دلالات زيارة ابن زايد إلى مصر.. السيسي استقبله بحفاوة مخالفا البروتوكول
القاهرة- عربي2127-Aug-2510:33 AM
0
شارك
الإمارات وصفت زيارة ابن زايد للسيسي بـ"الأخوية"- وام
دائماً ما تثير زيارات رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد إلى مصر جدلاً واسعاً، خاصة مع الحالة الودية الواضحة بينه وبين رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، والتي كشفت عن مخالفة واضحة للبروتوكول الرئاسي المصري، سرقت اهتمام الكاميرات والمعلقين في اللقاء الأخير، رغم أهمية توقيته ودلالاته.
وصل ابن زايد بطائرته الرئاسية إلى مطار مدينة العلمين الجديدة بالساحل الشمالي الغربي المصري مساء الاثنين، وبعد نزوله من سلم الطائرة واستقبال السيسي له، تأبط ذراعه وسارا معاً في مشهد مخالف للبروتوكول الرئاسي.
وفي مشهد ثانٍ، وبعد لقاء سريع جمعهما، خرج الرجلان ليتوجه ابن زايد إلى مقعد القيادة في سيارة التشريفة، فيما جلس السيسي إلى جانبه في مقعد الضيف، على غير ما تقتضيه قواعد البروتوكول.
المشهدان اللذان بثتهما الرئاسة المصرية في ملخص الزيارة، دفعا مصريين للتساؤل: "كيف يقود الضيف السيارة وإلى جانبه يجلس رئيس الدولة المضيفة؟"، مؤكدين أنه كان من المفترض أن يقود السيسي السيارة لا ابن زايد.
رسائل مقصودة في تعليقه، قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير عبد الله الأشعل: "تلك الصورة نسفت قواعد البروتوكول، وفي الخليج وفي ظل النظام الحالي جرت مخالفات كثيرة للبروتوكول، ويجب على الدولة في اللقاءات الرسمية عدم كسر القواعد"، معتبراً أن "هناك رسائل مقصودة".
وأضاف لـ"عربي21": "الأهم من المخالفة البروتوكولية هو ما يتم طبخه وتصنيعه في العلمين، خاصة وأنه معروف أن ابن زايد شديد الإخلاص لإسرائيل، لكن لا توجد دلائل واضحة على موقف السيسي منها".
لفتة لإزالة صور أخرى بدوره، قال الأكاديمي المصري وخبير العلاقات الدولية الدكتور محمد الزواوي إن "هذه اللفتة تأتي في إطار محاولة إزالة الصورة التي رُسخت مسبقاً بوجود خلاف بين الحلف الثلاثي: مصر والسعودية والإمارات، ومن ثم فإن التبسط ومخالفة البروتوكول هنا لإضفاء حميمية زائدة على اللقاء، لإظهار أنه لا توجد تصدعات داخل الحلف".
وأضاف: "لاسيما بعد أخبار راجحة عن لقاءات بين أطراف من المخابرات السعودية وأعضاء في جماعة الإخوان المسلمين، وما أثير عن لقاء عبد الرحيم علي، المحسوب على الإمارات، مع أعضاء في الجماعة –التي تصنفها الدول الثلاث إرهابية– وكذلك تقارير رجحت استعداد السعودية والإمارات للإطاحة بالسيسي".
ويرى الزواوي أن "مخالفة البروتوكول جاءت لإثبات أن الحلف الثلاثي قوي ولا تهدده خلافات، خصوصاً مع صور سابقة أظهرت تجاهل محمد بن سلمان للسيسي في أحد اللقاءات، والتي تبعتها زيارة الأخير إلى نيوم ولقاؤه بولي العهد السعودي، في تحرك هدفه التأكيد أن العلاقة ليست فقط تحالفاً بل ودية أيضاً".
اظهار أخبار متعلقة
ماذا تغير في عام؟ المشاهد الودودة بين ابن زايد والسيسي ليست الأولى؛ ففي شباط/ فبراير 2018 اصطحب الأول الثاني بجولة في "ياس مول" بأبوظبي وتناولا العشاء معاً. لكن مشهد قيادة ابن زايد السيارة وهو ضيف مصر يظل سابقة لافتة.
العام الماضي، في 31 تموز/ يوليو 2024، وخلال زيارة ابن زايد لمصر، قاد السيسي السيارة وإلى جانبه الضيف في جولة بمدينة العلمين الجديدة، ما يثير علامات استفهام حول أسباب تغيّر الوضع هذا العام.
معلقون اعتبروا الصورة "معبرة عن الحاكم الفعلي لمصر"، قائلين: "من يدفع يقود"، مؤكدين أن مخالفة البروتوكول بهذه الطريقة تضيف المزيد من علامات الاستفهام حول وضع دبلوماسي وسياسي واقتصادي مضطرب حالياً بين مصر والخليج.
