في تصعيد غير مسبوق يعكس توتراً متزايداً
بشأن الحراك الشعبي المناصر للقضية
الفلسطينية، تخطط شرطة العاصمة البريطانية لاعتقال أي شخص يشارك
في مظاهرة داعمة لحركة Palestine
Action، المقررة السبت المقبل في لندن، وذلك بموجب
قوانين مكافحة الإرهاب.
وتأتي هذه التهديدات الأمنية، وفق تقرير
لصحيفة "الغارديان"، وسط دعوات أطلقتها مجموعة "ديفند أور جوريز" (Defend Our Juries) لتنظيم احتجاج
سلمي رداً على قرار الحكومة البريطانية بحظر حركة Palestine Action، التي تتهمها السلطات بـ"أنشطة
إرهابية"، فيما يرى المدافعون عنها أنها "تمارس عصياناً مدنياً
مشروعاً" دفاعاً عن حقوق الفلسطينيين.
اعتقالات بالجملة.. حتى في الحشود الكبيرة
ونقلت صحيفة الغارديان عن مصدر رفيع من داخل
أجهزة الشرطة البريطانية قوله: "إذا ظنوا أن
الحشود الكبيرة ستمنعنا من تنفيذ الاعتقالات، فهم مخطئون... سيتم اعتقالهم مهما
كلف الأمر".
ووفقًا للمصدر ذاته، تعتقد الشرطة أن أعداد
المشاركين لن تتجاوز عدة مئات، رغم التقديرات التي تشير إلى إمكانية مشاركة
الآلاف. وتشمل خطة الشرطة اعتقال المشاركين، توثيق هوياتهم، ثم إطلاق سراحهم
بكفالة تمهيداً لمحاكمات لاحقة، وهي نفس الاستراتيجية التي اتُّبعت سابقاً في
احتجاجات ضد الهجرة أو تظاهرات "Extinction Rebellion".
احتقان مضاعف في نهاية أسبوع مزدحم
ويأتي هذا التحرك الأمني في وقت حساس، إذ من
المتوقع أن تشهد العاصمة البريطانية تظاهرات متعددة خلال عطلة نهاية الأسبوع، تشمل
مسيرة جماهيرية مناصرة لفلسطين، إلى جانب
مظاهرات مضادة من مجموعات يمينية مناهضة
للهجرة.
وفي ظل هذا التزاحم، تدرس قيادة شرطة
العاصمة استدعاء دعم أمني إضافي من قوات شرطة في مدن أخرى لمواجهة الاحتمال
المتزايد باندلاع مواجهات أو اعتقالات جماعية.
"ليس مؤامرة بل
حملة مفتوحة ضد الظلم"
في المقابل، رفضت مجموعة Defend Our Juries ما وصفته
بـ"المبالغات الإعلامية والتحريض"، نافية وجود أي نية لـ"إغراق
الشرطة أو النظام القضائي" بالموقوفين.
وجاء في بيان رسمي للمجموعة: "هذا ليس
مخططًا سريًا... بل حملة مفتوحة وشفافة ضد قانون ظالم ينتهك الحريات الأساسية"، مضيفة: "إذا اعتقلت
الشرطة متظاهرين سلميين، فالمشكلة ليست فينا... بل فيهم".
كما شددت المجموعة على أن الحملة ليست تابعة
لـ"Palestine Action"،
بل تنظمها جهة مستقلة، معتبرة أن حظر دعم أي مجموعة مناهضة للاحتلال الإسرائيلي هو
بحد ذاته قمع سياسي مرفوض.
أزمة قانونية وسياسية محتدمة
قرار حظر Palestine Action أثار موجة انتقادات من ناشطين حقوقيين
ومدافعين عن الحريات في
بريطانيا، الذين يرون أن هذا الحظر يُستخدم كذريعة لملاحقة
كل من يعبّر عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني.
وفي حال نفذت الشرطة تهديداتها، فإن
المتظاهرين قد يواجهون تهماً مرتبطة بالإرهاب، وهي تهم ثقيلة قد تجرّ إلى محاكمات
كبرى، ما ينذر بأزمة قانونية ـ سياسية مفتوحة بين المجتمع المدني والسلطات
البريطانية.
اظهار أخبار متعلقة
"فلسطين أكشن".. من المقاومة المدنية إلى ساحات القضاء
تأسست حركة Palestine Action في بريطانيا عام 2020، كحركة مناهضة للتواطؤ البريطاني في دعم الاحتلال الإسرائيلي، وتركّزت أنشطتها على العصيان المدني السلمي، من خلال استهداف منشآت مرتبطة بشركات تورّد أسلحة أو معدات أمنية لإسرائيل، أبرزها شركة "Elbit Systems" الإسرائيلية.
ورغم أن الحركة ترفض استخدام العنف، إلا أن السلطات البريطانية أعلنت في يونيو 2025 تصنيفها كمنظمة محظورة بموجب قوانين مكافحة الإرهاب، بدعوى تورطها في "أعمال إجرامية تؤثر على الأمن العام".
وقد أثار القرار سخطاً واسعاً في الأوساط الحقوقية، حيث اعتبره ناشطون ومراقبون "محاولة لتجريم التضامن مع فلسطين" وقمعًا للحراك المدني المعارض للسياسات الاستعمارية الإسرائيلية.
وفي أعقاب قرار الحظر، قدّم محامو الحركة طعناً قانونياً رسمياً أمام المحكمة العليا البريطانية، مؤكدين أن القرار يمثل انتهاكاً واضحاً لحقوق حرية التعبير والتجمع السياسي المكفولة في القانون البريطاني، وأنه لا يستند إلى أدلة كافية لتصنيف الحركة كـ"إرهابية".
وينتظر أن تُنظر جلسات الاستماع في الطعن خلال الأسابيع المقبلة، وسط ترقب شديد من المتضامنين مع القضية الفلسطينية في بريطانيا وأوروبا، الذين يرون في هذه المعركة القضائية محكاً رئيسياً لمصداقية النظام الديمقراطي البريطاني في ما يخص الحريات العامة والحق في مقاومة الظلم.
https://www.theguardian.com/world/2025/aug/04/police-palestine-action-london-protest-arrest-plans