ملفات وتقارير

رسائل غضب وبُعد إنساني.. "عربي21" ترصد تجهيزات الأسطول المغاربي نحو غزة

تحت شعار "أشرعتنا نحو غزة، وغايتنا كسر الحصار" عشرات السفن والقوارب على أهبّة الاستعداد- جيتي
تحت شعار "أشرعتنا نحو غزة، وغايتنا كسر الحصار" عشرات السفن والقوارب على أهبّة الاستعداد- جيتي
"نعلن انطلاق أسطول الصمود العالمي، نتمنّى السلامة للسفن القادمة من برشلونة، ونحن ننتظرهم هنا في تونس" هكذا أعلن عدد من أعضاء تنسيقية الأسطول العالمي، عن الانطلاقة الفعلية للإبحار نحو القطاع المحاصر، والذي يتجرّع ويلات الحرب والعدوان من قوات الاحتلال الإسرائيلي، الضّاربة بعرض الحائط كافة القوانين والمواثيق الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان.

وحيث تُعقد الاجتماعات التحضيرية، منذ أسابيع، في قلب تونس، تُرفرف أعلام فلسطين إلى جانب رايات الدول المغاربية، وتعلو الأصوات بنقاشات متحمّسة حول ممرّات بحرية، ونقاط التقاء، وجدول رحلات يوصف بـ"المعقّد". هنا، لا حديث إلا عن قطاع غزة، ولا هدف سوى كسر الحصار المفروض عليها منذ 18 عاما.

ومنذ سنوات من الحصار المفروض على كامل قطاع غزة، انطلق خلال الساعات القليلة الماضية، أسطول الصمود العالمي من عدة موانئ في أوروبا، لتصل إلى تونس، نحو انطلاقة ثانية، في اتّجاه غزة، عبر المياه الدولية.


للأسطول كواليس.. 
تحت شعار "أشرعتنا نحو غزة، وغايتنا كسر الحصار" عشرات السفن والقوارب على أهبّة الاستعداد للانطلاق ضمن "أسطول الصمود العالمي" الذي سيبحر نحو قطاع غزة المحاصر. وتشارك فيه منظمات ونشطاء من تونس، الجزائر، المغرب، ليبيا وموريتانيا، وكذا نشطاء من عدد من الدول الأخرى، في أكبر مبادرة مدنية من نوعها منذ بدء الحصار عام 2007.

ومن أكثر من 40 دولة، يشارك في الرحلة نشطاء، بينهم صحفيون وأطباء وفنانون وبرلمانيون سابقون. إذ من المُرتقب أن تلتقي القوافل المختلفة في نقطة بحرية دولية قبالة شواطئ غزة لتشكيل مسار موحّد رمزي نحو القطاع المحاصر.


وبحسب القائمون على "أسطول الصمود المغاربي" فإنّ: "تحركهم يندرج ضمن تحالف شعبي دولي أوسع يضم "أسطول الحرية"، ومبادرة "صمود نوسانتارا" القادمة من جنوب شرق آسيا، وكذا قوافل من أوروبا والولايات المتحدة".

وأبرز نائب رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة، يوسف عجيسة، في عدد من التصريحات الصحفية، أنّ: "الأسطول يقوم على عدّة ركائز، أبرزها هي قافلة الصمود المغاربية التي تضم الجزائر وتونس والمغرب وليبيا وموريتانيا، إلى جانب المسيرة الشعبية العالمية إلى غزة، وكذلك المبادرة الشرق آسيوية -نوسانتارا-".



"فضلا عن مشاركة بعض الشخصيات والمؤسسات المنضوية في تحالف أسطول الحرية، رغم أن التحالف نفسه ليس طرفا مباشرا في إدارة هذه المبادرة المغاربية" وفقا لعجيسة نفسه، مردفا أنّ: "القافلة الأوروبية ستغادر من إسبانيا في بداية سبتمبر/ أيلول، فيما ستتحرك القافلة المغاربية من موانئ تونس في الرابع من الشهر نفسه".

وأشار نائب رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة إلى: "وجود محاولات موازية من دول أخرى، ومن المحتمل أن تشهد سواحل ليبيا وبعض الموانئ الأوروبية، أيضا، انطلاق قوافل إضافية"، موردا أنّ: "كل هذه الأساطيل ستلتقي بالنهاية في المياه الدولية، لتشكل مسارا موحدا نحو غزة".

وفي السياق نفسه، أبرز عدد المشرفين على الأسطول المغاربي، أنّ: "التحضيرات اللوجستية على قدم وساق، حيث يواصل المنظمون شراء سفن صغيرة، مع إعادة تأهيل قوارب صيد قديمة لتكون صالحة للإبحار، مع تجهيزها بكل من: الوقود والأعلام والكوادر البحرية".

وطالب المشرفين على الأسطول المغاربي، بـ"مواكبتهم إعلاميا، وكذا على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي من طرف المؤثّرين، مع استمرار الشعوب في النزول إلى الشوارع للمطالبة بوقف عدوان الاحتلال الإسرائيلي الأهوج على قطاع غزة المحاصر، حيث لم يرحم بشرا ولا حجرا"، داعين في الوقت ذاته، الحكومات المغاربية، إلى حماية مشاركيها في الرّحلة نحو غزة، بهدف إنساني لا غير.

اظهار أخبار متعلقة


حاضرون رغم العوائق
بين الوفود المُشاركة في الأسطول العالمي، يتواجد وفد مغربي من شخصيات مدنية وحزبية وحقوقية؛ وتقول "مجموعة العمل من أجل فلسطين" إنّ: "هذه المشاركة تأتي استمرارا لتاريخ التفاعل الشعبي المغربي مع القضية، ورسالة رفض لتطبيع الأنظمة الرسمية".

