واصل دبلوماسيون
وسفراء بريطانيون ضغطهم على رئيس الوزراء كير
ستارمر، للاعتراف بدولة فلسطين وسط الإبادة
الجماعية التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
ونشرت صحيفة
"
الغارديان" البريطانية تقريرا أعده باتريك وينتور وهارييت شيرويد قالا فيه
إن عشرات من الدبلوماسيين والسفراء البريطانيين السابقين أضافوا ثقلهم وضغطوا على ستارمر
للاعتراف بالدولة الفلسطينية، ووسط الاشمئزاز من المشاهد المروعة القادمة من غزة.
وبحسب التقرير جاءت
رسالتهم إلى رئيس الوزراء في الوقت الذي أدان فيه رئيس أساقفة يورك تجريد سكان غزة
من إنسانيتهم، ووصفه بأنه "منحط" و"بربري"، وقال ستيفن كوتريل،
الزعيم الفعلي لكنيسة إنجلترا، إنها "وصمة عار على ضمير المجتمع الدولي"،
وإن "حرب العدوان" الإسرائيلية "خطيئة جسيمة".
وتعكس قوة اللغة
التي استخدمها كوتريل تغيرا سريعا في الرأي العام مع ظهور صور من غزة لأطفال يتضورون
جوعا وروايات عن مقتل مدنيين وهم يحاولون تأمين الطعام لعائلاتهم.
وقالت الصحيفة إن شعورا
بالرعب والياس يتزايد داخل حكومة ستارمر إزاء أفعال "إسرائيل" والمشاهد في غزة، وفي
هذا الأسبوع، دعا وزير الصحة ويس ستريتنج علنا إلى الاعتراف في وقت "تبقت دولة
فلسطينية لم يعترف بها بعد" وأدان الإجراءات الإسرائيلية التي "تجاوزت بكثير
الدفاع المشروع عن النفس".
وأضاف التقرير أن صادق
خان، عمدة لندن، حث الحكومة البريطانية على الاعتراف بالدولة الفلسطينية على
الفور، قائلا إن المشاهد في غزة "مروعة جدا".
اظهار أخبار متعلقة
وفي بيان على منصة "إكس" قال خان: "يجب على المجتمع الدولي، بمن فيه حكومتنا فعل المزيد للضغط على
الحكومة الإسرائيلية لوقف هذا القتل المروع والعبثي والسماح بدخول المواد الإنسانية
التي تنقذ الحياة، ولا شيء يبرر أفعال الحكومة الإسرائيلية".
وأشار التقرير إلى
أن الرسالة الموجهة إلى ستارمر، والتي وقعها أكثر من 30 سفيرا
بريطانيا سابقا و20 دبلوماسيا
بريطانيًا سابقا في الأمم المتحدة، ورد فيها أن الوضع الراهن في غزة يمكن كسره بالاعتراف
بدولة فلسطين. وذكر التقرير أن الرسالة جاء فيها: "إن مخاطر التقاعس عن العمل
لها آثار عميقة وتاريخية وكارثية"،
وأضاف
السفراء: "لا يمكن لدولة إسرائيل أن تكون
في مأمن من التهديدات في المستقبل إذا لم يتم المضي قدما في قضية فلسطين نحو تسوية
سياسية"، وقالوا: "في مواجهة الرعب والإفلات من العقاب الحاليين، فإن الكلمات
لا تكفي، إن التعليق الجزئي لمبيعات الأسلحة وتأخير المحادثات التجارية والعقوبات المحدودة،
بعيدة كل البعد عن المدى الكامل للضغط الذي يمكن لبريطانيا أن تمارسه على إسرائيل".
وتابعوا في
رسالتهم حسب الصحيفة أن الاعتراف بدولة فلسطينية سيكون "خطوة أولى أساسية نحو
كسر الوضع الراهن المدمر"، ومن بين الموقعين سفراء بريطانيا السابقين لدى أفغانستان
والبحرين ومصر وإيران والعراق والأردن والكويت والمغرب وباكستان وقطر وسوريا وتركيا.
وأردف التقرير أن الرسالة
تعكس قلقا عميقا لدى الدبلوماسيين السابقين من أن ستارمر يبدو مترددا في التعامل مع
أزمة الشرق الأوسط، أو يدرك أن الإجراءات غير الفعالة لن تحسن سمعة بريطانيا في المنطقة،
وقال أحد الموقعين إن الرسالة تعكس تيارا قويا من الرأي داخل وزارة الخارجية بشأن قضية
الاعتراف، لكن من الصعب التحقق من صحة قوله.
اظهار أخبار متعلقة
وتابع التقرير أن بيان
كوتريل، الصادر الأربعاء جاء فيه: "مع كل يوم يمر في غزة، يزداد العنف والتجويع
والإهانة التي تمارسها حكومة إسرائيل على السكان المدنيين انحطاطا ووحشية"،
و "باسم الرب أصرخ ضد هذا الاعتداء البربري على حياة الإنسان وكرامته. إنه وصمة
عار في ضمير المجتمع الدولي، وانتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي".
وأضاف: "لقد أدنت مرارا هجمات حماس المروعة في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وما زلت
أدعو إلى إطلاق سراح أولئك الذين ما زالوا محتجزين بقسوة، نحن نستنكر كل اعتداء على
الأبرياء، لكن هذه الحرب الآن حرب عدوان، إنها خطيئة جسيمة ويجب أن تتوقف"، ودعا
كوتريل إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والأسرى، وإعادة
إعمار غزة.
