يرى الطب الغربي أن
سماع أصوات مجهولة المصدر عرض أساسي للذهان أو الفصام، فيما تكشف تجارب ثقافات مختلفة
أن ما يعرف بـ"
الهلوسات السمعية" وقد ينظر إليه أحيانا كميزة أو هبة، بل
وحتى وسيلة للتوجيه الروحي والاجتماعي.
وبحسب هيئة
الإذاعة البريطانية ال
ـ بي بي سي" أشارت دراسات علمية إلى أن نسبة كبيرة من البشر
مرت بتجربة سماع أصوات غير مرئية، حتى من دون تشخيص نفسي مسبق، وبعض هذه الأصوات ينظر
إليها في الغرب كمرض يستوجب العلاج، بينما تحتفي مجتمعات في أفريقيا وآسيا وأمريكا
الجنوبية بها، وتعتبرها شكلاً من أشكال التواصل مع القوى العليا أو الأسلاف.
وتوضح تانيا لورمان،
أستاذة الأنثروبولوجيا بجامعة ستانفورد ومؤلفة كتاب "جنوننا الأكثر إزعاجاً"،
أن الثقافة والبيئة المحيطة تحددان إلى حد كبير ما إذا كان يُنظر إلى "سماع الأصوات"
كاضطراب نفسي أو كتجربة إنسانية طبيعية، فبحسب الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية (DSM-5)،
تعد هذه الظاهرة علامة محورية للفصام، لكن في دول مثل الهند وغانا، كثيراً ما يربط
الناس أصواتهم الداخلية بالله أو بأفراد العائلة ويعتبرونها توجيهاً عملياً أو أخلاقياً.
في دراسة مقارنة بين
مرضى من الولايات المتحدة وغانا وجنوب الهند، وُجد أن الأمريكيين غالباً ما ينظرون
إلى الأصوات باعتبارها غريبة وعدائية، بينما وصفها الغانيون والهنود بأنها أصوات داعمة
أو مرشدة. أحد المشاركين من أكرا قال: "إنها تأمرني بفعل الصواب. لولا هذه الأصوات،
لكنتُ ميتاً منذ زمن طويل".
اظهار أخبار متعلقة
كما تكشف الأبحاث أن
قابلية الأشخاص لقبول هذه الظواهر تختلف باختلاف السمات الشخصية مثل "المسامية"
(الانفتاح على الأفكار الخارجية) و"الانغماس" (القدرة على العيش في الخيال)،
مما يجعل التجربة أقل تهديداً للبعض وأكثر إرباكاً لآخرين.
ويشير أشوك مالا، أستاذ
الطب النفسي بجامعة ماكجيل في كندا، إلى أن استجابة المرضى للعلاج تتأثر أيضاً بالعوامل
الثقافية والاجتماعية. ففي الهند، على سبيل المثال، يلعب دور العائلة الحاضر بقوة عاملاً
حاسماً في تعافي المرضى وتقليل الأعراض السلبية، في حين يعاني مرضى الفصام في الغرب
من معدلات أعلى للتشرد والعزلة.
ويرى خبراء أن الاختلافات
في تفسير الهلوسات بين الثقافات تجعل من الصعب حصرها في تعريف طبي واحد. وبينما يصنّفها
الغرب غالباً كعرض مرضي يستوجب التدخل، تراها مجتمعات أخرى شكلاً من أشكال الحكمة أو
الإلهام.