سياسة دولية

بوليتيكو: لماذا يستهدف خصوم مرشح نيويورك الديمقراطي منشوراته القديمة على التواصل الاجتماعي؟

يبدو أن ممداني وسع نفوذه بسرعة خارج الأحياء الخمسة- أكس
يبدو أن ممداني وسع نفوذه بسرعة خارج الأحياء الخمسة- أكس
نشر موقع "بوليتيكو" الأمريكية، تقريرا، أعدّه جو أنوتا، وأميرة مكي، وجيسون بيفرمان، قالوا فيه إنّ: "نقاد وخصوم المرشح الديمقراطي لانتخابات عمدة نيويورك، يحاولون تشويه سمعته من خلال البحث في منشوراته السابقة على منصات التواصل الإجتماعي". 

وتشير المجلة في المقال الذي ترجمته "عربي21" إلى أنّ: "وسائل التواصل الإجتماعي أصبحت سلاحا ذي حدين بالنسبة للمرشح الذي صدم الجميع عندما هزم مرشحين ديمقراطيين أقوياء في الإنتخابات التمهيدية ووسع قاعدته من المؤيدين في مدينة نيويورك". وكان المرشح ذو الميول التقدمية محلا للتدقيق بسبب أغنية راب، نُشرت على الإنترنت، تثني على منظمة "أدينت" بدعم حركة حماس. 

وتابع المقال: "كما تعرّض للهجوم بسبب منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي التي تشكّك في تكتيكات مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي أي) في الفترة التي سبقت مقتل الناشط في القاعدة، فرع اليمن، أنور العولقي، في عهد أوباما. كما أثار دعمه السابق لسحب التمويل عن الشرطة؛ والذي تم توضيحه بالكامل على منصة إكس، استياء كبيرا". 

وأضافت المجلة أنّ: "ممداني، 33 عاما ينتمي إلى جيل من المسؤولين المنتخبين الذين نشأوا على الإنترنت، وهي تربية تعزز الفصاحة في علم العلامات على تيك توك وإنستغرام. وغالبا ما يكون لذلك ثمن: بصمة رقمية واسعة النطاق يمكن تتبعها، بعد سنوات، حتى مرحلة المراهقة. ولأن ممداني فريد من نوعه في شبابه وفي نطاق الوظيفة التي يسعى إليها، فقد خضعت آثار شخصيته على الإنترنت وأيامه المزدهرة بالتبعية، لمستوى من التدقيق كان يمكن لمعارضيه الأكبر سنا تجنبه". 

أيضا، نقلت المجلة عن عضو مجلس مدينة نيويورك، جي اوسيه، الذي انتخب للمجلس في سن الـ23 عاما، قوله: "على كل مرشح أن يحذف منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي. لكنني أعتقد أن ذلك صعب جدا، فبمجرد نشر أي شيء على الإنترنت، يدوم إلى الأبد".

وأردفت المجلة بأنّ: "خصمي ممداني الرئيسيان في الانتخابات العامة، أندرو كومو، والمرشح الحالي إريك آدامز، لا يشعران بمثل هذه المخاوف، فكلاهما في الستينيات من عمره، ورغم عقود من المقابلات الصحافية والتلفزيونية، إلا أنهما يفتقران إلى سلسلة من المنشورات العفوية على تويتر أو فيسبوك أو منصات التواصل الاجتماعي الأخرى التي أزعجت السياسيين الشباب على جميع مستويات الحكومة، بمن فيهم نائب الرئيس". 

وأوضحت: "مثلا، يعتمد آدامز على سيل لا ينضب من القصص غير المؤكدة، وأحيانا غير الصحيحة عن سنوات تكوينه. ومع ذلك، فإن محاولات المرشح الحالي المجهدة لفرض سيطرته على وسائل التواصل الاجتماعي، وقرار كومو بإطلاق حملته بمونولوج مدته 17 دقيقة، تظهر أن المرشحين الأكبر سنا يفتقرون إلى الحس المتأصل في نوع الدعاية الرقمية الضرورية للوصول إلى شباب اليوم، وهم الناخبون المتوسطون غدا".

وقالت المجلة إنّ: "لجنة عمل سياسية تابعة للمرشح كومو، ومعزز، حاولت تحطيم الدعم الذي يحظى به ممداني وتعزيز مكانة كومو قبل الإنتخابات التمهيدية من خلال استخدام  ماضي ممداني، لكنها لم تنجح، فقد تغلب الاشتراكي الديمقراطي على الحاكم السابق بفارق يقارب 13 نقطة، ويعود ذلك جزئيا إلى شخصية ممداني الجذابة على الإنترنت، بالإضافة إلى فشل اللجنة في استغلال نفوذه الرقمي بفعالية لصالح كومو".