وذكر أنه
يجب رفض أي سياسة "من شأنها أن ترقى إلى التطهير العرقي للسكان الفلسطينيين في
غزة"، وفي وقت سابق من يوم الأربعاء، قالت 111 منظمة إغاثة إن "المجاعة الجماعية"
تنتشر في غزة نتيجة استمرار القيود الإسرائيلية على كيفية وصول المساعدات وتوزيعها
في القطاع.
وقالت المنظمات، بما
في ذلك أطباء بلا حدود وإنقاذ الطفولة وأوكسفام: "زملاؤنا ومن نخدمهم يذوون".
وتزعم إسرائيل أنه يسمح للمساعدات بدخول غزة لكن حماس تسرقها، كانت هناك حوادث متكررة
لإطلاق النار على المدنيين أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء من مؤسسة غزة الإنسانية،
وهي منظمة تدعمها إسرائيل وحلت محل البنية التحتية للمساعدات التابعة للأمم المتحدة
في أيار/مايو. وتقول الأمم المتحدة إن القوات الإسرائيلية قتلت منذ ذلك الحين أكثر
من 1,000 فلسطينيا كانوا يحاولون الحصول على الغذاء.
قال وزير الخارجية
البريطاني، ديفيد لامي، الذي قال إنه شعر "بالرعب والاشمئزاز" من مشاهد الفلسطينيين
الجائعين الذين يطلق عليهم النار أثناء بحثهم عن الطعام، إن بريطانيا "ستقوم بدورها"
في التوصل إلى حل الدولتين.
وفي تقرير أعدته بيبا
كريير في "الغارديان" قالت فيه إن حكومة كير ستارمر تكافح لإقناع النواب
والرأي العام بأنها تبذل ما يكفي من الجهد لمساعدة المدنيين الجائعين في غزة وعندما
وقف ديفيد لامي أمام النواب لإلقاء بيان يدين قتل إسرائيل للمدنيين الجائعين في غزة
يوم الاثنين، قوبل بغضب من النواب.
وتابع التقرير أن
أحد نواب حزب العمال هتف: "نريد فعلا، وهذا ليس فعلا". وتساءل آخر:
"هل انتهى الأمر؟" وتساءل ثالث: "متى تلزمنا إنسانيتنا الأساسية باتخاذ
إجراءات أقوى؟ يعتقد الكثيرون منا أن الخط الأحمر قد تجاوزناه منذ زمن بعيد".
اظهار أخبار متعلقة
وكان الغضب في أرجاء
مجلس العموم جليا، تساءل أحد أعضاء حزب المحافظين المخضرمين: "هل تكفي الكلمات؟".
واتهم آخر لامي بـ “التواطؤ لعدم التحرك" وحذر من أن ذلك قد يؤدي به إلى محكمة
العدل الدولية في لاهاي. وأكد أحد أعضاء حزب الليبراليين الديمقراطيين أن تعبيرات بريطانيا
المتكررة عن الأسف لم تمنع وقوع المزيد من المجازر.
وأضاف التقرير أن لامي،
الذي بدا عليه اليأس بوضوح، حاول طمأنة السياسيين بأن الحكومة تؤدي دورها "لن
ينهي رفع صوتي هذه الحرب. أنا آسف لذلك، وأشعر بالأسف، لكن هل أنا متأكد من أن حكومة
بريطانيا تبذل كل ما في وسعها؟ نعم، أنا متأكد".
وتابع أنه مع تزايد
الإدانة الدولية لإسرائيل بسبب الفظائع التي ترتكبها بحق المدنيين الفلسطينيين الجائعين،
ينعكس الغضب في مجلس العموم على نطاق أوسع في جميع أنحاء البلاد، حيث يعتبر الجمهور
بشكل متزايد رد فعل إسرائيل منذ هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر بأنه غير متناسب، مع استمرار
الفظائع.
وكانت الحكومة في موقف
دفاعي، مشيرة إلى أنها أعادت التمويل لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين
الفلسطينيين (أونروا)، وقدمت ملايين الدولارات كمساعدات إنسانية، وفرضت عقوبات على
وزراء إسرائيليين من اليمين المتطرف وأولئك الذين ارتكبوا أعمال عنف ضد المستوطنين،
وقطعت المفاوضات التجارية مع إسرائيل.
ويتعرض ستارمر أيضا
لضغوط للاعتراف الفوري بدولة فلسطينية، سواء من نوابه أو داخل حكومته أو من المجتمع
الدبلوماسي الأوسع. ويقول الوزراء إن بريطانيا "ستقوم بدورها" في العمل نحو
الاعتراف الرسمي، ويعد مؤتمر الأمم المتحدة الذي تقوده فرنسا والسعودية في وقت لاحق
من هذا الشهر لحظة حاسمة.
ويحذرون سرًا من أن
هذه الخطوة ستكون رمزية فقط ما لم يتم وقف إطلاق النار أولا، لكن بالنسبة للكثيرين،
الذين يعتقدون أن على بريطانيا أن تحذو حذو فرنسا في موقفها الأكثر تشددا، فإن هذا
ليس سببا كافيا لعدم القيام بذلك. وتساءل أحد الوزراء: "إن لم يكن الآن، فمتى؟"