الإعلامي المصري حافظ الميرازي تساءل تحت عنوان: "من يستضيف من في العلمين هذا العام؟"، مشيراً إلى أنه "حين ركب الرئيسان سيارة بمفردهما في أبوظبي قادها بالطبع الرئيس المضيف".
ولفت الميرازي إلى أن تساؤلات المصريين حول قيادة ابن زايد للسيارة في مصر جاءت في ظل اتساع استثمارات وأملاك الإمارات في العلمين ورأس الحكمة وغيرها.
وأضاف أن "حين أهدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيارة من صنع بلاده لأمير قطر السابق حمد بن خليفة، حرص الأخير على قيادتها لأنه كان في قطر، كما تكررت قيادة المضيف للسيارة بالتبادل بين أمير قطر وولي عهد السعودية".
وأشار الميرازي إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان اصطحب السيسي في سيارة "غولف" بمدينة الدرعية خلال زيارة سابقة، كما أن السيسي نفسه قاد السيارة وبجواره ابن زايد في زيارة العام الماضي بالعلمين "كما يُفترض بالمضيف أن يفعل"، متسائلاً: "هل تغير شيء هذا العام؟".
الكاتب المصري مصطفى عادل، أكد أنه "في الإستقبال الرسمي يكون الضيف والمضيف بسيارة رسمية بالخلف، وعند إبداء الود الشديد وفي حالات الرغبة في اعلان التقارب الدبلوماسي أو إظهار حفاوة الاستقبال أو لأنها زيارة غير رسمية يقوم الرئيس المضيف بقيادة السيارة بنفسه ويجلس بجانبه الضيف"، واصفا الواقعة بــ"فيسبوك"، بـ"الغريبة وغير المسبوقة".
وقال الناشط تامر شيرين شوقي: "هذا حدث بروتوكولي غير مسبوق"، مضيفا أنه "لا يمكن أن يقود الضيف السيارة الرسمية للرئاسة مهما حدث"، موضحا أن "الرئيس يقود والضيف بجانبه وحدهما وهذه أعلى درجات الود البروتوكولية".
وأكد أنه لا يقود الضيف سيارة في وجود رئيس الجمهورية إلا حال افتتاح مصنع سيارات فى مصر بتمويل إماراتي ويقود الضيف سيارة من إنتاج المصنع، أو سيارة مصنعة بالكامل في مصر يقوم الضيف بقيادتها كتجربة وبيان كفاءة التصنيع".
أجواء الزيارة بعيداً عن تفاصيل البروتوكول، تأتي زيارة ابن زايد إلى العاصمة الصيفية المصرية بعد أيام من زيارة السيسي لمدينة "نيوم" ولقائه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وسط أزمات غير معلنة بين القاهرة والرياض خفف اللقاء من حدتها.
وكعادته الصيفية، حلّ ابن زايد في مدينة العلمين التي تمتلك بلاده فيها مشروعات كبرى أبرزها "رأس الحكمة"، وذلك وسط تعقّد ملفات إقليمية كالوضع في غزة وليبيا والسودان وملف مياه النيل، وهي ملفات تلعب أبوظبي فيها أدواراً لا تتقاطع بالضرورة مع المصالح المصرية.
دعم واستثمارات واسعة منذ 2013، قدّم ابن زايد دعماً مالياً يقدّر بنحو 40 مليار دولار لمصر بين ودائع وقروض ومنح، فيما تحولت الإمارات إلى المستثمر الأجنبي الأكبر في البلاد. وشهدت السنوات الخمس الماضية صفقات استحواذ ضخمة على أصول مصرية، أبرزها صفقة "رأس الحكمة" بقيمة 35 مليار دولار لصالح شركة "أبوظبي القابضة" عام 2024.
كما استحوذت الصناديق الإماراتية على حصص في شركات استراتيجية مثل "الحفر المصرية" و"إيلاب" و"إيثيدكو"، بقيمة إجمالية قاربت 1.8 مليار دولار.
تضارب مصالح إقليمي رغم قوة التحالف السياسي بين النظامين في مصر والإمارات منذ 2013، برزت تباينات واضحة في ملفات ليبيا والسودان وغزة وسد النهضة. ففي ليبيا دعمت الإمارات عسكرياً قوات خليفة حفتر في هجومه على طرابلس بينما دفعت القاهرة باتجاه الحل السياسي. وفي غزة، تتهم تقارير أبوظبي بدعم خطط إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وهو ما ترفضه مصر بشكل قاطع.
أما في السودان، فبينما دعمت القاهرة الجيش، وُجهت اتهامات للإمارات بتسليح قوات الدعم السريع. وفي ملف سد النهضة، حافظت أبوظبي على علاقات قوية مع أديس أبابا، وقدمت دعماً مالياً وعسكرياً ساعد في استكمال بناء السد وتأمينه.