقة أعدائه من اليسار، واستندت الإدارة إلى تقرير ضعيف من مركز الأبحاث المحافظ "كابيتال ريسيرش سنتر"، يُعتقد أنه وثيقة إرشادية لحملة القمع، وقد صنّف مجموعات مثل "إنديفيزيبل"، و"صوت اليهود من أجل السلام"، وحركة "صن رايز" الشبابية بأنها "تحرض على الإرهاب".

وأكد الموقع أن استهداف هذه المنظمات ليس صدفة، فهي من أكثر الجهات قدرة على تعبئة الجمهور الأمريكي سلميًا على نطاق واسع، وتنظيم احتجاجات جذابة إعلاميًا تؤثر في الرأي العام. وبالتالي، فإن القضاء على هذه المنظمات التي تمكّن الأمريكيين من المشاركة في التعبئة السلمية الواضحة هو وسيلة فعالة لضمان أن التصورات التي تصل إلى الجمهور عن المعارضة هي تلك التي تدعم رواية "ماغا" عن "اليسار المختل".

وأكد الموقع على أنه لهذا السبب، فإن المعارضة الجماهيرية واسعة النطاق باتت ضرورية الآن ، قبل أن تترسخ هذه الحملة القمعية بالكامل. والتي يجب وصفها على حقيقتها: محاولات لقمع حرية التعبير، وانتهاك التعديل الأول للدستور، وإسكات المعارضة.

واختتم الموقع بالإشارة إلى أنه ليس من الواضح كيف ستتراكم آثار هذا الاحتجاج، لكن المعارضة الظاهرة أمر بالغ الأهمية. لذا فإن أي شخص يقلقه ما يحدث في هذا البلد يجب أن يذهب إلى احتجاج "لا ملوك"، ثم يذهب إلى الاحتجاج التالي أيضًا.

التعليقات (0)

خبر عاجل