اظهار أخبار متعلقة


وتابعت: "ظهرت في الآونة الأخيرة، منشورات عادت للظهور على مواقع التواصل الاجتماعي تتعلق بإسرائيل وأفكاره حول رأسمالية السوق الحرة أثارت غضبا بين النقاد في المنشورات اليمينية. إلا أن تأثيرها على ناخبي مدينة نيويورك كان ضئيلا، إذ يستمتع ممداني بفرحة فوزه ويكتسب المزيد من الدعم المؤسسي. لكن إيقاع القصص المتواصل يساعد الجمهوريين على مستوى البلاد على تصوير المرشح على أنه الوجه الجديد للحزب الديمقراطي الذي انحرف بعيدا نحو اليسار". 

واسترسلت: "في منشور للنائبة الجمهورية عن نيويورك، إليس ستيفانيك، على منصة إكس، أشارت فيها إلى مشاركة ممداني في بودكاست "مثل الشيوعي الحقيقي، يدعم ممداني إلغاء الملكية"، مضيفة "هذا هو الحزب الديمقراطي في نيويورك الذي تقودينه يا @KathyHochul، وقد فشلتِ في إدانة هذا الجنون الخطير".

وفي رد على الهجمات المتكررة قال فريق ممداني إنه يركز على رسالته ولا يبالي بمنشوراته السابقة على مواقع التواصل الاجتماعي. وقال مدير الاتصالات، جيفري ليرنر، في بيان: "يريد السياسيون الفاسدون والمحللون السياسيون الاستمرار في الحديث عن تغريدات قديمة". مضيفا: "سيواصل زهران الحديث عن رؤيته لنيويورك المتاحة للجميع، والتي حظيت بدعم تاريخي في جميع الأحياء الخمسة". 

وتقول إنّ: "نائب كوين في مجلس المدينة وجد طرقا عدة لتقديم مكونات رؤيته. ففي رأس السنة، ألقى ممداني، مرتديا بذلة رسمية، بنفسه في مياه المحيط المتجمدة التي تضرب جزيرة كوني آيلاند، للترويج لوعده بتجميد الإيجارات للمستأجرين الذين تم تثبيت إيجاراتهم. وبعد اتهامه باستخدام الذكاء الاصطناعي لتزييف طلاقته في إعلان باللغة الإسبانية، نشر مقطع فيديو يظهره وهو يتعثر مرارا وتكرارا في النطق. وأجرى ممداني سلسلة من المقابلات المصورة مع ناخبي ترامب في كوينز". 

وأورد المقال نفسه، أنّ ممداني صوّر نفسه في موعد وهمي يطلب من المؤيدين التسجيل كديمقراطيين قبل الموعد النهائي لعيد الحب. وكانت مهارة هذا المشرع للولاية، الذي شغل المنصب لثلاث فترات، في صياغة إعلانات إعلامية رقمية سريعة وفعالة ورخيصة نسبيا، عاملا أساسيا في تحفيز الناخبين الشباب الذين يستهلكون الأخبار وينخرطون في الخطاب السياسي على مواقع التواصل الاجتماعي والذين حضروا بأعداد قياسية بشكل حقق لممداني فوزه في يوم الانتخابات التمهيدية. 

ونقلت المجلة عن الخبير الإستراتيجي الديمقراطي، جون بول لوبو، قوله إنّ: "جزءا من فعالية هذه الفيديوهات يعود إلى تفاعله مع الناس بصدق. لا يكفي أن يكون لديك حضور على الإنترنت لمدة 15 عاما، بل يجب أن تتمتع بالتعاطف والدفء النابعان من ذلك التواصل المباشر لأن الكاميرا تلتقطه".

اظهار أخبار متعلقة


ويقول أندرو إبستاين، المدير الإبداعي للحملة، إن وجود رسالة تلقى صدى لدى الناخبين كان أمرا أساسيا أيضا، مضيفا أنّ: "حيويته ومهارته في التواصل، تدخلك إلى عالم الشهرة. لكن الأمر يتعلق أيضا بما يقوله بالفعل". 

وتعتقد المجلة أن موهبة ممداني الخاصة في الانتشار الواسع تنبع أيضا من ارتياحه الفطري لوسائل التواصل الاجتماعي. فملفه الرقمي ليس واسعا كغيره من السياسيين ويعود تاريخ معظم حساباته الحالية على وسائل التواصل الاجتماعي إلى ما قبل انتخابه لمنصب الولاية في عام 2020 بفترة وجيزة.  وفي مرحلة ما، غير ممداني حسابه على تويتر، على الرغم من أن المنشورات الموجودة على حسابه الحالي تعود إلى عام 2011، عندما كان عمره 19 عاما. 

