"لا قول فوق قول
غزة"، بهذه الكلمات وجّه نادر صدقة الأسير المحرر السامريّ الوحيد في سجون
الاحتلال بعد 21 عاما من الاعتقال، رسالة فور وصوله مصر عقب تحريره في إطار صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة "
حماس".
صدقة يُعد استثناء، فهو الأسير الفلسطيني الوحيد في السجون الإسرائيلية من الطائفة السامرية التي تسكن قمة جبل جرزيم في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة.
قبل تحريره بموجب صفقة التبادل، كان صدقة يقضي حكما بالسجن 6 مؤبدات. وأُطلق سراحه مع إبعاده إلى مصر، ضمن صفقة التبادل بين "حماس" والاحتلال، في إطار اتفاق لوقف إطلاق النار دخلت مرحلته الأولى حيز التنفيذ في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.
ووفق ما ينص عليه الاتفاق، أتمّت "حماس" الاثنين، إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين العشرين الأحياء من غزة، إضافة إلى تسليم رفات 4 من جثامين 28 أسيرا تقول تل أبيب إنهم في غزة، على أن يتم استكمال تسليم البقية في وقت لاحق لم يحدد بعد.
وقالت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير في فلسطين، عبر بيان مشترك، إن الاحتلال أفرج الاثنين، عن 1968 أسيرا بينهم 250 من المحكومين بالمؤبد و1718 من أسرى غزة الذين اعتقلوا بعد الحرب.
المولد والنشأة
وُلد صدقة عام 1977 على سفح جبل جرزيم في نابلس، وتلقى تعليمه في مدارس المدينة، ومع اندلاع "انتفاضة الحجارة" عام 1987 كان مع رفاقه أحد "أطفال الحجارة".
نابلس أو "جبل النار" كما يطلق عليها، شهدت في سنوات "انتفاضة الحجارة" مواجهات مستمرة مع قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي.
اظهار أخبار متعلقة
و"أطفال الحجارة" مصطلح يُستخدم للإشارة إلى الأطفال والشباب الذين شاركوا في الانتفاضة الأولى (1987-1993) ضد الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، لأنهم كانوا يواجهون بالحجارة قواته المدججة بأحدث الأسلحة.
في عام 1995، التحق صدقة بجامعة النجاح الوطنية في نابلس، حيث درس التاريخ والآثار. وخلال دراسته انتقل صدقة من النضال العفوي إلى العمل المنظّم، وانخرط في صفوف جبهة العمل الطلابي التقدمية، الإطار الطلابي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
برز اسم وشخصية صدقة بين زملائه، وكان يعتلي المنصّات مخاطبا طلبة الجامعة.
العمل المقاوم
مع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، كان صدقة على موعد مع التخرج الجامعي، لكنه التحق بـ "كتائب الشهيد أبو علي مصطفى"، الجناح العسكري للجبهة الشعبية. ونفّذ صدقة برفقة زملائه عدة عمليات إطلاق نار قُتل فيها جنود وضباط إسرائيليون.
لاحقت المخابرات الإسرائيلية صدقة ورفاقه من "كتائب أبو علي مصطفى" وأصبح مطلوبا ومطاردا.
وكان أحد المشاركين والمخططين -إلى جانب قائد الكتائب في حينه يامن فرج، وأمجد مليطات- لعملية تفجير في مدينة " بتاح تكفا" وسط الأراضي المحتلة عام 2003، والتي قتل فيها 4 جنود فيما أصيب آخرون، ردا على اغتيال الاحتلال كلا من القائدين بالجبهة الشعبية فادي حنني وجبريل عواد في كانون الأول/ ديسمبر من العام ذاته.
اظهار أخبار متعلقة
وبعد أن اغتالت قوات الاحتلال القائدين فرج ومليطات في العام نفسه، بات صدقة قائد "كتائب الشهيد أبو علي مصطفى" في نابلس.
في 17 آب/ أغسطس 2004، اعتقل جيش الاحتلال الإسرائيلي صدقة خلال عملية عسكرية في مخيم عين بيت الماء غربي نابلس، وحكم بالسجن 6 مؤبدات.
ويعرّف صدقة عن نفسه بحسب الموقع الرسمي للجبهة الشعبية بـ"عربي فلسطيني مناضل من أجل الحرية والحق".
"سلالة بني إسرائيل الحقيقية"
عام 2020، بلغ عدد أفراد الطائفة السامرية 841، منهم 392 يعيشون في جبل جرزيم و449 في منطقة حولون وسط الأراضي المحتلة، وفقا لمركز المعلومات الفلسطيني.
ويتكلم السامريّون اللغة العبرية القديمة التي نزلت بها التوراة، بحسب قولهم، وتتكون من 22 حرفا، إلى جانب إتقانهم العربية.
ويقولون إنهم "سلالة بني إسرائيل الحقيقية" ومختلفون عن اليهود ويملكون النسخة الأصلية من التوراة، التي يتجاوز تاريخها 3600 عام، ومكتوبة على جلد غزال، ويؤمنون بخمسة أسفار من التوراة.
ويعتقد السامريون أنه ليس لليهود حق في مدينة القدس، وتربطهم علاقات اجتماعية وصداقة مع الفلسطينيين، كما تربطهم علاقة جيدة مع اليهود.
اتفاق غزة
وأمس الاثنين، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تسهيلها تبادل 20 أسيرا إسرائيليا أحياء و4 جثث، إضافة إلى 1809 أسرى فلسطينيين من أصل 1968 أطلقت إسرائيل سراحهم ضمن اتفاق وقف إطلاق النار.
وفي 9 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توصل إسرائيل و"حماس" إلى اتفاق على المرحلة الأولى من خطته، إثر مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين بشرم الشيخ، بمشاركة تركيا ومصر وقطر، وبإشراف أمريكي.
وظهر يوم الجمعة الماضي، دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس والاحتلال الإسرائيلي حيز التنفيذ.