ذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية أن وزارة الحرب الأمريكية (البنتاغون) تلقت توجيهات بإعداد خطط طوارئ مختلفة بشأن 
نيجيريا، عقب تهديدات الرئيس دونالد 
ترامب بنشر قوات عسكرية لوقف ما وصفه بـ"اضطهاد 
المسيحيين" هناك.
ونقلت الشبكة عن مصادر مطلعة أن البيت الأبيض وجه البنتاغون إلى إعداد خيارات "محتملة" للتعامل مع ما سماه ترامب "قتل المسيحيين في نيجيريا"، مشيرة إلى أن أي إعلان رسمي بشأن هذه الخطط سيصدر مباشرة عن الرئيس الأمريكي نفسه.
ووفقا لـ"سي إن إن"، فقد تم استدعاء مسؤولين من قيادة القوات الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) على وجه السرعة، بعد منشور لترامب عبر منصاته الرسمية. 
وأوضح مصدران للشبكة أن الرئيس الأمريكي كان في طريقه إلى ولاية فلوريدا، الجمعة الماضي، عندما شاهد تقريرا بثته قناة "فوكس نيوز" يتحدث عن "استهداف المسيحيين في نيجيريا"، وهو ما دفعه –بحسب أحد المصادر– إلى "الاستشاطة غضبا" والمطالبة بمزيد من المعلومات الفورية حول الحادثة.
وقال مصدر آخر إن تصريحات ترامب "كانت تهدف إلى مراقبة رد فعل نيجيريا" إزاء تهديداته. وكان ترامب قد صرح الأحد الماضي بأن الجيش الأمريكي قد ينشر قوات في نيجيريا أو ينفذ ضربات جوية "لوقف مقتل أعداد كبيرة من المسيحيين"، على حد قوله.
وفي اليوم التالي، جدد الرئيس الأمريكي تهديده، قائلا إن بلاده "لن تقف مكتوفة الأيدي أمام مذبحة المسيحيين في نيجيريا"، ملوحا بإجراءات عسكرية ما لم تتخذ أبوجا "خطوات صارمة لوقف العنف".
اظهار أخبار متعلقة
نيجيريا مصدومة وتحرك دبلوماسي
من جانبها، أعربت الرئاسة النيجيرية عن "صدمتها" من تصريحات ترامب وتلويحه بالتدخل العسكري، مؤكدة رفضها القاطع لأي انتهاك لسيادتها.
وكشف المستشار الخاص للرئيس النيجيري لشؤون الاتصالات السياسية، دانيال بوالا، عن أن الرئيس بولا أحمد 
تينوبو يعتزم عقد لقاء مع ترامب "خلال الأيام المقبلة" لبحث "الادعاءات المتعلقة بالهجمات على المسيحيين في نيجيريا".
وقال بوالا في تدوينة عبر منصة "إكس" إن "كلا الرئيسين يشتركان في تصميم واضح على مكافحة الإرهاب"، مضيفا أن "ترامب ساهم سابقا بموافقة إدارته على بيع أسلحة إلى نيجيريا، فيما استغل الرئيس تينوبو هذه الصفقة بشكل فعال في مواجهة الجماعات الإرهابية".
وأشار إلى أن اللقاء المرتقب قد يعقد في أبوجا أو واشنطن، لبحث تباين وجهات النظر حول ما إذا كانت الجماعات المسلحة في نيجيريا تستهدف المسيحيين فقط، أم تمارس العنف ضد أتباع جميع الديانات.
وفي تغريدة سابقة، رفض تينوبو تصريحات ترامب التي زعم فيها أن "مسيحيي نيجيريا يواجهون تهديدا وجوديا"، مؤكدا أن بلاده "لا تتسامح مع أي شكل من أشكال الاضطهاد الديني".
وقال تينوبو إن نيجيريا "بلد متعدد الأديان والأعراق، ويحمي دستورها حرية المعتقد للجميع"، مشددا على أن حكومته "تواجه التحديات الأمنية بدعم من شركاء دوليين، دون المساس بسيادتها الوطنية".
توتر دبلوماسي متصاعد
جاءت تصريحات ترامب بعد يوم واحد من إعادة إدارته نيجيريا إلى قائمة "الدول المثيرة للقلق بشكل خاص" التي تقول واشنطن إنها تنتهك الحريات الدينية. كما أعلن الرئيس الأمريكي وقف المساعدات والمعونات لنيجيريا إلى حين "توضيح موقفها من الاعتداءات على المسيحيين".
ورغم تصاعد حدة الخطاب الأمريكي، حاول بوالا التخفيف من التوتر قائلا إن أبوجا "ترحب بأي مساعدة أمريكية ما دامت تحترم وحدة أراضي نيجيريا"، مضيفا أن ترامب "يكن مشاعر طيبة تجاه نيجيريا، وتصريحاته يجب ألا تؤخذ حرفيا".
اظهار أخبار متعلقة
جذور الأزمة في نيجيريا
تعد نيجيريا أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان، إذ يبلغ عددهم أكثر من 220 مليون نسمة وفق بيانات البنك الدولي لعام 2023، ويتوزعون على نحو 250 مجموعة عرقية. ويعتنق أكثر من نصف السكان الإسلام، خصوصا في الشمال، بينما يشكل المسيحيون أغلبية في الجنوب، إلى جانب أقلية من أتباع الديانات التقليدية.
وفي السنوات الأخيرة، شهدت ولايات "الحزام الأوسط" –خصوصا بلاتو– أعمال عنف دامية بين مزارعين مسيحيين ورعاة ماشية مسلمين من قبيلة الفولاني، بسبب النزاع على الأراضي والموارد، ما أسفر عن مئات القتلى ودمار قرى بأكملها.
ووفق وكالة الصحافة الفرنسية، فإن النزاع في جوهره يتجاوز البعد الديني، إذ يرتبط بسوء إدارة الأراضي وتراجع سلطة الدولة في المناطق الريفية.
كما تواجه نيجيريا تمرد جماعة "بوكو حرام" في الشمال الشرقي، وهجمات متزايدة لجماعات مسلحة في الشمال الغربي، حيث سقط آلاف القتلى، معظمهم من المسلمين، في أعمال عنف لا تحظى بتغطية إعلامية كافية.