ما زالت أصداء فشل محاولة اغتيال قادة
حماس في العاصمة
القطرية تتردد في الأوساط الإسرائيلية، ومنها البحث في نوايا رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب من هذه العملية، وأهدافهما، واللافت أنه في ضوء النجاحات السابقة في عمليات الاغتيال المستهدفة في إيران ولبنان واليمن، فقد كان افتراضهما الأساسي أن فرص النجاح كانت عالية جدًا، وقريبة من المئة بالمائة، لكن ذلك لم يحصل، وهنا كانت خيبة الأمل لكليهما.
مردخاي إيش شالوم، كبير الاقتصاديين بوزارة الاقتصاد، والملحق الاقتصادي لدى ست دول في أمريكا الشمالية وأوروبا، أكد أنه "يمكن قول الكثير عن نتنياهو، لكنه ليس غبيًا، كما أن ترامب ليس من حكماء جيله، ولكنه أيضًا ليس من الحمقى، لذلك ربما أدركا جيدًا أنه في حال تحقيق نجاح باهر في تلك العملية، فسيكون لها عواقب وخيمة على الساحتين العربية والدولية، ناهيك عن تداعياتها على ساحتي
الاحتلال وحماس في
غزة، حيث لا يزال عشرات الأسرى والجرحى الإسرائيليين محتجزين".
وأضاف في مقال نشره موقع
زمان إسرائيل، وترجمته "عربي21" أن "نتنياهو لا يزال يحمل ندبة شخصية، نتيجة محاولته الفاشلة لاغتيال خالد مشعل زعيم حماس في الأردن عام 1997، بينما يحمل ترامب ذو البشرة البرتقالية نجاحاً في اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني في 2020، ولذلك برأيي المتواضع، كان الهدف من عملية الدوحة، ظاهريًا، الجمع بين طموحين واضحين: عملية عسكرية لمرة واحدة تبرر المخاطر الكبيرة، تليها مباشرة سلسلة دبلوماسية تحقق "صورة النصر" القانونية والسياسية".
اظهار أخبار متعلقة
وأوضح أن "الهدف من العملية، على ما يبدو، إعلان النصر في الحرب، وفي الوقت نفسه التوصل لاتفاق سريع مع حماس بشأن إطلاق سراح جميع الأسرى والجرحى مقابل إطلاق سراح آلاف الأسرى، وانسحاب إسرائيلي لمحيط قطاع غزة، وإدخال قوات دولية بقيادة دول عربية، ونزع الأسلحة الثقيلة من غزة، مع ترك مشكلة الأسلحة الصغيرة، وهي المشكلة الصعبة، بشكل غامض لحلّ مستقبلي، وفي الوقت نفسه، على ما يبدو، كانت الخطة هي بدء محادثات التقارب وتحسين العلاقات العامة مع السعودية ودول إسلامية أخرى".
وأشار أن "الاثنين مالا في قلب هذه الدراما للحكم على كل خطوة من منظور النجاح الفوري، فكلاهما يعرف كيف يقرأ صور النصر، وكلاهما مدمنان على نفس المخدّر السياسي، بالحاجة لتحقيق إنجاز كبير بسرعة للجمهور العام والأنصار عبر حيلة سياسية، لذلك، كان نتنياهو "سيبتلع" مثل هذا النصر غير المكتمل، الذي كان سيخرجه من المتاهة التي خلقها، لأنه أدرك جيدًا أن رئيس الأركان والجيش كانا على حق تمامًا في معارضتهما لاحتلال قطاع غزة، والسيطرة المدنية عليه".
وأضاف أن "ترامب كان "سيشتري" بسرور كبير النصر العسكري، ثمرة دقة الأسلحة والتكنولوجيا الأمريكية التي جعلت الاغتيال ممكنًا، ومن ناحية أخرى، كعادته، كان سيتفاخر ويمجّد موهبته الدبلوماسية الهائلة التي أدت لاتفاق بين الصقور، يُقرّبه من هدفه الشخصي الواضح بإعلان فوزه بجائزة نوبل للسلام في أكتوبر 2025، لكن العملية لم تُفلح، وكالعادة، تهرّب ترامب من المسؤولية".
وأشار أنه "من أجل الخروج من هذا الوضع المُحرج، أمام ترامب خياران رئيسيان للرد، كلاهما يُقلق نتنياهو: أولاهما ولأنه يكره "الفاشلين"، سيُخضع الأخير، ويُجبره على عرض وقبول "اتفاق جزئي" بطريقة أو بأخرى، يُعاد بموجبه بعض المختطفين مقابل إطلاق سراح أسرى وانسحاب مُحدد للجيش من غزة، وثانيهما، وهو أسوأ، فهو ترك نتنياهو يُرهق نفسه بالتفكير في كيفية تنفيذ أمره، الذي لم يكن يقصده بجدية قط، وهو احتلال غزة عسكريًا، والسيطرة عليها مدنيًا".
يمكن الخروج باستنتاج من هذه القراءة الإسرائيلية أن الخيار الثاني سيئ وخطير على أمن الاحتلال، وسيُسفر عن سقوط العديد من القتلى والجرحى في صفوف جيشه، ناهيك عن مصير المختطفين هناك، كما أن تكاليفه الاقتصادية تتمثل بإنفاق عشرات المليارات من الشواكل سنويًا لتمويل حكومة عسكرية وإدارة مدنية لإعاشة مليوني غزّي، إضافة لاستمرار الهجمات اليومية على قوات الجيش التي تحتلّ القطاع.