تتواصل حالات الوفاة داخل السجون
المصرية ومقار الاحتجاز الرسمية، وسط اتهامات متزايدة للسلطات الأمنية بـ"ممارسة الإهمال الطبي المتعمد وحرمان المعتقلين من الرعاية الصحية الأساسية"، ما يشكل، وفق منظمات حقوقية، انتهاكاً خطيراً للحق في الحياة والمعايير الدنيا لمعاملة السجناء.
وأعلنت عدة منظمات حقوقية، بينها مركز الشهاب لحقوق الإنسان، وهيومن رايتس إيجيبت، ومنظمة عدالة لحقوق الإنسان (JHR)، والشبكة المصرية لحقوق الإنسان، الجمعة، عن وفاة المعتقل أحمد حامد بشندي (68 عاماً) داخل سجن أبو زعبل، بعد تدهور حالته الصحية نتيجة ما وصفته تلك المنظمات بـ"الإهمال الطبي المتعمد".
وفيات بالإهمال والتعذيب
بحسب مركز الشهاب، فإن بشندي، موظف سابق بمجلس مدينة طوخ في محافظة القليوبية، كان محتجزاً على ذمة القضية رقم 185 لسنة 2023 حصر أمن الدولة العليا، بعدما اعتُقل العام الماضي أثناء سفره إلى السعودية لأداء مناسك العمرة، حيث أوقفته السلطات في مطار القاهرة.
وأشار المركز إلى أن بشندي عانى قبل أيام من انسداد معوي حاد داخل محبسه بسجن أبو زعبل، ولم يتلق الرعاية الطبية اللازمة في الوقت المناسب، ليُنقل في وقت متأخر إلى مستشفى سجن بدر، حيث فارق الحياة متأثراً بحالته الصحية الحرجة.
كما رصدت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان وفاة شاب آخر يُدعى خليل محمد أبو هبة، داخل قسم شرطة ثالث المحلة الكبرى، نتيجة ما وصفته بـ"
تعذيب وحشي أثناء الاحتجاز". وأكدت الشبكة أن جرائم التعذيب لا تسقط بالتقادم، مطالبة بفتح تحقيق فوري وشفاف، ومحاسبة المتورطين دون استثناء، ودعت كل من يمتلك معلومات أو وثائق حول الواقعة إلى التواصل معها بسرية تامة.
في السياق نفسه، وثقت الشبكة أيضاً وفاة محمد السعيد شمعون (50 عاماً) من محافظة الدقهلية، الذي تُوفي بعد يومين فقط من إخلاء سبيله من مقر الأمن الوطني بالمنصورة. وأوضحت الشبكة أن شمعون كان قد نُقل من سجن جمصة شديد الحراسة بعد انتهاء مدة محكوميته، إلا أن السلطات أخفته قسراً داخل مقر الأمن الوطني، رغم تدهور حالته الصحية الخطيرة، إذ كان يعاني من تسمم دم وفشل كبدي ونزيف دموي متكرر.
تأتي هذه الحوادث لتؤكد استمرار الانتهاكات الحقوقية داخل السجون ومقار الاحتجاز الرسمية في مصر، حيث تطالب المنظمات الحقوقية بفتح تحقيقات مستقلة وشفافة، ومحاسبة المسؤولين عن الإهمال الطبي والتعذيب، وضمان حق المعتقلين في الرعاية الصحية الأساسية وحقوقهم الإنسانية، وفق القوانين المصرية والاتفاقيات الدولية الملزمة.
اظهار أخبار متعلقة
حملة "الحياة حق" أظهرت حملة "الحياة حق" التي أطلقها مركز الشهاب، بالتزامن مع اليوم العالمي لمناهضة عقوبة
الإعدام في 10 تشرين الأول/ أكتوبر، أن القضاء المصري أصدر منذ 2015 وحتى تشرين الأول/ أكتوبر 2025 نحو 2300 قرار بإحالة أوراق متهمين إلى المفتي في قضايا سياسية، ما يسلط الضوء على استمرار استخدام عقوبة الإعدام في البلاد وتأثيرها الحقوقي والقانوني على المجتمع.
وأكد المركز الحقوقي أن حملته تهدف إلى التعريف بخطورة أحكام الإعدام، واستعراض الموقف القانوني الدولي منها، وتوثيق أبرز القضايا التي صدرت فيها أحكام إعدام، وحالات تنفيذها فعلياً، بهدف رفع الوعي المجتمعي والدعوة إلى وقف تنفيذ هذه العقوبة تمهيداً لإلغائها بالكامل احتراماً للعدالة والكرامة الإنسانية.
