أكد باحث
"إسرائيلي"، أن اتفاقية الدفاع الاستراتيجي المشترك، لـ"ردع أي
اعتداء"، بين السعودية وباكستان، ليس مجرد ثورة استراتيجية، بل إنه يكشف عن
جانب من العلاقة الأمنية والاقتصادية طويلة الأمد التي تحافظ على الغموض المتعمد
بين البلدين.
الباحث في
شؤون دول الخليج بمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب،
يوئيل غوزانسكي ، قال مقاله
المنشور في
صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية، إن الاتفاقية بين السعودية وباكستان، تصدرت هذا الأسبوع
عناوين الصحف، وهو أمرٌ مُستحق، خاصة وأن أكثر بندًا مثيرا للجدل فيها، هو الذي
ينص على أن أي هجوم على أحدهما يُعتبر هجومًا على كليهما، وهو أشبه بنسخة إسلامية
من المادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي (الناتو).
اظهار أخبار متعلقة
ويضيف غوزانسكي
، أن باكستان حافظت على وجود عسكري في السعودية لعقود، واليوم، ينتشر ما بين 1500
و2000 جندي باكستاني في المملكة في أدوار تدريبية واستشارية وأمنية.
منذ ستينيات القرن
الماضي، دربت باكستان آلاف الجنود السعوديين، بل وأرسلت وحدات إلى الأراضي
السعودية في أوقات الأزمات لحماية حدودها، ويأتي الاتفاق الحالي جزءا من سلسلة من
التعاون الوثيق، وليس نقطة تحول حقيقية.
وفيما يتعلق
بالبعد النووي، وهو القضية الأكثر حساسية، لا يُبدد الاتفاق الغموض بشكل ربما يكون
عن قصد، ولا تزال سنوات من التلميحات حول "مظلة نووية" باكستانية
للسعودية ترافق الخطاب في ضوء العلاقات التاريخية بين الدول في هذا المجال، وخاصةً
المساعدة المالية السعودية لباكستان عمومًا وبرنامج تخصيب اليورانيوم الباكستاني
خصوصًا، لكن الاتفاق المنشور لا يتضمن أي ذكر للأسلحة النووية.
وتصر باكستان
على أن أسلحتها تهدف فقط إلى ردع الهند، وليس لتكون مظلة إقليمية، وقد تنظر
السعودية إلى باكستان كورقة دعم نووية مستقبلية، ولكن هل تنظر إليها باكستان بنفس
الطريقة؟ (يتساءل الكاتب)، مشيرا إلى إن الإعلان عن التحالف هو بالتحديد ما يزيد من
التكهنات، لأن الأسئلة التي كانت تُطرح في السابق بشكل خاص أصبحت الآن تُطرح بشكل
أكبر.
ويضيف غوزانسكي،
إن الهجوم الاستثنائي الذي شنته إسرائيل على قطر، الحليف الوثيق للولايات المتحدة،
هزّ دول الخليج ويُثير تساؤلاتٍ حول موثوقية الولايات المتحدة كراعٍ أمني، ملمحا،
إلى أن توقيت التوقيع ليس مصادفةً، بل يُسهم في تزايد المخاوف.، في الوقت نفسه،
يبدو أن إيران وإسرائيل تستعدان لمواجهةٍ أخرى، ويُصعّد الحوثيون في اليمن هجماتهم،
بعض الصواريخ التي أُطلقت على إسرائيل انفجرت فوق المملكة العربية السعودية، وفي
ظلّ واقعٍ من الحرب الإقليمية المُستمرة، تُريد الرياض توضيح رسالة مفادها "أنها
ليست معزولةً"، بل يقف خلفها حليفٌ مسلمٌ كبيرٌ وقويٌّ ومُسلّحٌ نوويًا.
غوزانسكي استشهد
بقرار باكستان عام 2015 بعدم الانضمام إلى حرب اليمن، قائلا، إن الاتفاق الجديد مع
السعودية ليس التزامًا غير مشروط، فقد أظهرت إسلام أباد سابقًا قدرتها على وضع
خطوط حمراء مع الرياض عندما تقتضي مصلحتها الوطنية ذلك، وبالمثل، لن تتسرع
السعودية في التدخل عسكريًا في صراع هندي باكستاني في كشمير، وبالتالي فأن هذا
التحالف هو في المقام الأول بيان سياسي يتضمن "إشارة للخصوم، وطمأنة
للمواطنين، وتذكير للولايات المتحدة بأن الخليج يستكشف بدائل أمنية أخرى".
كما يشير الكاتب، أن العلاقة بين المملكة
العربية السعودية وباكستان لطالما اتسمت بالغموض الاستراتيجي لسنوات عديدة،
فالتمويل السعودي السخي، وائتمانيات النفط، والدعم الاقتصادي، تتشابك مع علاقات
أمنية سرية، دون تصريح علني.
ولربما غيّر
الاتفاق الجديد الصورة جزئيًا، فلأول مرة، يُعلن عن بند صريح بالدفاع المتبادل،
ومع ذلك، حتى بعد الكشف عن "المستور"، لا يزال الغموض قائمًا، بل على
العكس، باتت تُطرح أسئلة جديدة، وهي "كيف سيُنفّذ الالتزام في حالة الأزمات؟ وما
هو نطاق التنسيق العملياتي؟ وهل هناك تفاهمات غير مكتوبة بشأن الأسلحة النووية؟ كما
يجب أن نتذكر أن التحالف لا يقتصر على الردع وحده، بل يرتكز الأساس الاستراتيجي
أيضًا على ركائز اقتصادية واجتماعية، كالمساعدات المالية، وملايين العمال
الباكستانيين في المملكة السعودية، ومكانة الحج كإطار ملزم.
اظهار أخبار متعلقة
غوزانسكي، يؤكد أن المملكة
العربية السعودية تُرسل إشارةً إلى المنطقة بأسرها مفادها أن لديها تحالفًا مع دولة
إسلامية مسلحة نوويًا ملتزمة بأمنها، لا يُنهي التحالف الجديد الغموض، بل على
العكس تمامًا. كما أنه سيزيد من التكهنات حول موقف إسرائيل من التهديد السعودي، فلسنوات
اعتبرت المملكة إيران عدوها الرئيسي، حتى أن صور الأقمار الصناعية التي سُرّبت إلى
وسائل الإعلام كشفت في الماضي أن صواريخها أرض-أرض مُوجّهة إلى إيران، وليس
إسرائيل.
وختم الكاتب
مقاله بالقول، إن تبادل الضربات بين إسرائيل وإيران، أدت إلى تغييرات في التفكير
الاستراتيجي في الخليج بطريقة تتطلب اهتمامًا إسرائيليًا، وسيكون من الأفضل لتل
أبيب أن تنقل رسائل طمأنة، لا تهديدًا، وخاصةً إلى دول الخليج.