سياسة عربية

عبد المطلب القيسي.. أيقونة جديدة للمقاومة الشعبية الأردنية في وجه الاحتلال

عملية الكرامة.. بوصلة عبد المطلب القيسي تفضح جرائم الاحتلال وتوحد الشعوب- إكس
عملية الكرامة.. بوصلة عبد المطلب القيسي تفضح جرائم الاحتلال وتوحد الشعوب- إكس
تحول اسم عبد المطلب القيسي، ابن منطقة الظهير في مرج الحمام غربي العاصمة الأردنية عمّان، إلى أيقونة جديدة للمقاومة الشعبية، بعد تنفيذه عملية نوعية على معبر الكرامة أسفرت عن مقتل جنديين إسرائيليين، في وقت يتصاعد فيه العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة الجماعية ضد أهالي قطاع غزة.

وأكدت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية الخميس الماضي هوية القيسي، مشيرة إلى أنه مدني أردني من مواليد 1968، لكن تفاصيل حياته البسيطة سرعان ما تحولت إلى قصة استثنائية تكشف كيف يمكن لإنسان عادي أن يقرر مواجهة الاحتلال منفردا، بعيدا عن أي انتماء حزبي أو تنظيمي.

حس وطني وإنساني
تحدث ذووه بحزن ممزوج بالفخر، مؤكدين أن عبد المطلب لم يكن مرتبطا بأي جهة سياسية، بل كان رجلا متدينا وملتزما، عُرف بين أصدقائه وزملائه في قطاع الشحن باسم "أبو عيسى".

وأوضحوا أنه ترك عمله في نقل البضائع قبل نحو ثلاثة أشهر، ليتفرغ لنقل المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر معبر الكرامة، في خطوة تجسد حسه الوطني والإنساني. 

وأكد أقاربه أن ما أقدم عليه كان بدافع الغيرة على ما يتعرض له الفلسطينيون في غزة من قتل وحصار ودمار، ورفضا للظلم والعدوان الإسرائيلي المتواصل.

وقال أحد أفراد العائلة: "عبد المطلب لم يخطط أمامنا لشيء، ولم يبح بأي نية مسبقة، لكنه حمل هم فلسطين في قلبه، وكان يرى أن السكوت خيانة للأمة".


وصية الشهادة
كشفت الوصية التي تركها القيسي بخط يده قبيل استشهاده عمق وعيه وإيمانه بوحدة المصير العربي والإسلامي. فقد كتب يقول: "الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في غزة ستكون يوما في بلداننا، ضد نسائنا وأطفالنا، وستكون بصمتنا جزءا من مشروع ما يسمى (إسرائيل الكبرى)".

وأضاف القيسي في وصيته: "أسجل موقفي أمام الله والتاريخ ملتحقا بالشهيد ماهر ذياب الجازي، وماض على وصيته الخالدة. دماء الشهداء أمانة، والصمت خيانة"، داعيا الشعوب العربية إلى رفض الخضوع ومواجهة الاحتلال.

وصفه أحد سائقي الشحن الذين عرفوا القيسي عن قرب، بأنه كان شخصية طيبة، دائم المبادرة لمساعدة الآخرين، وقال: "لم يكن يبحث عن دور بطولي أو شهرة، بل كان مؤمنا أن الواجب يفرض علينا أن نتحرك".

وفي ظل الترتيبات الأمنية، أكدت عائلته أنه لن يُقام بيت عزاء في الوقت الراهن بانتظار وصول جثمانه من الجانب الإسرائيلي، على أن يكون استقبال المعزين يوم دفنه فقط.

مسيرة حياة.. ونهاية بطولية
القيسي الذي بدأ حياته كسائق شاحنة يسعى لتأمين لقمة عيش أسرته، أنهى مسيرته بعملية نوعية، أصبحت أيقونة للمقاومة الشعبية ضد الاحتلال.

ويبلغ طول الحدود الأردنية مع فلسطين المحتلة 335 كيلومتراً، منها 97 كيلومتراً مع الضفة الغربية، و238 كيلومتراً مع الاحتلال الإسرائيلي، ويرتبط الأردن مع الجانب الإسرائيلي بثلاثة معابر: الشيخ حسين (نهر الأردن)، معبر الكرامة (اللنبي بالتسمية الإسرائيلية)، ووادي عربة.



على خطى الجازيوتأتي عملية القيسي بعد نحو عام من عملية نفذها الشهيد الأردني ماهر الجازي في 8 أيلول/ سبتمبر 2024، حين قتل ثلاثة حراس أمن إسرائيليين بعملية إطلاق نار على معبر الكرامة.

ووفق ما نشرته هيئة البث الإسرائيلية آنذاك، فإن سائق شاحنة أردني أطلق النار باتجاه عناصر أمن إسرائيليين في المعبر، ما أدى إلى مقتل ثلاثة منهم، قبل أن يتم الإعلان عن "تحييد المنفذ".

في الأثناء، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة بدعم أمريكي مطلق، حيث ارتقى حتى الآن بحسب وزارة الصحة الفلسطينية – 65 ألف و62 شهيدا، وأُصيب 165 ألف و679 جريحا، إضافة إلى أكثر من 9 آلاف مفقود، في ظل مجاعة أودت بحياة المئات، وتشريد أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في ظروف نزوح قسري وسط دمار شبه شامل.


التعليقات (0)

خبر عاجل