أعلنت المفوضية الأوروبية عن تقديم مقترح رسمي إلى مجلس
الاتحاد الأوروبي يقضي بتعليق عدد من البنود التجارية الأساسية في اتفاقية الشراكة الموقعة مع الاحتلال الإسرائيلي، وذلك في خطوة غير مسبوقة تعكس تدهور العلاقات بين الجانبين على خلفية الحرب المستمرة في
غزة وتصاعد الاستيطان في الضفة الغربية.
ويتضمن المقترح كذلك فرض حزمة
عقوبات جديدة على حركة حماس، إضافة إلى إدراج وزراء إسرائيليين متطرفين ومستوطنين متورطين في أعمال عنف على قوائم العقوبات الأوروبية.
وأوضحت المفوضية أن قرارها جاء عقب مراجعة قانونية أكدت أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي انتهكت المادة الثانية من اتفاقية الشراكة الأوروبية ـ الإسرائيلية، التي تنص على أن احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية يمثلان ركناً أساسياً في العلاقات الثنائية.
وبناء على ذلك، رأت بروكسل أن هذه الانتهاكات تمنحها الحق في تعليق الاتفاقية من جانب واحد، وهو ما يفتح الباب أمام إعادة صياغة العلاقة مع تل أبيب على أسس جديدة.
ويتضمن القرار وقف الدعم المالي الثنائي الموجه إلى الاحتلال الإسرائيلي للفترة الممتدة بين عامي 2025 و2027، بما يشمل برامج التعاون المؤسسي والمشاريع المشتركة في إطار آلية التعاون الإقليمي، مع استثناء الدعم المخصص للمجتمع المدني الإسرائيلي ولمؤسسة "ياد فاشيم".
ويقدر حجم التمويلات التي ستتأثر جراء هذا التعليق بنحو 14 مليون يورو، إضافة إلى إلغاء منح سنوية كانت تبلغ في المتوسط 6 ملايين يورو.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في تصريحاتها إن الأحداث المروعة التي يشهدها قطاع غزة يومياً لا يمكن أن تستمر، مشددة على الحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار، وضمان وصول غير مشروط للمساعدات الإنسانية، والإفراج عن جميع الرهائن المحتجزين لدى حماس.
وأكدت فون دير لاين أن الاتحاد الأوروبي، بصفته أكبر مانح للمساعدات الإنسانية للفلسطينيين، ملتزم بالدفاع عن حل الدولتين، معتبرة أن الإجراءات الأخيرة بحق إسرائيل تجسد تمسك بروكسل بمبادئها الأساسية.
اظهار أخبار متعلقة
وبموجب هذا التعليق، ستفقد الواردات الإسرائيلية إلى السوق الأوروبية ميزاتها التفضيلية، حيث ستعامل مثل صادرات أي دولة لا تربطها بالاتحاد اتفاقية تجارة حرة، وهو ما يعني فرض رسوم جمركية إضافية على منتجات إسرائيلية أبرزها الآلات والمعدات والمنتجات الكيميائية.
ووفقاً لبيانات المفوضية، بلغ حجم التبادل التجاري بين الطرفين عام 2024 أكثر من 42 مليار يورو، مما يجعل الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول لإسرائيل.
كما شمل المقترح الأوروبي توسيع قوائم العقوبات بحق شخصيات إسرائيلية متهمة بالتحريض على العنف أو التورط في اعتداءات المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، إلى جانب عقوبات مشددة تطال عشرة من قيادات المكتب السياسي لحركة حماس.
وأشارت المفوضية إلى أن هذه الإجراءات تستند إلى نظام العقوبات العالمي الخاص بالاتحاد الأوروبي في مجال حقوق الإنسان، الذي يسمح بمعاقبة الأفراد والكيانات الضالعة في جرائم خطيرة مثل الإبادة والتعذيب وجرائم الحرب.
ويأتي هذا التصعيد الأوروبي في وقت تشهد فيه الأراضي الفلسطينية واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخها، مع استمرار القصف الإسرائيلي الكثيف على قطاع غزة، وتقييد دخول المساعدات الأساسية، وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية بما يقوض فرص التوصل إلى تسوية سياسية قائمة على حل الدولتين.
قلق إسرائيلي وتحذيرات اقتصادية
علقت صحيفة "معاريف" العبرية على الخطوة الأوروبية، مؤكدة أن خبراء في الاحتلال الإسرائيلي حذروا من أن تعليق الاتفاقيات التجارية مع أوروبا قد "يزعزع" اقتصاد البلاد.
ونقلت الصحيفة عن هؤلاء الخبراء أن العقوبات الأوروبية تمثل "خطوة دراماتيكية قد تؤثر بشكل مباشر على عشرات المليارات من الدولارات، وتشكل نقطة تحول في العلاقات الإسرائيلية الأوروبية".
وكانت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية قد أكدت، في وقت سابق أمس الثلاثاء، أن المفوضين سيصادقون الأربعاء على الحزمة الجديدة من العقوبات.
ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وبدعم أمريكي، يواصل الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي على قطاع غزة، التي تصفها منظمات حقوقية ودولية بأنها إبادة جماعية.
وبحسب أحدث الإحصاءات، أسفرت الحرب حتى الآن عن استشهاد 64 ألف و964 فلسطينيًا وإصابة 165 ألف و312 آخرين، غالبيتهم من النساء والأطفال، إضافة إلى وفاة 428 فلسطينيًا بينهم 146 طفلًا جراء المجاعة ونقص الغذاء والدواء.