كشف تحقيق صحفي
استقصائي نشرته
صحيفة الغارديان البريطانية، عن شبكة معقدة من الفساد والرشوة في صفقات الأسلحة المبرمة بين
السعودية وبريطانيا، وتم التستر عليها بعناية تحت أسماء وهمية، والتهديدات
التي تعرض لها المبلغون عن الفساد.
وبحسب التحقيق بدأت
القصة حينما قرر إيان فوكسلي، ضابط سابق في الجيش البريطاني، كسر الصمت والإفصاح عن
سلسلة من المدفوعات المشبوهة التي تلقتها جهات رسمية وشركات خاصة من المملكة المتحدة
مقابل صفقات أسلحة ضخمة للسعودية.
وقد تركزت تلك المدفوعات
ضمن بند يطلق عليه اسم "الخدمات المُشتراة"، وهي في الواقع تسمية رمزية لا
تخلو من غموض، لكنها تعني دفعات رشوة ضخمة بلغت نسبتها 16 بالمئة من قيمة الفواتير
الرسمية.
وكشف فوكسلي أن تلك
الرشاوى لم تكن مجرد دفعات عادية، بل كانت جزءا من نظام متكامل للتغطية على فساد واسع
داخل وزارة الدفاع البريطانية وشركات تصنيع الأسلحة الكبرى.
اظهار أخبار متعلقة
في شهادته، للغارديان
قال فوكسلي إنه تلقى تهديدات مباشرة قبل فراره من السعودية، حيث تم استدعاؤه إلى مكتب
رئيسه في الرياض، وأُبلغ بأن عليه تقديم استقالته فورًا، وإلا ستتعرض حياته ومكانته
للخطر. ورغم ذلك، قرر المضي قدمًا في كشف الحقيقة، وهو ما جعله هدفًا للملاحقة السياسية
والقانونية.
لم يكن هو الوحيد في
هذه القصة؛ فقد برز اسم مايكل باترسون، المحاسب الذي عمل داخل إحدى الشركات التي شاركت
في صفقات الأسلحة، والذي بدأ بدوره في تقديم أدلة وثائقية عن تحويلات مالية مشبوهة
عبر شركات وهمية في جزر كايمان وغيرها من الملاذات الضريبية.
واستغرقت التحقيقات
أكثر من 14 عامًا، تضمنت مراجعة آلاف الوثائق الرسمية، وإجراء مقابلات سرية مع مسؤولين
سابقين وحاليين في القطاعين العام والخاص، وقد أدت تلك التحقيقات إلى توجيه اتهامات
رسمية لعدد من كبار المسؤولين، بالإضافة إلى استرداد بعض الأموال التي تم تحويلها بطريقة
غير قانونية.
وتعد هذه القضية من
أكبر قضايا الفساد في قطاع الأسلحة، والذي يعتبر من أكثر القطاعات عرضة للرشوة بسبب
السرية التي تحيط بمعظم صفقاته وتداخل المصالح الحكومية والشركات الخاصة.
اظهار أخبار متعلقة
وأشارت الغارديان إلى
أن تجارة الأسلحة الدولية كانت، ولا تزال، مرتعًا للرشوة والفساد، ففي فرنسا حتى
1997، كان يسمح للشركات بخصم رشاوى المسؤولين الأجانب من فواتيرها الضريبية، أما في
المملكة المتحدة، فقد أصبحت الرشوة الخارجية غير قانونية فقط عام 2010، بعد ثغرات قانونية
استمرت سنوات. صفقات الأسلحة تُبرم بسرية تامة لأسباب أمنية، وتشمل ترتيبات مالية معقدة
تجعل من الصعب تقدير الأسعار الحقيقية.
وشرح أستاذ دراسات
الفساد في جامعة ساسكس، روبرت بارينغتون، أن قطاع تجارة الأسلحة هو "الأكثر عرضة
للفساد على الإطلاق"، وأوضح أن أكثر أنواع الرشوة شيوعًا تتمثل في عمولات تُدفع
لوسطاء، ثم تُحال لأصحاب القرار من سياسيين أو أمراء أو رؤساء دول، الذين يختارون الفائز
بالعقد مقابل هذه الرشاوى.