وأظهر استعراض "بوليتيكو" لمنشورات ممداني عبر العديد من المنصات شخصية رقمية تتميز بتطور السياسات اليسارية، وإن كانت ثابتة، والتي يعود تاريخها إلى سنوات المراهقة للمرشح المبتدئ. بين النكات على تويتر والترويج لموسيقى الراب الخاصة به باسم السيد كارداموم، فإن بصمته على الإنترنت ترسم مسار نشأة سياسي اشتراكي متشدد، أصبحت رسائله حول قضايا مثل الشرطة ودولة الاحتلال الإسرائيلي والرأسمالية الآن تحت المجهر. 

خلال الانتخابات التمهيدية، أنفقت لجنة العمل السياسي المؤيدة لكومو، "إصلاح المدينة"، 22.4 مليون دولار لدعم كومو ومهاجمة ممداني، وفقا لأحدث الأرقام الصادرة عن مجلس تمويل الحملات الانتخابية في المدينة.ونشرت هذه اللجنة رسائل بريدية وإعلانات أعادت نشر مقاطع صحافية من السباق الانتخابي، بالإضافة إلى منشورات لممداني على مواقع التواصل الاجتماعي عقب انتخابه عام 2020 لعضوية مجلس الولاية. 

وقال إبستاين، المدير الإبداعي لحملة ممداني، إنّ: "الحملة تمكنت من الوصول إلى أعداد هائلة من الناخبين بتكلفة زهيدة جدا مقارنة بتكلفة البث، حيث تبلغ تكلفة تصوير الفيديو عادة بضعة آلاف. وفي الشهر الذي سبق الانتخابات التمهيدية، تمت مشاهدة محتوى ممداني على إنستغرام 236 مليون مرة، ولم يكن 62% من هؤلاء المشاهدين يتابعونه سابقا. وفي الآونة الأخيرة، بدأت وسائل الإعلام الإخبارية اليمينية والمؤثرون في متابعة ما انتهت إليه حملة: أصلح المدينة".

 وأثارت مقابلة أُجريت عام 2020 مع برنامج "ذا فار ليفت شو" إلى ظهور تقارير متعددة في صحيفة "نيويورك بوست "وغيرها من وسائل الإعلام. وفيها قال ممداني للمذيعين إن "إلغاء الملكية الخاصة" سيكون أفضل من أزمة السكن الحالية، وعندما سئل عما إذا كانت السجون قد عفا عليها الزمن، أجاب: "ما الغرض منها؟". 

وقال المستشار الديمقراطي: "هذه الأمور لا تتعارض مع الرسالة. فالمواد السلبية لا تكون مفيدة أو قيمة إلا إذا أحدثت تأثيرا إيجابيا لدى الأشخاص المعنيين". لكن القصص كهذه قد تحدث أثرا على المستوى الوطني، فقد لجأت اللجنة الوطنية الجمهورية للكونغرس، وهي الهيئة التي تستعد للدفاع عن هوامش الحزب الضئيلة في مجلس النواب إلى وصف المرشح الديمقراطي المفترض بأنه "راديكالي اشتراكي معادٍ للسامية" في الوقت الذي كان فيه كومو يقر بالهزيمة في السباق في 24 حزيران/ يونيو".

اظهار أخبار متعلقة


ومع ذلك فإنّ الظهور الوطني قد يكون له أثر باتجاهين. ويبدو أن ممداني وسع نفوذه بسرعة خارج الأحياء الخمسة. فقد سافر متطوعان على الأقل من الخارج خلال الانتخابات التمهيدية للترويج لحملته. وفي أحدث حملة جمع تبرعات لممداني، وعلى عكس المساهمات المحلية الصغيرة التي غذت حملته الانتخابية، جاء ما يقرب من نصف ثروته المفاجئة من متبرعين من خارج المدينة. 

ووفقا للحملة، قفز عدد متابعي ممداني على إنستغرام من أقل من 20 ألفا قبل بدء حملته إلى ما يقرب من 4 ملايين في أعقاب فوزه. وقال أوسيه، عضو البرلمان في المدينة، وهو في العشرينيات من عمره، إن فوائد البراعة الإلكترونية تفوق سلبياتها المحتملة. إذ يتاح للمرشحين بناء شخصياتهم الإلكترونية الخاصة بدلا من أن يصورهم الصحافيون في وسائل الإعلام التقليدية. كما أن الناخبين الأصغر سنا الذين لديهم حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي هم أكثر تساهلا مع المنشورات السابقة التي قد لا تفيد.
التعليقات (0)