رأى محللون ومسؤولون إسرائيليون سابقون أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أقام
دولة فلسطين بأخطائه، وأشاروا إلى عزلة تل أبيب جراء فشل الحكومة، وجاء ذلك غداة إعلان كل من بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال، اعترافها بدولة فلسطين، ليرتفع عدد الدول التي اتخذت هذه الخطوة إلى 153 من أصل 193 دولة عضو بالأمم المتحدة، كما ينتظر صدور إعلانات مشابهة من دول أخرى، وهو ما تراقبه دولة الاحتلال بقلق وتطلق عليه "التسونامي السياسي".
اظهار أخبار متعلقة
القناة 12 العبرية، تنقل عن البروفيسور يوفال شاني، في الجامعة العبرية قوله: "كانت معظم دول العالم قد اعترفت بدولة فلسطينية، حتى قبل الموجة الحالية من الدول"، ويضيف: "الجديد هو أن مجموعة أخرى من الدول الغربية تُعلن الآن اعترافها بدولة فلسطينية، وهو ما يعني أنه في الوقت الحالي، لن يكون هناك سوى عدد قليل جدًا من الدول المهمة في العالم التي ما زالت لا تعترف بدولة فلسطينية".
بقيت أمريكا لم تعترف بفلسطين
من جهته نقلت القناة العبرية عن روي شايندورف، نائب المدعي العام السابق للقانون الدولي، والرئيس الحالي لقسم التحكيم الدولي، تأكيده على الطابع غير القابل للرجوع لاعتراف الدول بدولة فلسطينية، ويقول: "هذا الإعلان خطوة لا يمكن الرجوع عنها في القانون الدولي، فبمجرد اعتراف دولة بدولة أخرى، لا يمكنها التراجع عنها، إن الاعتراف بدولة فلسطينية هو بمثابة نقطة تحول بالنسبة للدول الأوروبية الكبرى".
يقول شايندورف: "قبل موجة الاعترافات الحالية، كانت هناك مجموعة من الدول المهمة التي لم تعترف بدولة فلسطينية، شملت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وهي دول دائمة العضوية في مجلس الأمن، ولها وزنها البارز في الساحة الدولية، أما الآن، فقد تغيرت هذه الصورة، وفي ظل الوضع الجديد، هناك العديد من الدول الرائدة التي تعترف بدولة فلسطينية، وتبقى الولايات المتحدة العضو الوحيد في مجلس الأمن الذي لا يعترف بدولة فلسطينية".
يشير شايندورف إلى أن تزايد الاعتراف بدولة فلسطينية يعقّد أي ترتيبات سياسية مستقبلية لا تتضمن قبول إسرائيل بها، فالتغيير لن يكون فوريًا على الأرض، لكنه يعزز تحولاً سياسياً واضحاً نحو إقرار دولي بدولة فلسطينية مستقلة حتى دون موافقة إسرائيل.
ويضيف الدكتور شايندورف: "على المدى القريب، ستتمكن الدول التي اعترفت بدولة فلسطينية من إنشاء سفارات لها في الأراضي الفلسطينية، وسيتمكن الفلسطينيون من إنشاء سفارات لهم في الدول المعترفة، أما على المدى البعيد، فسيكون الضغط على الحكومة الأمريكية للاعتراف بدولة فلسطينية أكبر.
إسرائيل تخشى العقوبات
يُحذر البروفيسور شاني من العواقب المحتملة لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة على الدولة الفلسطينية، أو على رد فعل إسرائيل، قائلا: "لا تملك الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارات نافذة، لكن قد يمتد تأثيرها إلى الاتحاد الأوروبي، الذي قد يفرض عقوبات على إسرائيل".
واضاف: " لا حديث حاليًا عن أي شيء من هذا القبيل، ولكن إذا ضمّت إسرائيل، على سبيل المثال، أراض في الضفة الغربية ردًا على اعترافها بدولة فلسطينية، فمن المرجح أن يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية على إسرائيل"، أوضح أن الاعتراف بدولة فلسطين قد يضر بالصادرات الإسرائيلية إلى أوروبا، ويقود لعقوبات في مجالات الثقافة والتعليم والرياضة والأبحاث، فيما يزداد الضغط على الأوروبيين للتحرك ضد إسرائيل مع استمرار
حرب غزة.
"صباح الخير فلسطين"
وتحت عنوان "صباح الخير فلسطين: هكذا حوّلنا الدعم الدولي الجارف إلى عزلة مطبقة"، كتب المحلل الإسرائيلي نير كيفنس مقالها في موقع "واللا" الإخباري العبري، قائلا، إن نتنياهو يصف الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية بأنه "جائزة لحماس"، لكنه يرى أن الحكومة الإسرائيلية نفسها هي التي منحت هذه "الجائزة"، بعدما أوصلت إسرائيل إلى عزلة سياسية غير المسبوقة"، وقال في هذا الشأن "عالمٌ متحدٌ في قراراته ضد إسرائيل"
وتساءل كيفنس: "ما الذي يستطيع نتنياهو فعله ردًا على الاعتراف بدولة فلسطين؟ بكلمتين: لا شيء، فقط سيعول في اجتماع مع الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب)، على طول الحبل الذي سيُمنح له"، وحذر من أن قرار الضم المحتمل سيعني نهاية ما أسماه "دولة إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية، وبداية دولة إسرائيل اليهودية العنصرية"، وأشار إلى أنه "عاجلاً أم آجلاً، ستنتخب الولايات المتحدة رئيسا لا تختلف رؤيته كثيراً عن رؤية القادة الأوروبيين الذين يُجمعون الآن على دعم قيام دولة فلسطين، فماذا سيحدث لنا حينها؟".
نتنياهو أطال الحرب
ولم تقتصر موجات الاستياء من سياسة الحكومة على المحللين أو أحزاب المعارضة، بل دخلت إلى أروقة حزب "الليكود" الذي يتزعمه نتنياهو، فقد كتبت وزيرة الاتصالات الإسرائيلية السابقة ليمور ليفنات من حزب "الليكود" في صحيفة "يديعوت أحرونوت" مقالا تحت عنوان: "هكذا أقام نتنياهو دولة فلسطين".
اظهار أخبار متعلقة
وقالت ليفنات: "على مدى العامين الماضيين، ارتكب نتنياهو كل الأخطاء، وعلى رأسها رفضه الاستجابة لدعوة أغلبية الشعب لوقف الحرب "الإبادة" في غزة، وإعادة جميع الجنود والمدنيين المحتجزين لدى حماس"، وادعت أنه "في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 كان العالم مع إسرائيل، ولكن كلما طال أمد الحرب، تمكنت حماس من النهوض من تحت الأنقاض وشن حملة دعائية ناجحة ضدنا".
وأشارت ليفنات إلى فشل سياسة نتنياهو، قائلة: "فشل سيد الأمن وسيد المعلومات في حفظ الأمن بعد أن أدار العالم ظهره لنا"، وأكدت أن "نتنياهو أطال أمد الحرب للحفاظ على حكمه"، وتابعت: "في هذه الأثناء، أصبحنا معزولين في عيون العالم، في الثقافة والرياضة والساحة السياسية".