كشفت مصادر إعلامية بريطانية النقاب عن
مشاورات عاجلة يجريها رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، مع حلفائه الأوروبيين
على خلفية تقارير إعلامية تشير إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب يميل لتسوية
النزاع الأوكراني عبر السماح لروسيا بضم أراضٍ أوكرانية، في خطوة قد تقوّض سيادة
كييف وتزيد الضغوط على أوروبا.
ويأتي هذا التحرك قبل اجتماع مرتقب بين
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وترامب في البيت الأبيض، حيث من المتوقع
مناقشة خطة لإنهاء الحرب التي دخلت عامها الخامس، بما يشمل إمكانية عقد اجتماع
ثلاثي لاحق مع الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين.
مشاركة أوروبية واسعة في اجتماع واشنطن
يشارك قادة أوروبيون، الاثنين، في الاجتماع
المرتقب بين ترامب وزيلينسكي في العاصمة الأمريكية واشنطن.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون
دير لاين في منشور على منصة "إكس" إنها ستحضر الاجتماع، مشيرة إلى أنها
التقت زيلينسكي في بروكسل الأحد، وانضمت معه إلى اجتماع مرئي لـ"تحالف
المتطوعين" الذي يضم أكثر من 30 دولة لدعم أي وقف محتمل لإطلاق النار.
وفي السياق نفسه، أعلن قصر الإليزيه أن
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيشارك في الاجتماع "لمواصلة التنسيق بين
الأوروبيين والولايات المتحدة لتحقيق سلام عادل ودائم يحمي الأمن الأوروبي
والمصالح الحيوية لأوكرانيا". كما سيحضر الاجتماع كل من الرئيس الفنلندي
ألكسندر ستوب، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والمستشار الألماني فريدرش
ميرتس، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، وفق بيانات رسمية.
ويأتي الاجتماع بعد قمة جمعت ترامب وبوتين
في ولاية ألاسكا، الجمعة، أعلن ترامب عقبها أن زيلينسكي سيزور واشنطن، وأنه
"إذا جرت الأمور على ما يرام" سيتم تحديد موعد لعقد لقاء ثلاثي مع
بوتين، ضمن جهود التوصل لتسوية للنزاع.
قمة ألاسكا.. فوز سياسي لبوتين
انتهت قمة ألالسكا بين الرئيسين الروسي
بوتين والأمريكي ترامب بفشل واضح في تحقيق أي اختراق بشأن الحرب، لكنها منحت بوتين
مكاسب سياسية ومعنوية كبيرة، وأدخلت أوكرانيا وأوروبا في مأزق أعمق.
تجاهل بوتين مقترح ترامب بهدنة مدتها 30
يوماً، متمسكاً بأن أي وقف لإطلاق النار يجب أن يسبقه اتفاق سلام شامل يعالج “جذور
الصراع”. وقدم بوتين استعداداً لتجميد خطوط التماس مقابل انسحاب أوكرانيا من كامل
إقليم دونباس، ما يُعد مكسباً استراتيجياً، رغم أن السيطرة الروسية على هذه
المناطق لا تزال جزئية.
أوروبا أمام تحديات مزدوجة
القادة الأوروبيون لم يروا أي إعلان عن
اتفاق يقسم أوكرانيا، لكنهم يشعرون بقلق متصاعد إزاء تحول الموقف الأمريكي، حيث
تبنى ترامب وجهة نظر بوتين بأن "لا وقف لإطلاق النار من دون اتفاق
شامل"، ما يزيد شكوك العواصم الأوروبية في التزام واشنطن بدعم كييف.
في ظل وقف ترامب إرسال الأسلحة مباشرة إلى
أوكرانيا، والتي بلغت قيمتها أكثر من 65 مليار دولار خلال ولاية بايدن، يبدو أن
أوروبا ستتحمل العبء العسكري والمالي الأكبر في مواجهة موسكو.
أوكرانيا في عين العاصفة
الرئيس الأوكراني زيلينسكي يستعد للقاء
ترامب اليوم وسط مخاوف من ضغوط مباشرة للتخلي عن أراضٍ في الدونباس مقابل
"تجميد مؤقت" للمعارك. أي قرار بالرضوخ سيُعد خسارة استراتيجية، بينما
أي رفض قد يُستغل سياسياً من قبل الكرملين، ما يزيد الضغوط على كييف ويضع
الأوروبيين أمام اختبار صعب في الانحياز بين واشنطن وكييف.
وتشير تقارير إعلامية إلى مجموعة من
السيناريوهات المحتملة، منها: قبول جزئي لروسيا مقابل تهدئة مؤقتة، أو رفض أوكراني
مدعوم أوروبيًا مع تحمّل القارة العبء العسكري والمالي الأكبر، أو استمرار الجمود
الأمريكي مع ضغط مزدوج على كييف من موسكو وأوروبا.
خرج بوتين من قمة ألاسكا أقوى سياسياً
ومعنوياً، بينما عاد ترامب بلا إنجاز ملموس، وترك زيلينسكي وأوروبا أمام خيارات
أصعب من أي وقت مضى. وتبدو المعركة القادمة دبلوماسياً واستراتيجياً أكثر منها
عسكرياً، مع احتمالات أن تتحول أوروبا إلى اللاعب الرئيسي في الصراع، بينما يبقى
الدور الأمريكي متذبذباً، ما قد يفتح الباب أمام إعادة رسم موازين القوى في
المنطقة على المدى الطويل.