وأوضحت الحملة أن هناك عدداً من الانتهاكات في قضايا الإعدام، بينها رفض رؤساء المحاكم طلبات الدفاع القانونية، وتهديد المحامين بإحالتهم للتأديب، ومنع المتهمين من متابعة وقائع الجلسات خلف قفص زجاجي عازل للصوت، ورفض الاستماع إلى شهود النفي.
كما شملت الانتهاكات محاكمة المتهمين أمام دوائر الإرهاب أو محاكم أمن الدولة العليا طوارئ، رغم نصوص الدستور المصري التي تنص على محاكمة الشخص أمام قاضيه الطبيعي، إضافة إلى محاكمات عسكرية غير دستورية وعدم السماح للمحامين بالاطلاع على الملفات أو حضور التحقيقات.
استمرار احتجاز الصحفية صفاء الكوربيجي
ألقت قوات الأمن، القبض على الصحفية صفاء الكوربيجي للمرة الثانية، بعدما سبق أن تم توقيفها في نيسان/ أبريل 2022 على ذمة القضية 441 لسنة 2022، بتهم تتعلق بـ"نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية".
وأوضح المحامي، خالد علي، أنّ: "الكوربيجي احتُجزت 15 يوماً احتياطياً على ذمة التحقيق في اتهامات منها استخدام حساب خاص على الإنترنت لنشر أخبار كاذبة، إضافة إلى الانضمام لجماعة إرهابية"، مع الإشارة إلى أن التحقيق تناول منشوراً يعود إلى كانون الأول/ ديسمبر 2024 حول تهجير بعض أهالي مطروح من منازلهم.
ودعت نقابة الصحفيين المصريين، السلطات، إلى الإفراج الفوري والعاجل عن الكوربيجي، ومراعاة وضعها الصحي والنفسي وظروفها الإنسانية في السجن، مؤكدة استمرارها في متابعة قضايا الصحفيين المحتجزين.
اظهار أخبار متعلقة
رئيس الديوان الرئاسي الأسبق
في ملف آخر، طالبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالإفراج عن السفير محمد رفاعة الطهطاوي (75 عاماً)، رئيس ديوان رئيس الجمهورية الأسبق، الذي أكمل عامين من الحبس الاحتياطي على ذمة القضية 1097 لسنة 2022، وهي القضية الرابعة التي يُدرج اسمه فيها خلال 12 عاماً.
وأوضحت المبادرة أن احتجاز الطهطاوي في ظروف متردية بسجن بدر 3، ومنعه من الزيارة أو التواصل مع أسرته أو فريق دفاعه لأكثر من سبع سنوات، يشكل انتهاكاً صارخاً للقوانين المصرية والدولية. وشددت على أن استمرار احتجازه دون السماح له بالحد الأدنى من حقوقه يشكل تعريضاً مسنّاً للخطر وفق المادة 24 من قانون رعاية حقوق المسنين رقم 19 لسنة 2024.
وألقي القبض على الطهطاوي في 3 تموز/ يوليو 2013، ومنذ ذلك الحين أُدرج على ذمة أربع قضايا، بينها قضية التخابر مع حماس والقضية المعروفة باسم الاتحادية، إضافة إلى قضية 1097 لسنة 2022. وأكدت المبادرة أنه أتم العقوبات المقررة بحقه بإجمالي عشر سنوات في 2023، إلا أنه ما زال محتجزاً احتياطياً على ذمة القضية الرابعة، رغم عدم تمكينه من التواصل مع العالم الخارجي أو الدفاع القانوني.
اظهار أخبار متعلقة
احتجاجات داخل السجن
أفادت المبادرة بأن الطهطاوي أرسل رسالة منسوبة له أعلن فيها اللجوء إلى الإضراب عن الطعام مع 58 محتجزاً آخرين احتجاجاً على تدهور الظروف المعيشية وحرمانهم من حقوقهم الأساسية. كما طالب بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق لزيارة قطاع 2 في سجن بدر 3.
إلى ذلك، توضح هذه المعطيات استمرار الانتهاكات الحقوقية والقانونية في مصر، سواء عبر الإفراط في استخدام عقوبة الإعدام، أو الاحتجاز الطويل والمنع من الحقوق الأساسية للمتهمين والمحتجزين السياسيين، مما يعزز الدعوات المحلية والدولية لمراجعة هذه السياسات وحماية حقوق الإنسان.