ابنة مروة قواقجي.. مترجمة أردوغان من "منع الحجاب" إلى صناعة القرار
لندن ـ عربي2126-Sep-2507:16 AM
0
شارك
قصة قواقجي تُختزل في تحول تركيا من العلمانية إلى نموذج يجمع بين قيم الجمهورية الحديثة والتنوع الثقافي والديني - جيتي
لفتت الأنظار في الآونة الأخيرة شابة تركية
ترافق الرئيس رجب طيب أردوغان في لقاءاته الدولية كمترجمة رسمية، ليس فقط لحضورها
اللافت في البروتوكول الرئاسي، بل أيضًا لخلفيتها العائلية والسياسية التي تحمل
رمزية عميقة لمسار التحولات التي شهدتها تركيا خلال العقود الثلاثة الأخيرة.
هذه المترجمة هي فاطمة جُلهام أبوشناب، ابنة
الدبلوماسية والبرلمانية السابقة مروة قواقجي، السفيرة التركية الحالية في
ماليزيا، ووالدها الأكاديمي الأردني الأمريكي علي أحمد أبوشناب. وقد حصلت فاطمة
على درجة البكالوريوس في العلاقات الدولية من جامعة جورج ميسون الأمريكية، ثم نالت
درجة الماجستير من جامعة جورجتاون، وتُوصف في الأوساط الإعلامية بأنها من الكفاءات
الشابة التي استعان بها أردوغان في المجالين الدبلوماسي واللغوي داخل الفريق
الرئاسي.
في عام 1999 (نهاية التسعينيات)، انتُخبت
مروة قواقجي نائبة في البرلمان التركي عن حزب الفضيلة، ودخلت قاعة البرلمان مرتدية
الحجاب، في خطوة كانت غير مسبوقة في الحياة السياسية التركية آنذاك.
لكن ما إن خطت خطواتها الأولى في القاعة حتى
واجهت هجومًا حادًا من النواب العلمانيين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء الأسبق بولند
أجاويد، الذي طالبها بمغادرة البرلمان بدعوى أن ارتداء الحجاب “يتعارض مع علمانية
الدولة”، فتم سحب جنسيتها التركية وطردها من البرلمان في مشهد أثار جدلًا واسعًا
داخل تركيا وخارجها.
وقد وثّقت قواقجي تلك التجربة في كتابها
الشهير “ديمقراطية بلا حجاب”، الذي تحوّل لاحقًا إلى أحد أهم المراجع التي تناولت
مأزق الديمقراطية التركية في ظل القيود المفروضة على المظاهر الدينية، والكتاب
متاح للتحميل عبر الإنترنت.
أردوغان يردّ لها الاعتبار
ومع صعود حزب العدالة والتنمية إلى الحكم
عام 2002 بقيادة رجب طيب أردوغان، بدأت تركيا مرحلة جديدة من تحرير المجال العام
من القيود العلمانية الصارمة. وكان من أبرز رموز هذا التحول إعادة الاعتبار لمروة
قواقجي، التي استعادت جنسيتها لاحقًا، وعُينت في مواقع دبلوماسية، كان آخرها سفيرة
تركيا في ماليزيا.
لكن مشهد "ردّ الاعتبار" لم يتوقف
عندها، بل امتدّ إلى ابنتها التي تظهر اليوم إلى جانب أردوغان في أهم اللقاءات
الدولية كمترجمة رسمية، وهو ما قرأه مراقبون بأنه رمز لتحول بنيوي في الدولة
التركية، من مرحلة طرد النساء بسبب الحجاب، إلى مرحلة تمثيلهن للدولة في أعلى
مؤسساتها السيادية.
من رمزية شخصية إلى دلالة سياسية
نورالدين لشهب الكاتب والمحلل السياسي
المغربي رأى أن ظهور ابنة مروة قواقجي في هذه المكانة ليس مجرد تفصيل بروتوكولي،
بل يحمل رسالة سياسية وثقافية عميقة، مفادها أن تركيا التي كانت تمنع المحجبات من
دخول البرلمان والجامعات، باتت اليوم تستثمر كفاءاتهن في قلب القرار السياسي
والدبلوماسي.
وأضاف في تصريحات لـ "عربي21":
"كما يعكس هذا التحول أحد أهم إنجازات مشروع حزب العدالة والتنمية الذي رفع
منذ وصوله إلى السلطة شعار "المواطنة المتساوية" و"حرية المعتقد"،
إذ لم يعد الحجاب عائقًا أمام المشاركة السياسية أو المهنية، بل أصبح ـ كما في
حالة مروة قواقجي وابنتها ـ عنوانًا للنجاح والتمثيل الرسمي للدولة التركية في
المحافل الدولية".
من "ديمقراطية بلا حجاب" إلى "دولة
لا تُقصي أحدًا"
قصة قواقجي وابنتها تُختزل في تحول تركيا من
ديمقراطية كانت تحجب نصف المجتمع باسم العلمانية، إلى نموذج يحاول الجمع بين قيم
الجمهورية الحديثة والتنوع الثقافي والديني.
وفي حين كانت قواقجي تُمنع من دخول البرلمان
في أواخر التسعينيات بسبب حجابها، فإن ابنتها اليوم تجلس إلى جانب الرئيس التركي
وتترجم خطابه للعالم، في مشهد يراه كثيرون تجسيدًا حيًّا لعبارة “الزمن تغيّر”
التي يكررها أردوغان في خطبه.