صحافة دولية

"هآرتس": إسرائيل تراقب من الهامش وقمة شرم الشيخ ترسم ملامح ما بعد غزة

قمة شرم الشيخ الأخيرة وضعت تنفيذ اتفاق غزة بيد الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا- (البيت الأبيض)
قمة شرم الشيخ الأخيرة وضعت تنفيذ اتفاق غزة بيد الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا- (البيت الأبيض)
قالت صحيفة "هآرتس" في تحليل للكاتبة ليزا روزوفسكي، إن كلمتين غابتا بشكل لافت عن الخطابين البلاغيين اللذين ألقاهما كل من رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمام الكنيست يوم الاثنين، وهما: "الدولة الفلسطينية".

وأشارت الصحيفة إلى أن المصطلح ذاته غاب أيضا عن جميع الخطب الاحتفالية التي أُلقيت خلال الجلسة العامة، بما في ذلك خطاب زعيم المعارضة يائير لابيد، الذي بدا نسخة شبه مطابقة لخطاب نتنياهو مع اختلافات طفيفة في التفاصيل.

ورأت "هآرتس" أن ترامب امتنع عن ذكر "الدولة الفلسطينية" لأنه يدرك جيدا معارضة نتنياهو لهذه الفكرة، بينما تعمّد نتنياهو تجنبها حرصا على عدم "تعكير الأجواء" قبيل قمة "أعظم أصدقاء إسرائيل" في شرم الشيخ.

وأوضحت الصحيفة أن ترامب "قد يسمح لنفسه بالانخداع بالوهم القائل إن السلام في الشرق الأوسط ممكن دون الاعتراف الحقيقي بالسيادة الفلسطينية"، لكن نتنياهو يعرف تماما أن هذا "ليس خيارًا واقعيًا"، خصوصًا بعد مرور عامين على هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر والحرب على غزة.

اظهار أخبار متعلقة




وأضاف التقرير أن قادة الدول العربية والإسلامية والأوروبية المشاركين في قمة شرم الشيخ يدركون هذه الحقيقة جيدا، لكن تركيزهم الحالي ينصب على "الحفاظ على الزخم" وضمان انتقال سلس من المرحلة الأولى "البسيطة نسبيا" من خطة ترامب المكونة من 20 نقطة، إلى المرحلة الثانية التي وصفها التقرير بأنها "غامضة ومعقدة".

وبينت "هآرتس" أن البيان المشترك الذي وقّعه ترامب مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني كان "غامضًا ومتعمّدًا في عموميته"، إذ أشار فقط إلى "سلام دائم يمكن للفلسطينيين والإسرائيليين أن يزدهروا في ظله، مع حماية حقوق الإنسان وضمان الكرامة الإنسانية".

ووفق التقرير، فإن الجزء الأهم بالنسبة للدول المشاركة في القمة لم يكن مضمون البيان، بل التوقيعات نفسها، إذ إن الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا تحمّلن فعليًا "المسؤولية الكاملة عن تنفيذ الاتفاق في غزة بين إسرائيل وحماس".

وقالت الصحيفة إن الولايات المتحدة ستتولى "كبح جماح إسرائيل"، فيما تتكفل الدول الثلاث الأخرى بكبح جماح حماس، وفق ما صرح به مسؤولان أمريكيان رفيعا المستوى للصحفيين ليلة توقيع الاتفاق.

ونقلت "هآرتس" عن المسؤولين الأمريكيين قولهم إن الأدميرال براد كوبر، قائد القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، سيتولى مهمة الإشراف على غزة بمشاركة نحو 200 جندي، رغم أنه "لن يُتوقع منهم دخول القطاع فعليًا"، موضحين أن دور كوبر سيكون "ضمان عدم حدوث انتهاكات أو تسللات"، لأن "الجانبين يشعران بالقلق من الطرف الآخر".