وفي حديث خاص لـ"عربي21"، قال أيوب حبراوي، أحد أعضاء الوفد المغربي، إنّ: "غزة اليوم تشعر بالجوع، وتشعر أن لا أحد في هذا العالم قادر على أن يُدخل لها كيس دقيق. هذا يجعلنا نشعر بالخجل والعار؛ واجبنا أن نكون هناك، لنوصل رسالة: لستم وحدكم".

بدوره، قال ممثل الوفد الجزائري، مروان قطاية، إنّ: "أسطول الصمود العالمي يجمع عدة دول"، مؤكدا أنّ: "أسطولا سينطلق في 31 أغسطس/ آب من إسبانيا على أن تنطلق الأساطيل من بقية الدول في الرابع من سبتمبر/ أيلول المقبل، وأنّ على الشعوب أن تتحرك وتلتقي في مكان واحد".


أيضا، قال ممثّل موريتانيا، المرتضى ولد اطفيل: إنّ: "هذه الخطوة تأتي استجابة للواجب الديني والإنساني، وتعبيرا عن تضامن الشعوب المغاربية مع الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان والحصار".

وأوضح ولد اطفيل، في حديث صحفي لعدد من المواقع المحلّية الموريتانية، إنّ: "التنسيقية أجرت اتصالات مع عدد من الشخصيات الوطنية والنقابات المهنية ونشطاء المجتمع المدني، تمهيدا لترتيب مشاركة موريتانية فاعلة في هذا الأسطول".

وأكّد أنّ: "الشعوب الحرة لا يمكن أن تظل صامتة أمام الجرائم اليومية التي تُرتكب بحق المدنيين في غزة"، مطالبا في الوقت ذاته، البرلمان الموريتاني بأن يكون "على قدر المسؤولية في هذه المرحلة المفصلية".

كذلك، بجانب المشاركين من دول المغرب العربي وآسيا وأوروبا، يشارك في "أسطول الصمود" نشطاء من الولايات المتحدة؛ حيث تمّ تجهيز زورقين سيبحران تحت العلم الأميركي، من المقرر أن ينطلقا من مواقع مختلفة في البحر الأبيض المتوسط. 

موقف الدول والحكومات؟
إلى حدود اللحظة، وعلى الرّغم من كافة النداءات التي أطلقها عدد من النشطاء المشاركين في أسطول الصمود العالمي، لمطالبة بلدانهم بضمان حمايتهم وبمواكبة تحرّكهم لفكّ الحصار عن غزة؛ لم يصدر أي موقف رسمي واضح من حكومات الدول المغاربية تجاه الأسطول.

في المقابل، عبّرت عدد من المنظمات الدولية والأممية عن اهتمامها بالمبادرة، فيما حذّرت بعض الحكومات الغربية، رعاياها، من المشاركة، من دون أن تمنع ذلك بشكل رسمي.

وأوضحت المقررة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون الأراضي الفلسطينية السابقة،  فرانشيسكا ألبانيزي، أنّ: "رحلة مادلين قد انتهت لكن المهمة لم تنته بعد"، مطالبة جميع الموانئ المتوسطية بإرسال قوارب تحمل المساعدات والتضامن إلى قطاع غزة المحاصر.

اظهار أخبار متعلقة


"سنُبحر، ولو وحدنا"
"إذا تُركنا وحدنا، سنمضي وحدنا. لكننا واثقون أن الشعوب ستتحرك، وأن هذه الرحلة لن تكون النهاية، بل بداية لعودة الناس إلى ميادين فلسطين" هكذا أبرز عدد من منظمي الأسطول في حديثهم لـ"عربي21".

وفي مشهد استثنائي يعيد الاعتبار للتحركات الشعبية العابرة للحدود، تستعد عشرات السفن والقوارب، المحمّلة بمساعدات إنسانية وناشطين من دول المغرب العربي، للإبحار نحو قطاع غزة، ضمن ما يُعرف بـ"أسطول الصمود المغاربي"، كجزء من أكبر تحرّك بحري دولي يهدف إلى كسر حصار الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على القطاع، لسنوات طِوال.

تجدر الإشارة إلى أنّ هذا التحرّك البارز، قد أتى عقب ما يُناهز الشهرين على قافلة "الصمود البرية" التي انطلقت بتاريخ 10 حزيران/ يونيو الماضي، وتمّ عرقلتها؛ ودعا منظّمو أسطول الصمود المغاربي، عبر بيان، نُشر على مختلف صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي بتاريخ 25 تموز/ يوليو 2025، كل الشعوب المغاربية الراغبة في المشاركة بحرا إلى ملء استمارات التسجيل.

Image1_82025312211442495826.jpg

وأكّد منظّمو أسطول الصمود المغاربي، أنّ هذه الخطوة تأتي "انصهارا مع الزخم العالمي المناصر للقضية الفلسطينية وللصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني فوق أرضه"؛ فيما أبرز أنّه امتداد لتحرّك مدني دولي واسع، تشارك فيه أكثر من ثلاثين دولة، بالشراكة مع "ائتلاف أسطول الحرية"، و"المسيرة العالمية إلى غزة"، و"تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين"، في محاولة جديّة لإنهاء العزلة المفروضة على سكان القطاع منذ سنوات.

إلى ذلك، بين الأمواج العالية والآمال الثقيلة، يُبحر أسطول الصمود نحو غزة حاملا معه إرادة شعوب لم تعد تعرف للصمت عُنوانا، لتوصف بكونها: "ليست مجرد سفن.. بل صرخة بحجم جرح"، فهل يصل الصوت؟ أم يسعى الاحتلال -من جديد- لحصار الحقيقة؟.
التعليقات (0)