هل تقضي حرب "الذكاء الاصطناعي" على موارد الطاقة في العالم؟.. نخبرك ما نعرفه

على غرار حرب الفضاء بين أمريكا والاتحاد السوفييتي في الخمسينات والستينات، والتي انتهت "عمليا" حين وطئ رائد الفضاء الأمريكي نيل أرمسترونغ سطح القمر، تخوض الولايات المتحدة الأمريكية مع الصين حربا في الفضاء الإلكتروني، للوصول إلى أفضل خوارزمية ذكاء اصطناعي توليدي، ولا يبدو أنها ستضع أوزارها قريبا.

ما الذي حدث؟

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارة إلى بنسلفانيا الثلاثاء عن استثمارات ضخمة بقيمة 92 مليار دولار تعتزم شركات خاصة ضخّها في قطاعات الطاقة والبنى التحتية بهدف تلبية طلب الشركات التكنولوجية الكبرى المتزايد على الكهرباء لمواكبة صعود الذكاء الاصطناعي.

ما اللافت في الأمر؟

تثير الاستثمارات الضخمة بشأن الذكاء الاصطناعي، تساؤلات بشأن الطاقة، كون حواسيب الذكاء الاصطناعي تستهلك الكثير من الكهرباء، وعليه فإنه في المجمل، ستضخّ الشركات المعنيّة في مشاريع مراكز البيانات (36 مليار دولار) فقط بينما مواقع توليد الطاقة سيخصص لها (56 مليار دولار).

اظهار أخبار متعلقة

وأعلنت غوغل عن استثمار 25 مليار دولار لبناء مراكز بيانات وبنى تحتية للذكاء الاصطناعي، إلى جانب 3 مليارات دولار لتحديث محطتين لتوليد الطاقة الكهرمائية في ولاية بنسلفانيا.

كم يستهلك الذكاء الاصطناعي؟

◼ يتطلب الذكاء الاصطناعي التوليدي عمليات حاسوبية كثيفة ومعقدة، ما يفرض ضغطًا كبيرًا على البنى التحتية الكهربائية في الولايات المتحدة، ويتوقع أن تحتاج الشركات الأمريكية حتى عام 2028 إلى خمسة غيغاواط من الطاقة، أي ما يكفي لتزويد خمسة ملايين مشترك بالكهرباء.

◼ تستهلك مراكز البيانات التي تمثل البنية التحتية للذكاء الاصطناعي حاليا 1.5% من احتياجات الكهرباء العالمية، ويتوقع أن تمثل 3% بحلول عام 2030.

◼ زادت الرقائق الجديدة من شركة "إنفيديا" العملاقة في صناعة الشرائح المستخدمة في الذكاء الاصطناعي، استهلاك الطاقة في حامل الخوادم بأكثر من 100 مرة مقارنة بما كان عليه قبل 20 عاما.

ما رأي مطور ChatGPT؟

في معرض حديثه عن موضوع آخر، وهو استخدام اللغة المؤدبة مع نماذج الذكاء الاصطناعي، ذهب الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI إلى زاوية أخرى تترتب على "الأدب" وهي مصروف غير ضروري من الطاقة.

الموضوع بالنسبة لألتمان هو اقتصادي بحت، لا يعتمد على المشاعر بقدر ما يعتمد على الأرقام والحسابات، حيث أشار مازحا على أحد المستخدمين على شبكة "إكس" عندما سأل عن تكلفة الأدب مع نماذج الذكاء الاصطناعي، وكم تتكبد الشركة من المال عندما نقول لـ ChatGPT، "من فضلك" و"شكرا" ويضطر للإجابة عليها، قائلا إن الأمر يكلف الشركة ملايين الدولارات.



يعود الأمر إلى أن نماذج الذكاء الاصطناعي تستهلك كما كبيرا من الطاقة، وتكلف الردود والكلمات مع الروبوت طاقة أكبر من غيره.

ووفقا لغولدمان ساكس، يستهلك كل استعلام من المستخدم لنموذج الذكاء الاصطناعي ChatGPT-4 حوالي 10 أضعاف الكهرباء التي يستهلكها محرك بحث "غوغل" للإجابة على نفس الاستعلام.

كما تستخدم شركة OpenAI الماء لتبريد الخوادم التي تُولّد البيانات. وأشارت دراسة من جامعة كاليفورنيا - ريفرسايد، إلى أن استخدام GPT-4 لتوليد 100 كلمة يستهلك ما يصل إلى ثلاث زجاجات من الماء، ويمكن أن تستهلك عبارة "على الرحب والسعة" حوالي 1.5 أونصة من الماء.

ماذا تفعل الشركات حاليا لتوفير الطاقة؟

يقول الأستاذ في جامعة ميشيغان مشرّف شودري "هناك طرق عدة لمعالجة هذه المشكلة". 

ويضيف "يمكن زيادة مصادر الطاقة"، وهو مسار تتبعه أيضا شركات الذكاء الاصطناعي الرائدة، "أو تقليل الطلب" على الكهرباء بالقدرة نفسها.

بالنسبة للأكاديميين، يمكن إيجاد حلول "ذكية" على مختلف مستويات سلسلة الذكاء الاصطناعي، من المعدات المادية إلى الخوارزميات.

اظهار أخبار متعلقة

وبحسب غاريث ويليامز من شركة "أروب" الاستشارية، تُمثل الطاقة اللازمة لصيانة مركز بيانات حاليا 10% من استهلاك الخوادم نفسها، مقارنة بنسبة 100% قبل 20 عاما.

يُعزى هذا الانخفاض، من بين أمور أخرى، إلى الاستخدام الواسع النطاق للتبريد السائل الذي يحل محل التهوية التقليدية التي تتضمن حتى تدوير السوائل مباشرةً عبر الخوادم.

ويُمكن للسائل أن يصل إلى درجات حرارة أعلى بكثير من ذي قبل، وفق غاريث ويليامز، ولكن هذا يُسهّل في المقابل التبريد عند ملامسة الهواء الخارجي، نظرا لاختلاف درجة الحرارة.

في أوائل تموز/يوليو، كشفت "أمازون" عن نظام تبريد سائل جديد يُسمى "اي ار اتش اكس" IRHX يُمكن تركيبه في مركز بيانات من دون الحاجة إلى دمجه في البنية الأساسية.

ومن التطورات الأخرى، تجهيز مراكز البيانات بأجهزة استشعار مدعومة بالذكاء الاصطناعي لمراقبة درجة الحرارة، لتحسين استهلاك المياه والكهرباء.

الخلاصة

استخدم نماذج الذكاء الاصطناعي عندما تحتاج فقط، ولا تجلس معه لـ"تفضفض"، ابحث عن صديق حقيقي لا يعمل بالكهرباء، من باب المسؤولية المشتركة التي تقع علينا كبشر في الحفاظ على الطاقة وموارد الماء على الكوكب.