أثار رفض دولة
مالطا المفاجئ لاعتماد الاتفاقية التركية الليبية في البحر المتوسط بعض الأسئلة عن دلالة التوقيت وتداعيات ذلك على الموقف الأوروبي من القضية.
وفي خطوة مفاجئة.. قدمت زارة الخارجية المالطية احتجاج رسمي عبر مذكرة شفوية لدى الأمم المتحدة ضد اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الليبية – التركية، مؤكدة أن أجزاء من الجرف القاري التي حددتها
ليبيا في الاتفاقية تتعدى على الجرف القاري والمنطقة
الاقتصادية الخالصة لدولة مالطا.
"قرارات دولية وإعادة ترسيم"
وذكرت خارجية مالطا في مذكرتها أن "قرار محكمة العدل الدولية لعام 1985 بشأن الجرف القاري بين ليبيا ومالطا، يستند على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، والذي يمنح مالطا الحق في الجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة، ولا تزال الحكومة المالطية تعتبر خطوط الأساس المعترف بها دوليًا كما كانت سارية قبل أكتوبر 1973 هي خطوط الأساس لترسيم حدود المياه الإقليمية الليبية والجرف القاري".
اظهار أخبار متعلقة
وأضافت: "أنه رغم ذلك هي مستعدة لإجراء مناقشات مع ليبيا بهدف التوصل إلى حل عادل على أساس القانون الدولي، بشأن ترسيم حدود الجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة"، وفق مذكرة الخارجية.
فما وراء تحركات مالطا ضد الاتفاقية التركية الليبية في هذا التوقيت؟ وهل تساهم في حشد موقف أوروبي جديد؟
"تطور يتطلب تحقيق توازن"
من جهته، أكد وزير الشؤون الاقتصادية والمرشح لرئاسة الحكومة الليبية الجديدة، سلامة الغويل أن "دخول مالطا على خط رفض الاتفاقية البحرية بين ليبيا وتركيا، بعد اليونان، يؤكد أن هذه الاتفاقية لم تعد شأناً ثنائياً، بل أصبحت ورقة إقليمية وأوروبية يجري استثمارها للضغط على الأمم المتحدة. وهذا التطور يعكس حساسية شرق المتوسط باعتباره فضاءً للطاقة والمصالح الاستراتيجية".
وأوضح في تصريحات خاصة لـ"عربي21" أن "الحكمة الحقيقية التي يجب أن ينبت منها الموقف الليبي ليست في الانجرار إلى الصراع، بل في الحفاظ على ليبيا ومصالحها الأمنية والاقتصادية، وضمان أن أي اتفاقية تخدم مصالح الشعب قبل أن تكون ورقة نفوذ سياسية لصالح أطراف أخرى"،وفق رأيه.
اظهار أخبار متعلقة
وأشار الوزير الليبي إلى أن "جودة العلاقات الإقليمية مع دول محورية مثل مصر وتركيا تمثل ركيزة أساسية، إذ إن بناء ثقافة تقوم على توحيد الموقف الليبي–التركي عبر البرلمان، وبالتوازي مع تنسيق استراتيجي مع مصر، سيوفر لليبيا حماية أكبر من الضغوط الخارجية، ويمنحها توازناً إقليمياً يعزز فرصها في التنمية والاستقرار"
وبخصوص من الرابح في نهاية الصراع.. قال: "الرابح الحقيقي هو من يستطيع أن يوازن بين الداخل والخارج: أن يوحد الموقف الوطني في البرلمان، ويستفيد من تحالفاته الإقليمية، ويحافظ في الوقت نفسه على انفتاحه على محيطه الأوروبي، هكذا فقط يمكن لليبيا أن تحمي أمنها وتبني اقتصادها، وتثبت أنها قادرة على تحويل التحديات إلى فرص"، حسب تقديره.
"تعديل بنود وليس إلغاء"
في حين أشار الباحث والمحلل السياسي التركي، فراس أوغلو إلى أن "مالطا تطالب بتعديل بعض النقاط في الاتفاقية وهي مسألة خلافية، أما قانون البحار فلا يعتبر مرجعية وأن المشكلة تزداد خاصة عندما يتساوى الجرف القاري مع جزيرة وهذه هي لب المشاكل عند إيطاليا وتركيا واليونان وليبيا".
وأكد في تصريح لـ"عربي21" أن "مالطا لها مصالح مهمة مع ليبيا وتركيا، وبخصوص إمكانية رفض مذكرة التفاهم بين البلدين فهو أمر أظن صعب جدا"، كما توقع.
وحول توقيت التحرك من قبل مالطا، قال الباحث التركي: "ربما لحسابات داخلية وخارجية، ومالطا عمليا تسير مع المصالح البريطانية وليست اليونانية، وربما تخوفت الآن بسبب احتمالية موافقة البرلمان الليبي على مذكرة التفاهم فتضغط من أجل تعديل بعض الشروط لصالحها، والقضية ما زالت مفتوحة حتى الآن"، حسب قوله.
"تحريض فرنسي واضح"
الأكاديمي والكاتب الليبي، فرج دردور قال من جانبه إن "سكوت مالطا كل هذا الوقت منذ سنوات زمن توقيع الاتفاقية البحرية الليبية التركية، ورفضها للاتفاقية المتأخر، له دلالة واضحة بأن مالطا تم تحريكها من قبل دولة أوروبية وعلى الأرجح دولة فرنسا".
وتابع: "مالطا مسلوبة الإرادة عندما يتعلق الأمر بالاتحاد الأوروبي، ومن الواضح أيضا أن تصريح الرئيس التركي "أردوغان" الأخير بخصوص الاتفاقية يؤكد أنه اختار نهج التصعيد أمام التدخل الأوروبي ويبحث عن ورقة أخيرة وهي تحقيق الإجماع الليبي على الاتفاقية عبر اعتماد مجلس النواب لها"، حسب تصريحه لـ"عربي21".