اظهار أخبار متعلقة




وأضاف المسؤولون أن وجود قائد القيادة المركزية الأمريكية "منح الدول العربية الكثير من الثقة"، وأرسل أيضًا لحماس رسالة واضحة بأن "ترامب يقف بقوة خلف التزاماته وضماناته".

وأشار المسؤولون، بحسب "هآرتس"، إلى أن الاتفاق يتضمن تفكيك "البنية التحتية العسكرية والأسلحة الثقيلة في غزة"، في إشارة إلى عملية نزع سلاح حماس، موضحين أن هذه المهمة تقع على عاتق قوة الاستقرار الدولية التي يجري تشكيلها حاليًا.

وذكر التقرير أن الدول التي شاركت في مفاوضات الأسبوع الماضي ووقّعت على إعلان شرم الشيخ، وهي مصر وقطر وتركيا، سترسل قوات إلى غزة، في حين قد تنضم الإمارات العربية المتحدة إلى الجهود في وقت لاحق.

ونقلت الصحيفة عن مصدر مطّلع على السياسة الإقليمية قوله إن الإمارات من غير المرجح أن ترسل قوات عسكرية إلى غزة، لكنها ستشارك "بشكل واسع في الجهود الإنسانية والمدنية"، وربما تلعب دورًا محوريًا في "إصلاح النظام التعليمي في غزة ضمن جهود مكافحة التطرف".

اظهار أخبار متعلقة




كما أوردت "هآرتس" تعليقًا للمحلل هيو لوفات، الزميل في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، الذي قال إن من غير الواقعي "توقع أن تتحول غزة إلى نموذج يشبه لبنان، حيث خضع حزب الله لضغوط داخلية لنزع سلاحه".

وأضاف لوفات أن الحكومة الإسرائيلية "ترغب في هذا السيناريو لتتمكن من استخدام الضغط الدبلوماسي والعسكري لإجبار حماس على نزع سلاحها"، لكنه استبعد أن يتحقق ذلك "على الأرض في غزة"، موضحًا أن حماس "قد توافق على تفكيك أسلحتها الهجومية، مثل الصواريخ والأنفاق، لكنها لن تتخلى عن الأسلحة الخفيفة".

وبحسب لوفات، فإن الدول التي تستعد لإرسال قوات ضمن قوة الاستقرار "لن تخوض مواجهة عسكرية مع حماس"، ما يعني أن الحركة "ستحتفظ بقدر كبير من السلطة والنفوذ في غزة"، وأن مسألة إدارة هذا النفوذ "ستظل مفتوحة ومعقدة في المدى القريب".

وأشار التقرير إلى أن دولة الاحتلال قد تجد "بعض التشجيع" في صياغة إعلان شرم الشيخ، الذي نص على أن الشرق الأوسط "لا يستطيع تحمّل دورة متواصلة من الحروب والمفاوضات المتوقفة والتنفيذ المجزأ أو الانتقائي للاتفاقات".

ولفتت "هآرتس" إلى أنه حتى لو لم يكن النصر الكامل لنتنياهو على حماس ممكنا، فإن الحركة تحت إشراف تركيا وقطر وعدة دول عربية وإسلامية أخرى قد تتحول إلى "نسخة مختلفة"، مضيفة أن هناك قوى عربية، منها الإمارات، ترغب في رؤية حماس "ضعيفة ومردوعة"، وأن ميزان القوى الإقليمي في غزة سيتشكل جزئيًا حول هذه القضية.

ونوهت أن قمة "السلام 2025"، إلى جانب القمة الوزارية التي عُقدت الأسبوع الماضي في باريس، تمثلان "المرحلة الأولى في سلسلة من الاجتماعات والقمم التي ستُعقد خلال الأشهر المقبلة لمناقشة مستقبل غزة والقضية الفلسطينية"، مشيرة إلى أنه "إذا لم تغيّر إسرائيل مسارها السياسي، فستعقد معظم هذه الاجتماعات دون مشاركتها".
التعليقات (0)

خبر عاجل