نقلت صحيفة
النهار اللبنانية عن مصادر برلمانية في العراق، قولها، إن جولة من المباحثات
العراقية – الأمريكية عقدت في بغداد الشهر الماضي، موضحة أن حكومة محمد شياع
السوداني قدّمت خلالها إلى الجانب الأمريكي "تقييماً أمنياً" يتضمن
مؤشرات على وجود مخاطر إسرائيلية وشيكة.
وبحسب
المصادر، طلبت بغداد من واشنطن التدخل لعدم إدخال العراق في دائرة الاستهداف
الإسرائيلي، مقابل تجميد مسار قانون
الحشد الشعبي في البرلمان، فيما أبدى البيت
الأبيض استعداده للمساعدة، في إطار ما وصفته المصادر بـ"صفقة غير معلنة تحفظ
مصالح الطرفين".
اظهار أخبار متعلقة
من جهته، رفض المتحدث
باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، الخوض في تفاصيل الموضوع، واكتفى بتصريح
مقتضب لـ"النهار" أكد فيه وجود "تقييم أمني" رفعته الأجهزة
المعنية إلى رئيس الوزراء، مشدّداً على أن "الملف سريّ، ويخصّ القائد العام
للقوات المسلحة، ولا يسمح بتداول المعلومات الواردة فيه".
ويؤكد عضو
لجنة الأمن والدفاع النيابية علي البنداوي، بدوره، أن التقرير الأمني الأخير تضمّن
"تحذيرات صريحة" من استهداف العراق، الأمر الذي استدعى تحركاً عاجلاً من
قبل الحكومة، ويوضح لـ"النهار" أن الإجراءات جاءت على مستويين: الأول
تعزيز القدرات الاستخبارية والدفاعية، والثاني الاستعداد لردّ عسكري مباشر على أيّ
اعتداء محتمل، بالتوازي مع حراك سياسي وديبلوماسي لقطع الطريق أمام أيّ خرق يمسّ
السيادة الوطنية".
وتضمن التقرير
الذي قدّمته أجهزة الاستخبارات العراقية والأمن الوطني إلى القائد العام للقوات
المسلحة "تقييماً أمنياً عاجلاً" يرجّح أن تكون الجبهة العراقية الهدف
المقبل لـ"إسرائيل"، في أي خطوة تصعيدية محتملة على صعيد المنطقة، ويشير التقرير إلى
أن تل أبيب تنظر إلى العراق بوصفه "عمقاً استراتيجياً لحزب الله
اللبناني"، الأمر الذي يعزز دوافعها لاعتباره ساحة بديلة أو مكمّلة للمواجهة
مع إيران.
خبراء أمنيون، قالوا لـ"النهار"، أن وجود قيادات من الحوثيين في مناطق جنوبي ووسط
العراق يعزز من احتمال أن ترى إسرائيل في العراق ساحة استهداف مشروعة، باعتبار
الحوثيين جزءاً محورياً من "وحدة الساحات"، وهو ما تعتبره تل أبيب
تهديداً وجودياً، مشيرين إلى أن إسرائيل، التي لم تتردّد في استهداف إسماعيل هنية في طهران، ثمّ قصف تجمع لوفد
حركة "حماس" في الدوحة، تسعى إلى توسيع دائرة المواجهة لإفشال أيّ اتفاق
محتمل لوقف إطلاق النار في غزة، وبالتالي فأن العراق بالنسبة إلى نتنياهو يشكّل
إحدى الجبهات السبع التي يعتبرها عدواً في حربه الراهنة.
وكانت واشنطن
قد صنّفت عدداً من الفصائل العراقية المسلحة على لوائح الإرهاب، وهو ما اعتبرته
أوساط محلية بمثابة منح ضوء أخضر لإسرائيل لتوسيع نطاق عملياتها ضد حلفاء إيران في
المنطقة، بما في ذلك الداخل العراقي، الأمر الذي يزيد من مخاطر تعرض البلاد
لاستهدافات جديدة، ويضاعف التحديات أمام الحكومة في مساعيها لإبعاد العراق عن
دائرة التصعيد.
وقال خبراء،
إن إدراج أربع فصائل عراقية جديدة على "لائحة الإرهاب" الأمريكية لم يكن
حدثًا معزولًا عن مسار التطورات الأخيرة، بل جاء في توقيت بالغ الحساسية، بعد أيام
قليلة من تحرير الباحثة الروسية – الأمريكية إليزابيث تسوركوف من قبضة كتائب حزب
الله في العراق.
وأشاروا، إلى أن
التقديرات الأولية كانت تتجه نحو وجود صفقة غير معلنة أفضت إلى إطلاق سراحها، غير
أن المعطيات التي تكشفت لاحقًا بيّنت أن الفصائل لم تتعامل معها كرهينة في سياق
تفاوضي، بل أخضعتها لأساليب قاسية من الاحتجاز، وهو ما دفع دوائر أمريكية إلى
قراءة الخطوة باعتبارها إهانة تستوجب الرد، وعليه فإن التتابع في الأحداث يوحي بأن
التصنيف لم يكن مجرد عقوبة قانونية، بل قد يكون تمهيدًا لمرحلة انتقامية مفتوحة.
اظهار أخبار متعلقة
ويرى مراقبون
أن العراق، العالق بين ضغوط واشنطن وتل أبيب من جهة، وارتباطه بـ"محور
المقاومة" من جهة أخرى، يجد نفسه أمام معادلة معقدة: إما تحييد الساحة
العراقية عبر صفقات غير معلنة، أو الانزلاق إلى قلب مواجهة إقليمية مفتوحة قد تعيد
تكرار سيناريو الضربات الإسرائيلية على مقرات الحشد الشعبي في السنوات الماضية،
لكن هذه المرة في سياق أكثر خطورة وتداخلاً.